-

كتابنا

تاريخ النشر - 09-05-2025 08:10 PM     عدد المشاهدات 1    | عدد التعليقات 0

نهاية الحلم الفارسي: إيران بين مطرقة السلام وسندان التفكيك

الهاشمية نيوز - بقلم: الدكتور هاشم الحمامي
تحليل سياسي: إلى أين تتجه الجمهورية الإسلامية في ظل مشروع الشرق الأوسط الجديد؟
في قلب زلزال التغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط، تقف إيران عند مفترق طرق مصيري. خياران لا ثالث لهما: إما التحييد والانكفاء إلى الداخل بعد عقود من التمدد، أو الانهيار الكامل للنظام السياسي، وما يليه من تفكك محتمل للدولة الإيرانية على أسس عرقية تم التخطيط لها بدقة منذ سنوات طويلة.

مشروع أمريكي جديد... خارطة استقرار لا تشمل إيران:

تتجه السياسات الأميركية، خاصة مع صعود دونالد ترامب مجدداً، نحو إعادة هندسة الشرق الأوسط من بوابة تحقيق الاستقرار وتهيئة الإقليم ليكون نقطة وصل اقتصادية بين الشرق والغرب، لا ساحة صراع عبثي. وكما كشفت تقارير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي (CFR) ومراكز الأبحاث مثل The Washington Institute، فإن واشنطن تسعى لبناء شبكة من التفاهمات الإقليمية، تتصدرها اتفاقيات سلام عربية–إسرائيلية دائمة، تهدف إلى إنهاء الصراعات المزمنة وتحويل المنطقة إلى مركز جذب استثماري عالمي.

لكن هذا المشروع يصطدم بعقبة كأداء: إيران.

فالجمهورية (الإسلامية)، بسلوكها التصعيدي وملفاتها النووية والصاروخية، وبدعمها المباشر لمليشيات مسلحة في العراق ولبنان وسوريا واليمن، تشكّل بؤرة توتر دائم. تقرير لوكالة رويترز في فبراير 2025 أكد أن إيران لا تزال تمد أكثر من 12 فصيلاً مسلحاً في المنطقة بالسلاح والمال والتدريب، فيما صرّح معهد Carnegie Middle East Center أن مشروع "تصدير الثورة" ما زال حجر الزاوية في العقيدة السياسية الإيرانية.

خلاف أمريكي – إسرائيلي: القوة أم الضغط؟

وبينما توافقت واشنطن وتل أبيب على ضرورة إنهاء الدور الإيراني المزعزع، تبرز خلافات في أسلوب التعامل مع طهران. فنتنياهو، بدعمه من اليمين الإسرائيلي المتطرف، يرى أن القوة العسكرية المباشرة هي السبيل الوحيد لإسقاط الأذرع الإيرانية وإضعاف النظام. ويستشهد في ذلك بما حدث لحماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والمليشيات الشيعية في سوريا، وللحوثيين في اليمن بعد العمليات العسكرية المكثفة.

في المقابل، يرى ترامب أن التلويح بالقوة واستخدامها في اللحظة المناسبة هو الخيار الأمثل. الرئيس الأمريكي الطامح لتخليد اسمه كبطل سلام وكصانع خرائط جديدة للشرق الأوسط، يراهن على إرغام إيران على التراجع من دون خوض حرب شاملة، وهو ما كشفه تقرير لمجلة Foreign Affairs التي أوردت أن "ترامب يفضل سياسة العصا الغليظة دون كسرها".

إيران: النظام في الزاوية... والخياران كلاهما مر:

الضغط يتصاعد، والمفاوضات التي بدأت في سلطنة عُمان وتوقفت فجأة، لم تفضِ إلى نتيجة. وأمام النظام الإيراني خياران أحلاهما مرّ:

1. المضي في المفاوضات، وهو ما يعني تخليه التدريجي عن برنامجه النووي والصاروخي، اللذَين يمثلان جوهر نفوذ طهران. وهذا مساسٌ بجوهر النظام نفسه، الذي قام منذ 1979 على عقيدة "الثورة المسلحة" لا على الدولة المدنية.


2. خوض مواجهة مفتوحة، وهو سيناريو قد يُفضي إلى تلقي ضربات قاصمة تؤدي إلى تدمير مراكز الثقل العسكرية والاقتصادية الإيرانية، مما قد يطلق العنان لثورة شعبية داخلية، بحسب ما أورده مركز RAND Corporation في تقرير حديث حول هشاشة النظام الإيراني أمام الضغوط المتعددة.


شبح التقسيم: الحلم المؤجل للقوميات المضطهدة:

في حال سقط النظام الإيراني أو انهار تحت الضغط، فإن سيناريو التقسيم يبدو أقرب من أي وقت مضى. فالأعراق المضطهدة داخل إيران — الآذريون، والبلوش، والعرب، والأكراد — لا يخفون تطلعهم للخلاص من قبضة "الدولة الفارسية". وفق تقرير لموقع Al-Monitor (2024)، فإن 40% من سكان إيران لا ينتمون إلى العرق الفارسي، ومعظمهم يعاني من التهميش والتمييز الممنهج.

الأتراك الآذريون يتطلعون للانضمام أو التوحد الثقافي مع جمهورية أذربيجان، بدعم معلن من باكو.
البلوش يسعون لإقامة إقليم "بلوشستان الكبرى" الممتد بين إيران وباكستان.
العرب في الأحواز يطمحون لاستقلال "عربستان"، الغنية بالنفط والمظلومة بالتهميش.
والأكراد بدورهم، لن يفوتوا فرصة نادرة كهذه لتحقيق حلم "كردستان الكبرى".

خاتمة: إيران... نهاية زمن الإمبراطوريات الثورية؟

إن مشروع "تحييد إيران" لم يعد سيناريو نظرياً، بل مساراً محكوماً بمتغيرات دولية وإقليمية متسارعة. وإيران، التي طالما لعبت دور "الثورة الدائمة"، قد تجد نفسها عاجلاً لا آجلاً أمام معادلة صفرية: إمّا القبول بالتحوّل إلى دولة منغلقة منكفئة على ذاتها، أو مواجهة زلزال سياسي واجتماعي قد يطيح بها من الجذور.
وفي كلتا الحالتين، يبدو أن زمن الإمبراطوريات الثورية قد شارف على نهايته... وربما تبدأ كتابة الفصل



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :