-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 01-08-2022 10:08 AM     عدد المشاهدات 205    | عدد التعليقات 0

حين يغدو الفضاء الرقمي مجالا للعنف ضد المرأة

الهاشمية نيوز -
النائب زينب البدول

مع انتشار الميديا الجديدة والتطبيقات الذكية تزايدت حالات العنف ضد المرأة في العالم، وتعاني النساء في غالبية دول العالم من العنف والتمييز بكافة اشكاله، وهذا العنف يتخذ انماطا متعددة كالعنف الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي والسياسي، ويأتي التنمر كأحد اساليب العنف ضد المرأة ويطال الجسد والشخصية والافكار والتوجهات والدين والعرق والجنس، وقد اتاحت التكنولوجيا لملايين البشر الدخول الى الفضاء الرقمي والاشتباك مع الظاهرة الرقمية ما ولد ظواهر سلبية وخطيرة انعكست على الفئات المهمشة تحديدا ومن ضمنها المرأة، وتأتي ظاهرة العنف ضد المرأة كانعكاس لطبيعة الابنية الثقافية والسياسية السائدة في تلك المجتمعات، ويعبر الافراد عن ممارساتهم العنفية من خلال هذا السياق.

والمرأة العربية كغيرها من النساء في العالم تعاني من العنف والتنمر، ويحتل التنمر الالكتروني مساحة واسعة من مجمل السلوك العنفي ضد النساء على الفضاء الرقمي نظرا لانتشار التكنولوجيا ونطاقات الاتصال وسهولة وسرعة استخدامها، كما تعاني المرأة الاردنية ايا كان موقعها من هذا التنمر الذي اضحى ظاهرة تعبر عن نفسها في مختلف الفضاءات العمومية بكل وضوح، ونظرا للأوضاع العامة الهشة التي تعيشها المرأة الاردنية ، فإنها لا تتمكن من التعامل مع تلك الظاهرة ومن توفير الحماية اللازمة لها، واذا ما نظرنا الى التقاليد الاجتماعية والتشريعات الرسمية فإنها لا توفر الحماية الكافية للمرأة من هذه الممارسات العنفية التي تستهدف تقييد حركة المرأة والزامها بالرؤية التقليدية والادوار القديمة.

ومن خلال تجربة خاصة كبرلمانية فإن البرلمانيات اكثر عرضة للتنمر الالكتروني من قبل شرائح واسعة في المجتمع، يأتي ذلك في سياق العنف السياسي ضد النساء والذي يهدف الى اقصاء النساء عن الحقل السياسي، وبعض تلك التوجهات ترتكز الى الرؤية الاصولية التي تبذل جهدها لتنميط ادوار المرأة والباسها ثوب الخطيئة، وتحاول تلك الرؤية ارسال رسائل لمجتمعات النساء تحمل مضامين عديدة ترمي الى الزامها بالنمط التقليدي السائد، الى جانب ذلك تسعى بعض القوى السياسية الى التقليل من شأن المرأة وتجربتها السياسية، وقد لاحظنا ومنذ سنوات خطابات تنمر وتهديد لبعض النائبات جاءت بشكل مباشر تحت قبة البرلمان، ولاقت تلك الخطابات تأييدا من اواسط كثيرة في المجتمع باعتبار انها تعبر عن المعايير التي يجب ان تلتزم بها المرأة.

يتسبب التنمر الالكتروني باقصاء النساء عن المشهد السياسي والرقابي، ويكون له تأثيراته السلبية على صحة المرأة ونفسيتها، ويؤدي الى عزوف كثير من النساء في مواقع صنع القرار الى التراجع كثيرا في العديد من المواقف السياسية والرضوخ للأمر الواقع، ومن المستغرب بأن المرأة لا تستند الى قوى سياسية واجتماعية نافذة او جماعات ضغط تدعم مواقفها، نظرا لطبيعة المجتمعات المحلية كونها مجتمعات ذكورية تعكس طبيعة توجهاتها ورغباتها الرامية الى تهميش المرأة وترسيخ دونيتها، الى جانب حداثة التجربة السياسية للنساء، كما لا تشهد النساء في الحقل السياسي اية دعم من قبل مجتمعات النساء الاخرى عموما، وتقف المنظمات النسوية في كثير من الاحيان موقفا خجولا يكتفي بالاستنكار دون ان يحدد استراتيجيات دعم كافية لحماية المرأة في مواقع صنع القرار من العنف والتنمر.

يتطلب الأمر نشر الوعي لدى الفئات الاجتماعية بأهمية القيم الاجتماعية والسلوكية الايجابية التي تدعم التماسك الاجتماعي وتحترم المرأة كإنسان له كينونة مستقلة ذات كرامة؛ مثل الاحترام والتفاهم والحوار والمساواة والمواطنة، كما يتطلب من جهة اخرى تعديل التشريعات لتوفير حماية كافية للمرأة من كافة اشكال العنف والتمييز.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :