-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 11-11-2018 10:21 AM     عدد المشاهدات 474    | عدد التعليقات 0

عائلات (تكبت) مشاعر أبنائها من ذوي الإعاقة بحجة الحماية

الهاشمية نيوز - بدافع الخوف والقلق وتجنبا لكل أنواع الصدمات، ومفاهيم كثيرة مترسخة بالعقول؛ تلجأ عائلات لحرمان أبنائها من ذوي الإعاقة من التعبير عن مشاعرهم والدخول بعلاقات الحب التي يحلمون بأن يعيشوها كغيرهم بدون الاحساس بالاستبعاد وكأنهم غير قادرين على خوض تجربة الحب بكل تفاصيلها.
تلك العائلات تعتقد أنه وبحكم السلطة التي تمتلكها على ابنها، يحق لها أن تلغي مشاعره وتصادرها بدافع الحماية من مواقف قاسية قد يكون هو بغنى عنها، وتقرر أن توجهه ليفكر بأمور أخرى بعيدة كليا عن قصص الحب، متناسية احتياجاته النفسية والعاطفية وأنه إنسان كغيره يحب ويفرح ويحزن.
أم أيمن هي واحدة من الأمهات اللواتي يعتبرن أن الإعاقة سبب كاف لكبت مشاعر أبناء كل ذنبهم أنهم يعيشون وضعا خاصا. تقول "نحتاج أن نكون حازمين مع أبنائنا"، مبينة أن الإبن إذا كان من ذوي الإعاقة ينبغي حمايته من قسوة بعض الأشخاص ومن أناس لا يبالون أبدا بجرحه والتسبب بوجعه لمجرد أنه مصاب بالشلل الرباعي.
وتضيف أنها كأم تحب ابنها وتخاف عليه من أن يصدم، لذا تحاول جاهدة أن تبعده تماما عن التفكير بعلاقات الحب، متعمدة أن تقدم له أكثر من خيار بإمكانه أن يلهيه لبعض الوقت حتى لا يقع في شباك الأوهام التي من الممكن أن ترغمه على الانزواء والتخلي عن حياة يرغب هو في أن يكتشف منعطفاتها ويتصدى لأوجاعها بقلب قوي قادر على مواجهة كل الظروف الصعبة.
وينتقد الثلاثيني سامي محمود تدخل بعض الأهالي بالحياة الخاصة لأبنائهم يقول أنه وبحكم إعاقته الحركية محروم من أن يعبر عن مشاعره باختيار ما يناسبه، فهناك تجاهل كبير من قبل عائلته لطاقة الحب التي يحملها في داخله، ويحتاج حقيقة لأن يتبادلها مع فتاة أحلامه بمعزل عن تدخلات الأهل وشروطهم المستبدة.
ويأسف سامي لأن الحب برأي آباء، أوهام وأمور سطحية، ويستسخفون قصص الحب، ويكبلون أحاسيس الأبناء الصادقة تلك، متناسين حاجة البحث عن علاقة حقيقية ومستقبلية يؤسس من خلالها الشخص من ذوي الإعاقة لحياة أسرية خاصة به تحقق له التوازن النفسي والعاطفي مع طرف آخر يهتم له ويتشارك معه كل اللحظات بحلوها ومرها.
ويبين أن الحياة حتى وإن حرمتنا من أشياء معينة، إلا أننا ما نزال قادرين على اتخاذ القرار في قضايا مصيرية لا تعني أحد سوانا تتعلق بشكل مباشر بحقيقة مشاعرنا وصعوبة تجاوزها بحجة أن مصلحتنا تقتضي ذلك.
ويؤكد أن ذوي الإعاقة كغيرهم بحاجة لأن يخضعوا للتجربة، إن كانت صحيحة أو خاطئة، لتكوين حصيلة كبيرة من الخبرات، تضمن الموازنة بين خيارات المشاعر وخيارات المنطق.
ويرى أبو ماهر أن المهمة الأساسية للأسرة هي حماية أبنائها والدفاع عنهم وتجنيبهم قدر المستطاع الوجع والحزن والانكسار. والمشاعر من وجهة نظره غالبا ما تتسبب في كل ذلك إذا لم يتم ضبطها والتحكم بها من قبل الأم والأب.
ويضيف أن الآباء بحكم خبرتهم يقدرون تلك المواقف جيدا، ويحددوا بالضبط ما الذي يناسب الأبناء، مبينا أنه كأب يعطي نفسه كامل الحق في التدخل في حياة اولاده، لا سيما ابنه الكفيف.
ويؤكد أنه يتعمد أن يقرر عنه وذلك بدافع الخوف عليه أكثر من بقية اخوته. يقول "صحيح قراراتي دائما تتعارض مع رغباته ومشاعره لكن أجد أن ابعاده عن علاقات الحب يصب في مصلحته".
طرق كثيرة استخدمها في الضغط عليه عندما قرر الارتباط بفتاة كفيفة محاولا أن يخضع ابنه لشروطه من دون أن يكترث لمشاعره ورؤيته الشخصية في هذا الموضوع.
الكبت يولد القهر والضغط وحالة من الإحساس الداخلي بالظلم، هذا ما يؤكده الأخصائي النفسي د.موسى مطارنة، إذ أن كبت المشاعر أمر قاس جدا، مبينا أن لكل إنسان الحق بالاختيار والتعبير عن مشاعره وبالآخر.
ويضيف مطارنة أن التعبير عن النفس يجعل الإنسان أكثر تطورا وانفتاحا على الحياة، ويمنحه الشعور بالثقة والفرح والرضا الذاتي. ولكن هناك عائلات ممن لديهم ابن من ذوي الإعاقة يلجؤون للأسف لمنع الأبناء من حقهم في أن تكون لهم السيادة الكاملة على مشاعرهم وأحاسيسهم، فقط لاعتقادهم بأن هذه الطريقة حماية لهم من الإحساس بالقهر أو الألم والوجع إذا تم استغلالهم وخداعهم، رغم أن هذا كله يؤثر وبشكل سلبي على حياة أبناء أرادوا أن يكونوا كغيرهم.
وتكمن خطورة الكبت لدى الشخص من ذوي الإعاقة، وفق مطارنة، في إشعاره الدائم بأنه منبوذ يجب ابعاده تماما عن الحياة العامة، الأمر الذي يدفعه لأن يستسلم للإحباط والانطواء، فيكون بذلك مضطرا للتخلي عن مشاعر من شأنها أن تسعده وتحفزه على أن يقبل على الحياة بحب واتزان وتفاؤل.
ويبين أن الحل لتجاوز هذه الإشكالية الكبيرة يتجلى في قدرة الأهل على تقبل فكرة أن هذا الابن يستحق أن يعامل معاملة سوية وأن تراعى مشاعره، وأن يحصل على المساحة الكافية من حرية التعبير مع الاحتفاظ بدور الأهل الرقابي بدون أن يتعارض ذلك مع حق الأبناء في أن يجربوا ويخطئوا ويتعلموا.
ويقول الاستشاري الاجتماعي الأسري مفيد سرحان أنه من حق ذوي الإعاقة أن يحصلوا على حقوقهم كاملة دون تمييز، مثل حق الزواج وبناء أسرة مع أهمية مراعاة هذا الزواج لحقوق الأبناء مستقبلا، وذلك بالحرص على إنجاب أبناء سليمين يكون لديهم القدرة على مساعدة الآباء والقيام بأعباء الحياة الضرورية.
وهذا الزواج، وفق سرحان يجب أن يتم على أسس واضحة، مثل رغبة الطرفين وقناعة كل طرف بالآخر دون تأثير أو إجبار من الأهل.
إلى ذلك، لا بد من مساعدة هذه الفئة في تكاليف الزواج، وفق سرحان، وأيضا بتوفير فرص العمل لهم لضمان قدرة الإنفاق على الأسرة ونجاحها، وهذه مسؤولية الجهات المعنية من خلال تأمين الإرشاد الأسري لهذه الفئة بعد الزواج لمساعدتهم على حل ما يواجههم من مشكلات لضمان نجاح هذه المؤسسة، ويكونون قدوة حسنة للآخرين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :