-

كتابنا

تاريخ النشر - 22-11-2021 09:57 AM     عدد المشاهدات 352    | عدد التعليقات 0

حكايا جداتنا .. ترويدة ليلة شتاء

الهاشمية نيوز - نبيل عماري

فيروز تجذب لنا حكايا الجدة والأم وبيوت الطفولة تأخذنا للجدة لتحكي وتقول لها إحكيلي إحكيلي عن بلدي إحكيلي

يا نسيم اللي مارق عالشجر مقابيلي

عن أهلي حكايي عن بيتي حكايي

و عن جار الطفولي حكايي طويلي

من منا لم يجلس بطفولته على «جدولة» والدنيا شتاء ورائحة تحميص قلية أو هبال سلق «حمص بليلة»، ومن منا لا يتذكر جدته أو امه عندما كنا نتحلق حولها كل ليلة من ليالي الشتاء الباردة ونار المدفأة وصوبة البواري أو صوبة علاء الدين الفستقية تتوسط جلستنا، وتبدأ بسرد حكاياتها والتي تعوضنا عن تشغيل التلفاز، تحكي لنا عن قصة الغول والغولة والساكونة والشاطر حسن وجبينة ونص نصيص وحورية البحر، كنا نستمع لها بشغف مشدودي الأعصاب تمر بمخيلتنا صور الشخوص التي تتكلم عنها الجدة تسير بنا إلى قصة سندريلا ونفرح حين تختتم الرواية بأن تتزوج الأمير ويعيشان بثبات ونبات ويخلفون صبيانا وبنات. ومن أجمل القصص التي كانت تروى لنا قصة جبينة وهي قصة من التراث الألماني، فكل حول القصة لتراثه؛ فهي ذاتها قصّة «فتاة الإوز» للأخوين غريم، والقصة كما يلي تولد جبينة بعد عناء والديْها الطويل بانتظار ولادتها، إلّا أنها تحقق أمانيهم كلها عندما تولد طفلة بيضاء الوجه، حمراء الوجنتين، شقراء وبعينيْن زرقاويْن. لذلك سميت «قرص الجبن» فإنّهم يسمونها جبينة، ويُذاع صيت جمالها في جميع أنحاء البلاد. يسمع عن جمالها أمير ابن سلطان بلدٍ بعيد فيأتي لخطبتها من والديها وأهلها عندما تبلغ سن الرشد، تحضرها عائلتها لرحلة الرحيل إلى بيت زوجها الأمير، وتخرج جبينة مع «الفاردة». تعطيها أمها ثلاث خرزات زرقاء، لتحميها من عين الحُسّاد في الطريق. وللفاردة تصطحب جبينة خادمتها السمراء، في الطريق إلى قصر الأمير، تركب جبينة فرسًا، وتمشي خادمتها السمراءعلى رجليها، فتطلب منها كلّ مرة أن يتبادلا الأدوار، لتمشي جبينة على الأقدام وتركب الخادمة على الفرس. جبينة ترفض هذا الطلب ثلاث مرات متتالية، وتنادي أمها بواسطة الخرزات لتدافع عنها وتمنع الخادمة من اتخاذ مكانها. في مرحلة معينة تتعب جبينة وتوقف الفاردة لتنزل عن الفرس لتشرب الماء من النهر المجاور. عند انحنائها لشرب الماء، تفقد الخرزات الثلاث، وبهذا تفقد حماية أمها من شرور الخادمة. في المرة الرابعة التي تطلب فيها الخادمة تبادل الأدوار في الفاردة، تنادي جبينة أمها، لكن ما من مجيب لندائها، فسرعان ما تتمكّن منها الخادمة وتركب الفرس مكانها. تكمل الفاردة الطريق حتى يصلوا إلى «مفحمة» (مكان صنع الفحم)، وهناك تصرخ الخادمة بوجه جبينة أن «تشحّر» نفسها، أي أن تلطخ نفسها في الفحم وتصبح هي الخادمة. وبعد هنيهة يصلون إلى «مبيضة»، تقوم فيها الخادمة بتبييض وجهها وتصبح بيضاء كما كانت جبينة. عندما تصل جبينة والخادمة إلى القصر، تتزوّج الخادمة المتنكرة لفتاة بيضاء بالأمير وتصبح جبينة التي أصبحت سمراء من الفحم، راعية غنم ونعاج. في كل يوم، تنطلق جبينة إلى الحقل لترعى الغنم والنعاج وتغني أغنيتها الشهيرة: «يا طيور طايرة ويا وحوش سايرة// قولي لإمي وأبوي، جبينة صارت راعية // ترعى غنم وترعى نوق// وتقيّل تحت الدالية».في أحد الأيام يسمع الأغنية السلطان فيكتشف ما جرى مع جبينة وخادمتها. يعيد السلطان جبينة إلى القصر ليزوّجها لابنه ويحكم على الخادمة السمراء وتنتهي القصة على خير «وهيك بتجوز ابن السطان جبينة والعبدة بسجنوها ، وبعيشوا بثبات ونبات وبخلّفوا صبيان وبنات. وتوتو خلصت الحدوتة» . ولم تقتصر جلسات الجدة في ليالي الشتاء الباردة على القصص المتوارثة بل تعدت للحزازير الجميلة مثل طاسة طرنطاسة في البحر غطاسة من جوى لولو ومن برا نحاسة وهي الرمانة وكذلك طبق أزرق بيه اللولو مفرق هي السماء والنجوم وأشي بوكل كل قمح القرية وما بشبع كناية عن الطاحونة غير عن الأغاني والأهازيج والتي يتخللها نوع من التسلية والضحك مثل حدرج بدرج ناقة بتعرج ع التفاح وع اللفاح يا قلايد يا ملاح وقعت مني خرزة زرقا قالت طش فش أطلع يا مفريت الكرش وباح يا باح يا ورق التفاح وغيرها من القصص والحكايا والأغاني والتي كانت إما ترعبنا أو تسلينا وتضحكنا في ليالي شتائية عاصفة نلوذ بدفء البيت نشتم رائحة هريسة قادمة وتناول قطعة أو قطعتين وتكمل لنا الجدة الحكاية كأن حبة الهريسة فاصل دعائي لمسلسل كانت ترويه الجدة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :