تاريخ النشر - 10-07-2024 09:18 AM عدد المشاهدات 1 | عدد التعليقات 0
(وهم المثالية): كيف يؤثر مشاهير السوشال ميديا في حياة المراهقين؟
الهاشمية نيوز - واجه علي عبد الرحمن (17 عاما) تحديا كبيرا، حينما انصاع وراء ما يشاهده عبر منصات السوشال ميديا، وقرر أن يجرب بعضا مما يفعله الآخرون. لاحظ أن العديد من اليافعين ممن هم في عمره يأخذون سيارات ذويهم ويقودونها بسرعة مفرطة، بينما يلتقطون مقاطع فيديو "ريلز" لأغاني "تريند" وينشرونها على حساباتهم على مواقع التواصل، سعيا وراء الشهرة وحصد المتابعين.
لم يدرك المخاطر التي قد تلحق به عندما قرر تقليدهم من دون علم والديه. وفي أحد الأيام، قام بقيادة سيارة عائلته، فقد السيطرة واصطدم برصيف شارعهم، مما أحدث ضرراً كبيراً للسيارة وتسبب بمخالفة مرورية وخلافات لم تنته حتى الآن مع والديه. ذلك الموقف جعله يدرك خطورة تقليد الآخرين من دون تفكير أو وعي بالعواقب.
يعترف أنه كان مولعا بمشاهير الإنترنت الذين يروجون لحياة التمرد وعدم الامتثال للقانون. لكن تأثره كان من مقاطع الفيديو التي كان ينشرها هؤلاء المشاهير، وأن ما يفعله هو وسيلة جيدة للتعبير عن الذات واكتساب الشهرة.
في خضم ما ينشر من حياة البذخ والترف للمشاهير، وقعت سارة (16 عاما) ضحية لتأثير سلبي عميق لهذه الظاهرة ممن ينشرون حياة الرفاهية والتباهي بالثروة، وكانت تتمنى أن تعيش نمط الحياة ذاته وترتدي الملابس الفاخرة وتمتلك الأجهزة التكنولوجية الحديثة التي يمتلكها هؤلاء المشاهير.
سرعان ما تحولت رغبة سارة في تقليد حياة المشاهير إلى هاجس لا يفارقها، وشعرت بضغط كبير لتحقيق هذه الحياة التي تشاهدها. بدأت باستخدام بطاقات ائتمان والديها من دون علمهما، لشراء حاجيات تتباهى بها أمام الآخرين، مما أدى إلى نشوب خلافات حادة بينها وبين والديها لتشعر بالذنب والندم على ما فعلته وعلى أزمة الثقة التي تسببت بها مع عائلتها.
في العصر الرقمي، باتت مواقع التواصل الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من حياة العديد من الناس، خاصة فئة المراهقين الذين يقضون ساعات طويلة يتابعون محتوى ينشره المشاهير على هذه المنصات، هذا الأمر يعرضهم بشكل كبير لتأثيرات سلبية وتقليد سلوكيات خاطئة وغير مقبولة تنعكس على تصرفاتهم مع العائلة والمحيط.
يدعو مختصون لأهمية توعية المراهقين بخطورة التأثر السلبي لمشاهير "السوشال ميديا"، خصوصا بسلوكيات غير مسؤولة والتشجيع على الاقتداء بنماذج إيجابية تطور مهاراتهم وتلهمهم نحو تحقيق النجاح حاضرا ومستقبلا.
ويلعب الآباء دورا أساسيا في توجيه المراهقين والتحدث معهم عن التأثيرات الخطرة من اعتبار المشاهير أشبه بالمثل الأعلى والقدوة، والعمل على تعزيز ثقتهم بأنفسهم ببناء الذات وتطويرها، بعيدا عن التقليد الذي يغير من نمط حياتهم.
وتعد ظاهرة التقليد سلوكاً شائعاً بين المراهقين، وعندما يتعلق الأمر بشخصيات مشهورة على مواقع التواصل الاجتماعي، يزداد التأثير، حسب رأي خبراء علم النفس؛ حيث تدفع جاذبية المشاهير وقدرتهم على التأثير على عقول المراهقين، إلى تقليد تصرفاتهم بشكل غير واع.
تعترف لينا (16 عاماً) بتأثرها بمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تقضي ساعات طويلة يومياً في تصفح حساباتهم، ومشاهدة صور وفيديوهات عن تفاصيل حياتهم كافة، ذلك الأمر أشعرها في وقت من الأوقات أنها لا تعيش الحياة التي تستحقها، وأنها تتمنى أن تعيش جزءا من حياة من تتابعهم.
لكنها مع الوقت أدركت أن تلك الحياة التي تشاهدها عبر المنصات قد تكون "زائفة" في جزء كبير منها، وهدفها حصد الإعجابات من المتابعين، وأن تأثرها الزائد والمقارنة لم تكن في مكانها، فقد حظيت بعائلة مثالية، وعليها أن تكون ممتنة لذلك.
تؤكد المرشدة النفسية والتربوية رائدة الكيلاني، أن هذه القصص تعكس بوضوح التأثير السلبي الذي يتسبب به مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي على المراهقين؛ حيث يتعرضون لضغوطات كبيرة تدفعهم إلى تقليد سلوكيات غير مسؤولة، سعيا وراء تحقيق حياة لا تشبه حياتهم.
لذا من الضرورة توعية المراهقين بمخاطر هذا التأثير السلبي، ودعمهم من قبل الأسرة والمدرسة لمساعدتهم على التمييز بين الواقع والخيال، واتخاذ قرارات تعكس شخصياتهم الحقيقية وليست مستوحاة من نماذج سلبية على الإنترنت.
وتبين أن بعض المراهقين ومن كثرة ما يشاهدون على السوشال ميديا من حياة بذخ ومال وشهرة ورفاهية وحتى حياة متمردة فإنهم حتما يتأثرون، مما يخلق شعورا بالغيرة وغياب الرضا.
انغماس المراهقين في حياة المشاهير على السوشال ميديا يؤثر على التحصيل الدراسي من خلال قضاء وقت طويل في المتابعة والتقليد إلى تراجع في التحصيل. الى ذلك، مشاكل صحية عند تقليد سلوكيات خاطئة، مثل التدخين والوقوع في مشاكل غير قانونية وتقليد التصرفات المتمردة.
اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي، يؤكد أهمية أن تلعب الأسرة والمدرسة دورا فعالا في توعية المراهقين حول مخاطر تقليد المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعزيز قيم التفكير النقدي والمسؤولية، وتقديم نماذج إيجابية يمكنهم الاقتداء بها.
تأثير مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي أمر لا يمكن تجاهله، وفق خزاعي، إذ يمتلك هؤلاء المشاهير قدرة التغيير على سلوكيات بعض المتابعين، خاصة المراهقين، ويبقى الأهم تقديم الدعم والحماية لهم من مخاطر تقليد السلوكيات غير المسؤولة، ومساعدتهم على بناء شخصياتهم المستقلة، الواثقة، والمسؤولة.