-

كتابنا

تاريخ النشر - 13-02-2023 10:36 AM     عدد المشاهدات 312    | عدد التعليقات 0

جمرة تشتعل في دماغي

الهاشمية نيوز - عماد مدانات
ليرفع أحدهم لافتة الحَذَر، لتشتعل ساحات المتنزهين بصراخ سيارة الإسعاف، ليحتج الحمام بأجنحته الناصعة على وساخة الهواء، ولتصرخ الحبالى في الشبابيك المجاورة، حيث المواليد بلا أطراف، والأطباء عابسون،
الجنود واثقون بالهزائم، لأن الرصاص لم يعد نظيفاً كما كان!
وبَحَار ثمل يقرأ أحوال الطقس في قاعة الطعام
ويدي تكش الذباب بدفتر الإملاء!
المخبرون سكارى، وها هم يتسلقون الأشجار كالسناجب ليسجلوا ذكرياتهم في الهواء عن الشظايا، والجثث الغارقة بالنشيد أسفل النهر!
مَن يكترث!
امرأة واحدة كانت عارية من كل خوف ظهرت فجأة من بقايا الركام، تسير منذ الصباح نحو الجهات، تحمل قبعة باهتة وزوادة واسعة كانت تتأرج في يدها الشمال، ربما كانت تحمل خبزاً وقنينة خمر، أو خوفاً مالحاً على شكل قلب أو ثلجاً مطحوناً بعفن القطارات، لا فرق! تغني لحناً واحداً غريباً، تركض، ثم تطير فجأة كقميص ممزق في الريح، وتقترب من شخص مجهول كان ينتظرها على حافة الشط الذي بدا كشباك كبير مضاء، نصفه مغلق في الجهة الثانية!
حين صحوت وجدت قطة سوداء على طرف الفراش تلعق أصابع قدمي وتهر كحصان المدبغة!
***
أعترف أن جمرة تشتعل في دماغي منذ صحوت، وأن الكوابيس تتسلل كالثعالب من تحت الغطاء كل ليلة، تواسي وحشتي، وتطرد عن جثتي براغيث الظلام، وهي تحتفل مع عناصر الركام أسفل الحلم.
دائماً ثمة كابوس يباغتني، يحشر أنفاسي ببالوعة الخوف ويمزق صدري في غرفة العمليات.
وثمة أحلام طازجة تنفلت مرة واحدة، لمجرد سقوط أجفاني في محبرة المساء
وأنا هرمت ولم أعد متفرغاً للدفن ومراسيم العزاء!
***
هل كنت من باب الرزانة مهيأً لتوزيع الابتسامة على الجنود الذين مروا مسرعين نحو المجزرة، هل كان وقوفي الطويل وأنا أعدهم مدعاة لفخر الأحفاد بعد حين!
هل كنت حينها ألُم بكائهم بحفنة التحسر بمحض الألم وسترة النجاة!
هل كنت شاهداً على موت الخيول في أقفاصها المعتمة!
حين أتذكر
أحتاج إلى انشطار يفصلني عن اللحظة الواقفة
أحتاج إلى كهرباء تعيد ترتيب العناصر في جسدي لتنشط الذاكرة
أحتاج كثيراً إلى أصابع فولاذ تحك جلدي من أعلى رأسي حتى أصابع قدمي لأختبر أنفاسي إن كانت تعود لي أم لحجر في الجوار..!
أحتاج إلى غابة من الخشب لأشعل النار وأحترق
أحتاج إلى معنى لهذا الخراب!
أحتاج...
وأحتاااج...
مَن يدلني!






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :