-

كتابنا

تاريخ النشر - 17-05-2025 11:58 AM     عدد المشاهدات 1    | عدد التعليقات 0

قرنا الشيطان .. متى يُقطع الرأس لتسكن الفتن

الهاشمية نيوز - بقلم: الأستاذ الدكتور هاشم الحمامي.

"ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان"—بهذه النبوءة النبوية التي رواها عبد الله بن عمر، يتجلّى تاريخٌ من الدم والدمار، ابتدأ مع فجرٍ أسود أطلّ عام 1979، حينما أمسك الخميني بمقاليد الحكم في إيران، معلناً بداية عهد "ولاية الفقيه". ومنذ تلك اللحظة، لم تكن إيران سوى بؤرة لصناعة الفوضى وتصدير النزاعات، حتى باتت كأنها الخنجر المسموم في خاصرة العالم الإسلامي.

تحولت إيران من دولة ذات إرث حضاري عميق إلى مركز للاضطراب الأيديولوجي، يتغذى على وهم "تصدير الثورة" ويتعطش لتمزيق النسيج الاجتماعي والسياسي لدول المنطقة. وكانت الحرب الإيرانية العراقية (1980–1988) بمثابة ناقوس الخطر الأول، إذ انغمس النظام الجديد في حربٍ عبثية استنزفت الأرواح والموارد، خلفت مئات الآلاف من القتلى والملايين من المشردين والمعاقين، دون أن تحقق شيئاً سوى ترسيخ الطموحات التوسعية للمرشد الأعلى.

لكن إيران لم تكتفِ بالحرب المباشرة، بل صاغت نموذجاً خفياً للاختراق: تأسيس الميليشيات الطائفية ودعم الأحزاب العقائدية في الدول المجاورة، تحت شعار "نصرة المستضعفين"، بينما الهدف الحقيقي كان ولا يزال تفجير المجتمعات من الداخل.

ففي لبنان، زرع النظام بذور الانقسام من خلال حزب الله، الذي ما انفك يشكل دولة داخل الدولة، يهدد السيادة ويختطف القرار الوطني، ويجرّ البلاد إلى صراعات عبثية داخلية وخارجية. أما في البحرين، فكان التحريض الطائفي والتدخل الخفي وسيلته لإشعال الاضطرابات وزعزعة الأمن.

وفي سوريا، بلغ التدخل الإيراني ذروة دمويته. لم يقف النظام إلى جانب شعبٍ انتفض من أجل الحرية، بل اصطف إلى جانب الطغيان، فأرسل الحرس الثوري والميليشيات لقتل السوريين ووأد ثورتهم. تحولت البلاد إلى مسرح لحرب إيرانية بالوكالة، راح ضحيتها الملايين بين قتيل ومشرد، فيما باتت دمشق تُدار من طهران.

اليمن أيضاً لم يسلم من العبث الإيراني، حيث تم دعم جماعة الحوثي بالسلاح والأيديولوجيا، لتتحول إلى ذراع تخريبية زرعت الموت في كل ركن، وتسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

أما العراق، فكان الجرح الأعمق. فمنذ الغزو الأمريكي عام 2003، أحكمت إيران قبضتها على البلاد عبر شبكة من الميليشيات التي ارتكبت مجازر طائفية، ومزقت المجتمع العراقي، وأحبطت كل محاولات إعادة بناء الدولة.

كل ذلك لم يكن عفوياً، بل جزءاً من استراتيجية متكاملة رسمها نظام ولاية الفقيه، الذي يرى نفسه وصياً على شعوب المنطقة، ويضع "الثورة" فوق الدولة، و"المرشد" فوق الإرادة الشعبية. فبدلاً من بناء وطن متقدم لشعبه، اختار تصدير الجحيم إلى الآخرين.

لقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يخلع القفازات المخملية في تعامله مع هذا النظام. فالمسألة لم تعد شأناً إقليمياً، بل تهديداً مباشراً للسلم العالمي. إن نظام ولاية الفقيه هو قرن الشيطان الذي تنبأ به الحديث الشريف، ولن تهدأ المنطقة ولن تستقر، ما لم يُقطع رأس الفتنة وتُجتثّ جذورها.

فمتى يتحرك العالم لإغلاق هذا الجرح النازف، وإنهاء هذه الحقبة المظلمة التي شوهت وجه الشرق الأوسط؟ متى يُكسر قرن الشيطان... ليسود السلام؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :