-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 29-04-2018 09:45 AM     عدد المشاهدات 3423    | عدد التعليقات 0

أبو جامع يتمرد على إعاقته ويسطر بطولاته الرياضية بحروف الأمل

الهاشمية نيوز - سطر البطل أسامة أبو جامع (27 عاما) حكايته مع الإعاقة بحروف تشيع أملا وتحديا. راهن على إحساسه بأنه ورغم المعاناة وكثرة المعوقات التي تعترض طريقه، فانه قادر على أن يكون حاضرا بتميزه وإيمانه القوي وبإمكاناته الكبيرة التي أوجدت عنده روح التمرد.
استطاع أن يحول وجعه إلى لحظة فرح وابداع ينتصر فيها على نفسه أولا، ومن ثم على أولئك الذين خجلوا منه واستخفوا بقدرته على مواصلة أحلامه، معتبرين أن حياته توقفت عند ذلك الحد وأصبح من الصعب عليه أن يعيش الحياة بشكل طبيعي كغيره.
حقق أسامة إنجازا كبيرا بأن يكون اللاعب العربي الوحيد في آسيا الذي تأهل من فئة الرجال في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 للعبة تنس الطاولة، فضلا عن مشاركته في سبع وعشرين بطولة دولية منها بطولتان على مستوى العالم، وبطولات محلية.
أسامة كانت حياته عادية جدا، ليس فيها ما يثير استغراب الآخرين أو حتى ما يدعوه لأن يظهر الجانب الآخر من شخصيته بما فيها من قوة وإرادة جعلتا منه بعد ذلك بطلا عالميا تتصدر إنجازاته المراتب الأولى في لعبة تنس الطاولة. إذ يجد أن السعادة التي يعيشها اليوم نابعة من قدرته على قطف ثمار كل ما عاناه في السابق.
الحياة خبأت لـ أسامة الكثير من المفاجآت المتعبة، إذ كان تعرض لحادث مؤلم كان بمثابة الكابوس، لم يستطع أن يستوعبه أو حتى أن يتخلص من تأثيره على نفسيته في بادئ الأمر، وكان سقوطه من الطابق الرابع في عمر الأربعة عشر وإصابته بالشلل للأبد نقطة تحول بحياته.
يقول أسامة بأنه عزم على أن يغير من نفسه وأن يسترجع تلك المرحلة التي سبقت الحادث بحلوها ومرها ليكون على الأقل قادرا على التفكير جديا بمستقبله، وبضرورة أن يمتلك هدفا خاصا به يبرز من خلاله قوته واصراره على استغلال كل الطاقات الكامنة في داخله، والتي لم يكن يوليها أبدا قبل ذلك أي اهتمام.
انتقاله من حياة كلها حركة ونشاط واستقلالية إلى حياة فرضت عليه الجلوس على كرسي متحرك بقية عمره كان فيها الكثير من القيود الاجتماعية والنفسية، كل ذلك جعله يختبر شعور الغربة لكنه لم يلغ رغبته في مواصلة دراسته مقررا التحرر من تلك العبثية التي كانت تسيطر عليه في الماضي.
ويضيف أحيانا الرغبة وحدها لا تكفي، لأنها تحتاج إلى عناصر أخرى كي تتحقق وتصبح واقعا ملموسا، مثل المساندة من المحيطين، وأن يغدو الشخص متميزا ويتساوى مع غيره بالحقوق ويتباهى بإنجازاته أمام العالم.
يقول أسامة إن قراره بالعودة إلى المدرسة لم يلق استحسانا لدى مدير المدرسة بل وأكثر من ذلك فقد رفض أن يتعاون معه عندما طلب منه أن يكون صفه في الطابق الأرضي ليستطيع التنقل بسهولة، الأمر الذي أحبطه كثيرا وجعله يستسلم مؤقتا للعزلة.
خيبات متتالية عصفت بأسامة سجنته داخل إعاقته التي كانت سببا رئيسيا في ابتعاد أصدقائه عنه وانسحابهم من حياته حتى بات يشعر أنه عبئ ثقيل على كل من حوله حتى على عائلته. إحساسه بذلك الشعور والتهرب من مواجهة مجتمع ما يزال يدين المختلف ويحكم عليه مسبقا كلها أسباب أدت به إلى البقاء في البيت مدة ثلاث سنوات.
وبعد فترة طويلة عانى فيها أسامة من التهميش والوحدة شاء القدر أن يبتسم له ويمنحه الفرصة لكي يستعيد حقه في أن يكون كما يريد شخصا مهما لديه القدرة الكاملة على أن ينجز ويتحدى المستحيل بإعاقته.
دخوله إلى النادي الرياضي والمتخصص بتدريب ذوي الإعاقة كان خطوة أولى مهدت له طريق البطولة، ومكنته من اكتشاف نفسه والوصول إلى قناعة مفادها أن الآلام أكبر محفز على إمدادنا بالأمل وأن الإنجازات ما كان لها أن تكون لولا المثابرة والصبر والتصميم.
يبين أن للإعاقة مفهوما جديدا يرتكز في أساسه على احترام الشخص لإمكاناته ولشعلة التفاؤل تلك التي يحملها في داخله ليكون جديرا بالحياة يتساوى مع غيره بحقه كإنسان بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.
ويرى أسامة أن تميزه في لعبة تنس الطاولة وقراره بأن يكون أحد الأشخاص الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية تغيير الواقع من حولهم وتحقيق كل ما يعتبره الآخرون مستحيلا هو ما دفعه إلى العودة إلى المدرسة ومواصلة دراسته. وعن هذه المرحلة بالذات يقول أسامة إن رجوعه إلى المدرسة بعد الانقطاع الكبير كان له تأثير كبير على شخصيته، إذ جعله ذلك أكثر صبرا وتحملا زاد من إصراره على الحلم.
لم تقف الصعوبات الدراسية عند هذا الحد وفق أسامة، بل تخطته ليصبح الوضع المادي الصعب لأسرته بعد ذلك هو التحدي الجديد الذي عليه أن يواجهه بشيء من القوة والتفهم، فما كان أمامه إلا أن يتوقف عن دراسة التوجيهي ويتجه إلى العمل لجمع مبلغ من المال يستطيع من خلاله أخذ دروس خصوصية. ويقول عملت لمدة سنة كاملة في مهنة كانت صعبة جدا لكنني اجتزت تلك المرحلة بنجاح كلل بحصولي على معدل ثلاثة وتسعين.
وعن إنجازاته الرياضية يقول الإمكانات المادية المحدودة وقلة الدعم أسباب لم تمنعه من أن يكون اللاعب العربي الوحيد في آسيا الذي تأهل من فئة الرجال في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 للعبة تنس الطاولة.
كما حصد ذهبية فرق في بطولة ايطاليا الدولية، وذهبيتين في بطولة سلوفينيا فردي وفرق. وبرونزية فردي في سلوفاكيا، 12 ذهبية في البطولة الوطنية الدولية فردي وفرق، ثلاث ذهبيات في بطولة آسيا للشباب اليابان، المركز العاشر في بطولة العالم الأخيرة في الصين، والمركز تاسع في اولمبياد ريو من ضمن أول 24 عالميا، والرابع على آسيا لفئة الرجال وبطل العرب وبطل الأردن على مدى 10 سنوات وغيرها من المشاركات الدولية العديدة.
ويؤكد أسامة أن تمسكه بأهدافه والمحاربة من أجلها لكي تصبح حقيقة كان سبيله الوحيد للخروج من العجز وسلبية تلك النظرة بأن الإعاقة تلغي معها القدرة على خلق الأمل.
ويجد أسامة أن السعادة التي يعيشها اليوم نابعة من قدرته على قطف ثمار كل ما عاناه في السابق وخاصة بعد تخرجه من الجامعة بمعدل 3.4 تخصص علم حاسوب وحصوله على وظيفة في إحدى الشركات الكبرى، والمهيأة بيئيا، مبينا أنه قادر على التنقل داخلها بحرية الأمر الذي يشعره باستقلاليته ويرفع من كفاءته ويعطيه حافزا أكبر لكي يبدع ويرتقي بنفسه عن كل الأفكار السلبية التي قد تراوده وتعيق من تقدمه.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :