-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 19-05-2022 09:17 AM     عدد المشاهدات 190    | عدد التعليقات 0

في استحضار الطفولة .. اشتياق للبراءة وعيش الحياة بقلوب نقية

الهاشمية نيوز - ” لقد بت متأكدة الآن من أننا لسنا بحاجة لإنسان نشيخ معه، بقدر ما نحن بحاجة لإنسان نبقى معه أطفالا”.. في تلك العبارة التي وردت في رواية “طفولتي حتى الآن” للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله؛ معان كثيرة، يتوقف عندها القارئ ليشعر أنه فعلا بحاجة لتلك المشاعر الطفولية أن تبقى مرافقة له في كل مراحله العمرية وفي مجمل علاقاته الانسانية.
ويبقى العمر مجرد رقما، وفق مختصين، والشعور الحقيقي يقاس بقدرة الإنسان على الاستمتاع بحياته واكتشافه لمكامن السعادة في داخله، ومرافقة كل من يمتلك أيضا طفولة شقية في روحه.
في لحظة معينة من العمر وبينما الهموم والمتاعب والصعاب تحيط بالإنسان، ويقل الشعور بالهدوء والراحة والأمان، يقف حينها محملا بالحنين والاشتياق لحياة ذهبت ولن تعود، ليقرر في لحظة أن يتلمس بقلبه الصغير دفء الطفولة وبراءتها.
كل العلاقات أيا كان شكلها يحتاج فيها الشخص حتى لو كبر لأن يعيش عفوية الصغار وتلك الدهشة بأبسط الأشياء مع أناس يشاركونه ذات الشعور. فالطفولة عالم مخملي يعود إليها كلما عصف به الحنين وأرهقته الأيام، يعود اليها حينما يكون مثقلا بالتوتر والقلق ليشعر بلحظة صفاء صادقة يفرح بها ويتمنى ألا تنتهي أبدا.
“نحن مع من نحب أطفالا يسكننا الحب والأمان لا تنشيخ مهما نالت منا التجاعيد والسنوات الطويلة”؛ هكذا تقول سعاد عبدالرحمن، والتي تعترف أنها تميل في حياتها لتكون برفقة من يمكلك روحا طفوليه فيها من البراءة والعفوية الكثير.
وترى سعاد أن الأرواح لا تكبر بتقادم الأيام ولهذا “فنحن نصغر أعواما في لحظة سعادة وفي لحظة تكريم ومع كل كلمة حب ولمسة صدق، وبجوار من نحب ومن يبادلوننا الثقة والنقاء وفي تلك الدوائر الصغيرة التي قد تخضع أحيانا للصداقة وأحيانا أخرى للحب وقرابة الدم. وتبين أن الروح قد تشيخ بكلمة قاسية وبنظرة خيبة، وبتواجدنا مع الأشخاص الخطأ ومن تكون الحياة معهم باهتة وجافة ليس فيها مكانا للفرح والبراءة والشقاوة.
ووفق ما يقوله أنس عبدالله فإن داخل كل إنسان طفل صغير توقظه اللحظات الأنقى والأصدق ورغم أنها تكون سريعة ومؤقتة، إلا أنها حقيقية تبقى عالقة في جدران القلب تحتمي من الحزن، فالعمر لا تحدده روزنامة أو شهادة ميلاد بل يقاس بلحظات تعاش بعدد الأشخاص الذين احتضنوا القلب بصدقهم وأيضا بكمية الابتسامات التي عبرت خطوط الوجه وكمية الابتسامات التي رسمت على وجوه الآخرين.
هذه هي الطفولة بما تختزله من إحساس صادق وروح تتوق للمشاكسة وللفرح الذي لا يقبل الشروط أو المراهنات. الطفولة بما فيها من نقاء تسمو على كل السواد والكراهية والزيف لذا فالجميع بحاجة لأن يستحضرها دائما بل ونعيشها كما نحب.
الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة يلفت إلى أن العمر ليس رقما بل هو شعور يقاس بقدرة الإنسان على الاستمتاع بحياته واكتشافه لمكامن السعادة في داخله، فالشيخوخة هي شيخوخة الروح وليس شيخوخة الجسد لأن الروح عندما تشيخ تفقد رغبتها في كل شيء وتظل سجينة الألم والهم واليأس.
أما في حال العودة للطفولة، تزهر هذه الروح وتمتلئ بالحب والشغف والشقاوة. ومن هنا فإن الشعور بالطفولة وممارستها بين الحين والآخر مع الأصدقاء أو الأسرة أو الأقارب تمنحة التجدد والفرح ونصبح أكثر حبا للحياة وأكثر أمانا واستقرارا، وفق مطارنة.
الاختصاصي النفسي الدكتور علي الغزو يرى أن المجتمعات العربية في الوقت الحاضر تجد صعوبة كبيرة في أن تعيش مشاعر الطفولة عند الكبر، فالشعوب منشغلة في تأمين لقمة العيش ومقاومة ظروف الحياة القاسية المرهقة ماديا ونفسيا واجتماعيا.
ويبين أن هذه المشاعر الحقيقية الدافئة تحتاج من الإنسان أن يتحلل من كل الإحباطات والهموم والمشاكل التي تحيط به لكي يستطيع أن يعيشها كما يجب وبالطريقة التي تعود عليه بالإيجابية والأمان والتوازن.
ووفق الغزو، فإن العودة في لحظة ما للطفولة يتطلب حتما أن يكون لدى الشخص استعدادا نفسيا يمكنه من الاستمتاع بروعة تلك التفاصيل وبراءتها وهذا لن يتحقق واقعيا إلا إذا استطاع الشخص التخلص من كل الأمور السلبية في حياته والوعي جيدا بكل ما من شأنه أن يسعده ويكون سببا في ايجاد الأمل داخله.
وينوه الغزو إلى أن هذه اللحظات قد تكون قليلة ومؤقتة “إلا أننا نستشعر معها الحنين للماضي وأيضا تمنحنا الإحساس بالأمان حيث الدفء والذكريات الجميلة والصدق والعفوية”، مؤكدا على أن الكثيرين إن لم يكن الجميع بحاجة لاستحضار هذه الحالة باستمرار لكونها متنفسا يخرجهم من همومهم وأحزانهم والظروف الصعبة المفروضة عليهم.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :