-

كتابنا

تاريخ النشر - 07-02-2023 02:53 PM     عدد المشاهدات 220    | عدد التعليقات 0

صيدلية البيت وبيت النار ..

الهاشمية نيوز -
بشار جرار

«بيت النار» على غرار الرصاصة الجاهزة للانطلاق أو الإطلاق من المسدس أو الرشاش.. عن هذه القضية الخطرة أتحدث، وقد غفل عنها كثيرون خاصة هنا في الولايات المتحدة، حيث تتصدر دول العالم في الوفيات والإصابات الناجمة عن الرصاص والدواء..
لتوضيح الصورة، أكمل الشطر الأول من عنوان المقالة وهي «صيدلية البيت». جرت العادة أن تحتفظ الأسرة داخل ركن من الثلاجة، أو في إحدى الخزانات المطبخية، أو على «الرف» بكل ما يعتري ظروف الحفظ من شروط لا تصلح لحفظ ما في الأدوية من مواد قد تكون حساسة للحرارة، البرودة، الرطوبة وحتى الضوء.
أذكر أيام زمان، قبل انتشار الوعي الصحي والدوائي بين الناس، احتفاظ الأسرة بشرائط من علبة أدوية وبقايا من سوائل محفوظة في قوارير. المشكلة ليست فقط في ضياع تواريخ صلاحية الدواء أو أسباب استخدامه الرشيد كما أوصى الطبيب والصيدلي، وإنما في انتهاء الصلاحية قطعا بمجرد فتح علبة الدواء. التعرض للهواء وشروط الحفظ غير المضبوطة هي بمثابة أحد أمرين كلاهما خطر صحيا: أما فقدان الدواء لفاعليته وإما انتهاء الصلاحية بكل ما يحمله هذان الاحتمالان من مخاطر.
أما الخطر الأهم والذي تسبب بوباء في أميركا يعرف بوباء مسكنات الآلام الأفيونية «أوبيود إبيديميك»، فهو استخدام من لم توصف لهم العلاجات، أو هم أنفسهم على نحو مفرط، مما يتسبب بنتائج صحية كارثية أخطرها الإدمان..
تنبّهت الأجهزة المختصة في أمريكا لهذه القضية مع ارتفاع مآسي سوء استعمال الأدوية فتحركت على أكثر من مسار هذه أهمها: تسجيل إلكتروني صارم لصرف تلك الأدوية بحيث لا يستطيع أي مريض ولا حتى طبيب تناول حبة واحدة أو ملعقة شراب واحدة دون مبرر علاجي. ولضبط العملية أكثر، تم التدخل عقّاريا بحيث يتم تغليب عناصر الدواء المسكنة للآلام على تلك العناصر التي قد يساء استخدامها من العناصر المخدرة التي تسبب أي شعور غير طبيعي باللذة أو الاسترخاء الشديد. فالمعيار ليس «ذهاب العقل» وإنما قضية إدراكية حسية حركية معقدة لها يعرف رجال إنفاذ القانون (الشرطة والأمن) كيفية كشفها وضبطها. غالبا ما يظن من يقع تحت تأثير الاستخدام السيء أو المفرط لتلك «العقّارات» أنه غير مكشوف وهو في حقيقة الأمر سهل التعرف عليه من خلال مؤشرات كثيرة معظمها لا إرادية، بمعنى غير قابلة للإخفاء.
ولأن كل شيء خاضع للمتابعة والمراقبة والتقييم والتقويم المتواصل، تنبّه المختصون إلى مخاطر أدوية السعال والحساسية التي تباع على الأرفف دون وصفة طبية. فعملت على تنظيم حملات توعوية في المدارس للتنبيه من مخاطر ما يعرف بإساءة استخدام العقاقير. وهي قضية تعنى بمكافحة شاملة لأمراض وأعراض كثيرة من بينها الكآبة والانتحار.
قد يكون من المناسب إعادة النظر في وجود صيدلية المنزل خاصة في ظل وجود أطفال أو يافعين أو حتى كبار سن ممن قد يستخدموا خطأ بعض العقاقير أو المسكنات بما لا يراعي الأعراض الجانبية. ومن المعروف أن ما من دواء إلا وكانت له «سمومه» وأعراضه الجانبية.
كثير من الناس -للأسف- يتهاونون مع المسكنات ناهيك عن أولئك الذي يظنون في أنفسهم القدرة على الاستطباب الذاتي أو التداوي عن بعد! كم من الناس استسهل التعامل مع الصداع والإرهاق والأرق بحبوب تبدو آمنة، لكنها في نهاية المطاف مدمرة للمناعة، وفي منزلقات قد تؤدي إلى مهاوي الإدمان.
في ظل تقدم الخدمات الصحية وتوفرها، لا مبرر من «صيدلية البيت» فبعض محتوياتها بمثابة طلقات في «بيت النار»..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :