-

كتابنا

تاريخ النشر - 06-03-2023 09:51 AM     عدد المشاهدات 244    | عدد التعليقات 0

شارع الجيعانين

الهاشمية نيوز -
فارس الحباشنة

في عمان ينعت شارع المدينة المنورة ب»شارع الجيعانين» ، وفي عمان ولد شارعان جديدان ينافسان الشوارع الكلاسيكية للمطاعم ، وهما شارعي الحرية في ابو علندا وشارع المنهل في الجبيهة.
فورة المطاعم مؤشر على اقبال الاردنيين الشره والمفرط على الاكل والشراب.. وصارت عمان تعرف اليوم بالمطاعم، والشوارع نسي الاردنيون اسماءها، وتسأل عن المنطقة والشارع تستدل باسم مطعم فلان وعلان.
و تغزو المطاعم حياة الناس، وفيما يتنافس الناس بدلال ورخاوة على ارتياد المطاعم.
و لست ضد المطاعم، ولكني اسجل هنا اعتراضا على نمط استهلاكي، واسجل اعتراضا على نمط غذائي غير صحي، واسجل اعتراضا على مدينة صغرت اكتافها ووحي تاريخها وتراثها وراهنها للتحول الى عنوان واسم مطعم.
عمان ليست سلسلة لشوارع مطاعم، وعمان ليست مطاعم شاورما وهمبرغر وفلافل، ومنسف وقدرة ومسخن.. في عمان مسارح ودور وبيوت ثقافية، وفي عمان منتديات وروابط ثقافية وفكرية.
و في جبل عمان مؤسسة عبدالحميد شومان، وسمعت زائر اجنبيا يسأل مواطن عن المؤسسة اين تقع ؟ اجابه المواطن بالقرب من المطعم الفلاني، وعلى مسافة ابعد من الكافي شوب الفلاني.
مؤسسة عبدالحميد شومان عمرها نصف قرن، واستضافت سياسيين وفنانيين وشعراء و مثقفين اردنيين وعربا، واحتضنت فعاليات كبرى في السياسية والثقافة والفن، وتعجز عن الاستدلال الجغرافي عنها دون الاستعانة بمطعم او كافي شوب قريب.
في مؤسسة عبدالحميد شومان مكتبة تضم على رفوفها امهات الكتب والمراجع العربية.. ومكتبة يزورها يوميا الاف الباحثين والدراسين والطلاب، وتنافس مكتبتي الجامعة الاردنية وامانة عمان الكبرى.
نغضب ونسخر عندما ينزل مذيع الى الشارع ويسأل الشباب والمراهقين عن البترا ولا يعرفونها، ويسألهم عن عاصمة لبنان وسورية وتاريخ استقلال الاردن، ولا يعرفون الاجابة.
و فيما يمتزج بالفضيحة اردنيا ، فان الانسان يأكل لكي يعيش وليس يعيش لكي يأكل.
في الحديث عن عمان «مدينة المطاعم « ثمة شيء يتخلط بالخيبة والتعاسة. وكلما حلت لعنة على قوم فكروا في امعدتهم وبطونهم.
و ما يتوارد من عالم المطاعم وفورتها يقول ان صحة الاردنيين في خطر.. ولا يصدق ان الاردنيين يستهلكون يوميا مليوني سندويشة شاورما ومليوني صحن كنافة.
في وقت الازمات والمحن الاقتصادية والمعيشية تشتد الضرورة لنهج الاكتفاء الذاتي والاستحقاق، والتزام في ثقافة التعفف والزهد، واردنيا يحدث العكس تماما، وحيث تشحذ نزعة الجشع والاستهلاك الفارط.
سوف اغادر الكلام عن مطاعم عمان، واقفل الحديث هنا، وانا مشحون بالخوف والقلق على روح وطن، وهوية مدينة، وازمة مجتمع.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :