تاريخ النشر - 09-07-2024 10:10 AM عدد المشاهدات 1 | عدد التعليقات 0
وعي الروبوت المنتحر
الهاشمية نيوز -
رمزي الغزوي
قبل أيام عُثر على روبوت يخدم في مجلس مدينة «جومي» الكورية الجنوبية محطماً إلى قطع صغيرة بعد سقوطه من أعلى درج بين طابقين، بسبب ضغوط العمل وارتفاع عدد ساعاته، ووصف الحادث بأنه أول عملية انتحار لروبوت في العالم. الأمر الذي جدّد مخاوف بعض الناس حول إمكانية أن يأتي يوم وتسيطر فيه الروبوتات والذكاء الاصطناعي على الارض. فليس ثمة شيء يخيفنا إلا أن يعي الروبوتات نفسه.
كوريا الجنوبية التي تعيش انتعاشاً اقتصادياً شامخاً، مرر برلمانها قبل عام قانوناً يقضي بتخفيض ساعات العمل من 68 ساعة أسبوعياً (وهي أطول ساعات عمل في دولة متقدمة، وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) إلى 52 ساعة في الأسبوع؛ في محاولة لتعزيز الإنتاجية؛ وزيادة عدد المواليد. أي يمكن لعامل أن يزيد عدد أطفاله إن خفف قليلا من نشاطه، في مصنعه ومعمله ودائرته، والتفت إلى ربة بيته قليلا، أو سمع نصيحة عابرة للكسل تقول له إن «العمر بخلص والشغل ما بخلص».
يمتلك الكوريون اقتصاداً قوياً صاعداً، ورغم هذا ما زالوا يعملون بمعدل 2000 ساعة لكل عامل في السنة. ولو أنهم من البلدان الممحوقة الفقيرة «الهبيانه»؛ لقلنا أن لديهم الحق بالعمل لساعات طوال. لكن لو أرجعنا البصر قليلا لتبين لنا أن بحبوحتهم الاقتصادية لم تأت إلا بسبب عشقهم للعمل، وتقديسه وجعله أولوية دون أن يصل الأمر بهم إلى الانتحار كما فعل روبوتهم المسكين.
فمن جانب مغاير تشهد البلد حالات موت عديدة بسبب الإفراط في العمل لا الهرب منه، الأمر الذي جعل الكوريين يستخدمون مصطلحاً لغوياً يابانياً يدلل على تلك الحالة العجيبة هو (كاروشي)، أي الموت بسبب الإفراط بالعمل، ويلزمهم الآن، أن يبتكروا مصطلحاً يصف حالة انتحار الروبوتات للسبب ذاته.
الوعي، هذه المعضلة الفلسفية الكبرى التي لم تحل شفرتها تماماً حتى الآن، يميز الإنسان العاقل، ويمنحه حالة أنه يعي أن لديه وعياً، ولو حدث وامتلك الروبوت تلك الحالة؛ فعلينا أن نقلق بشكل كبير، ونتخوف ونخاف، بل وأن نلتمس عذراً لتشاؤم أولئك الذين يرون أن الآلة التي يصنعها الإنسان قد تكون سبباً في انقراضه. فماذا لو قرر روبوت أن يقتل رب عمله بدل أن ينتحر؟