-

كتابنا

تاريخ النشر - 15-11-2022 09:56 AM     عدد المشاهدات 281    | عدد التعليقات 0

رياح التغيير

الهاشمية نيوز - ممدوح مرجي الغليلات

عندما تهبُّ في دواخلنا رياح ترغمنا على تغيير ما خمد على تفكيرنا من شواهد ظهرت على أفعالنا، فيجب علينا الانصياع إليها بكل هدوء وسكينة؛ لأنها أُرسِلت بقدر سَيُلحق بسلبياتنا الضرر والإزالة.
نفحات تَهبُّ بين حين وآخر، لكنها لا تستقر إلا بمن أَعارها الانتباه والانصياع لِهَمسها في آذاننا.
أحياناً نُصاب بالعمى الفكريّ أو الصَمَمَ الفكريّ أو كلاهما؛ وهذا عائد إلى حشوات ضارة في أفكارنا وأجسادنا.
لا يمكن أن يستقر النقاء على شقاء، ولا يمكن أن تجلس قطرة فِهم على حرارة ذنب، ولا يمكن أن تتوسع مداركنا الفكرية إذا سجنّاها في قضبان الانفلات الأخلاقي.
إذاً التقدم للأمم يأتي من نقاء الفرد أولاً ليُرسِل إلى الآخرين أنواره الساطعة التي تُزَلزِل وتَمحو ظُلماتٍ قد حلّت على البصائِر والأسماع قبل الطرقات.
التقدم ليس صعباً ولا مرعباً، لكنه حُفّ بالشهوات والانتكاسات الفكرية التي تجلبها الشهوات.
كل نجاح وتقدم له أسرار خفيّة قد كُلِّفت لكي تُسهّل لك الازدهار، لكنها أيضاً عليها أخطار محدّقة وهي نفسك، وطيشك، وهربك من السلام الداخلي.
مرتكزات في هذا الكون هي بمثابة النجوم التي تُنير للسالكين طرقاتهم، لكن اللبيب من يتعرف على ذلك الناموس الجميل.
لا تكترث لما أصابك من إخفاق في أكثر من موقع، فهذا من مُحفّزات التقدم لك؛ لأن النجاح يكون ألذ وأجمل.
لِبناء الذّات عليك أن تبني صُروحاً عالية من الثقافة والفهم والسلام الداخلي؛ لأنك إذا لم تكن متحرراً من داخلك ستكون عبداً في خارجك.
البناء لا يمكن أن يُبنى بأحد غيرك ومن المستحيل أن يُعرف ما يخصك من غيرك، فهذا ضرب من الجنون إذا أَوْكَلْتَ مهمة بنائك لغيرك، لا بل انتحارٌ على أبواب الهَدم الداخلي لك.
لماذا الانصياع لأمور سَتهْدِم أعمدة البناء لك! وأنت تعلم أنها أزاميل تَنهش في جسد التحصينات لديك.
لا تعرف أنك تشبه لحد كبير الكرة الأرضية، فهي كما لها موازين ونواميس ودلائل وتحصينات، لكنها تتعرض للهدم في بنائها من أبنائها نتيجة الاختلافات الفكرية والعقائدية (تقريباً نفس الصورة لكنها مكبرة مئات المرات).
إذا أردنا أن نُحلِّل ما سبق وندقق في خفايا الجُمَل، فهذا يُعتبر بداية البناء لدينا.
نعم إن الفهم العميق لأنفسنا وما تتعرض له من شقاوة سَتُرسلنا إلى الهلاك من قريب أو بعيد.
تَكثُر الملذّات التي تهاجم النفس لدينا، وأيضا التي تُزلزل البناء الداخلي لدينا، لكن رحمة الله هي من يسندنا دوماً لنقف من جديد ونتحدّى كل المؤثرات التي تُرهق أرواحنا وأجسادنا وهيكلنا المصنوع بعناية فائقة من يد أبدعت.
علينا أن نُخاطب زماننا قبل مكاننا؛ لأن الزمان تختلف فيه المؤثرات، لكن المكان لا يتغير إلا شكلاً فقط، لكن المضمون موجود في الزمان فهو الذي يتغير جرّاء المؤثرات الحسّية والخارجية.
فلْندَع السلام داخلنا ولا نُعلِن عليه الحرب بأهوائنا، ولْنجعل السعادة دائمة، فهي التي تمدنا بالصحة والعافية والسكينة، أدعُ نقائك بالبقاء داخلك واطرد جيوش التوتر بلا رحمة وارسم على محياك نظرة النقاء والشفافية، فأنت مركب صعب لا يمكن أن يكتمل إلا بإخراج السموم الفكرية منه؛ لننعم بحياة طويلة سليمة هنيئة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :