-

كتابنا

تاريخ النشر - 16-05-2025 07:57 PM     عدد المشاهدات 1    | عدد التعليقات 0

رحلة الكمال الإنساني: بين صدق الذات والتفاعل الاجتماعي.

الهاشمية نيوز - بقلم: الدكتور هاشم الحمامي
في عالم يموج بالتحديات والصراعات اليومية، يبقى سؤال الكمال الإنساني حاضراً بإلحاح: كيف نرتقي بأنفسنا لنكون شخصيات تحظى بالاحترام والتقدير؟ كيف نحقق السلام الداخلي الذي ينعكس على تعاملنا مع من حولنا؟
الكمال الإنساني ليس محطة نصل إليها ونركن للراحة، بل هو مسار طويل من الوعي والتطور المستمر.
إن هذه الرحلة تبدأ من نقطة جوهرية: معرفة الذات. فكما قال الفيلسوف سقراط "اعرف نفسك"، فإن الفهم العميق لنقاط القوة والضعف في الشخصية هو الأساس لأي تغيير حقيقي.
لا يمكن للإنسان أن يتحول نحو الأفضل ما لم يصارح نفسه بعيوبه، ويتحمل مسؤولية أفعاله بنزاهة وشفافية.
تلي هذه الخطوة المهمة مرحلة التهذيب الذاتي. وهي عملية لا تنفصل عن الجهد والإرادة. فالتحلي بالصبر، وممارسة التسامح، والصدق، والأمانة، ليست مجرد شعارات أخلاقية، بل هي سلوكيات تُكسب الإنسان احترام محيطه وتقديره.
في عالم متسارع الإيقاع، تصبح هذه القيم ضوءاً هادئاً يضيء الطريق وسط ضجيج الماديات والصراعات.
غير أن الكمال لا يُبنى في العزلة. فالتفاعل الإيجابي مع المجتمع يمثل حجر الأساس في تكوين الشخصية الناضجة. الإنصات الحقيقي للآخرين، وتقبل اختلافاتهم، والتفاعل معهم بروح التعاون، يرسّخ بُعداً إنسانياً أصيلاً في الشخصية. فكما قال الشاعر الهندي طاغور: "لا يمكنك عبور البحر بمجرد الوقوف والتحديق في الماء"، فإن العمل والمشاركة المجتمعية هما الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأثر الحقيقي.
التصالح مع الذات يشكل بدوره نقطة مفصلية في هذا المسار. وهو لا يعني التواكل أو تجاهل الأخطاء، بل يتجسد في قبول تجارب الماضي، والتعلم منها دون الوقوع في فخ جلد الذات، مع الحفاظ على التوازن الداخلي والسعي الدائم نحو غد أفضل. فعندما ينعم الإنسان بسلام داخلي، يصبح أكثر قدرة على التعامل مع ضغوط الحياة وتحدياتها.
إن بلوغ الشخصية المثالية لا يتطلب معجزات، بل وعياً عميقاً، وعملاً دؤوباً، وإيماناً بأن التحول الإيجابي يبدأ من داخل الإنسان. هو مزيج من النضج النفسي والانخراط المجتمعي، وهو في حقيقته سعي متواصل نحو كمال إنساني يحقق الرضا عن الذات قبل أن يجلب احترام الآخرين.
هذه الرحلة، بكل ما تحمله من تعب وجهد، تستحق أن تُخاض. لأن أعظم النجاحات تبدأ من الداخل، وأسمى أشكال التقدير هي تلك التي يمنحها الإنسان لنفسه حين يشعر بالسلام والانسجام مع ذاته والعالم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :