تاريخ النشر - 06-02-2024 10:11 AM عدد المشاهدات 102 | عدد التعليقات 0
قلع الشوك وسحب الحرير
الهاشمية نيوز -
بشار جرار
علّمني حكيم -في مقتبل العمر من حسن حظي- علّمني اجتناب اقتلاع الأشواك والحذر الشديد عند الاضطرار إلى سحب الحرير العالق بأحراشه. تعارف الناس على أن أسوأ إخلال في تلك النصيحة المزدوجة -وقد كانت النصيحة عند العالمين بقدرها أغلى من جمل- هو أن يقع مكابر أو مغامر أو لعله مقامر في السماح لأي كان، باقتلاع أشواك الآخر بأيدينا فيدمينا، ولا ننال أحيانا حتى التعاطف بل يصدمنا الواقع بأن ذلك الدم كما ذلك الشوك، جني يدينا وبطوع البنان.
يغرر البعض وأحيانا يحرض بالتهور على تحمّل أذى الشوك لأجل الحرير الذي لا ينبغي أن يبقى حبيس الأشواك. لكن الحياة ما فتئت تعلّمنا بحنوّ تارة وبقسوة تارة أخرى في جوانبها الشخصية والمهنية أن سلامة الحرير تقتضي سحبه بعناية بما لا يوقع أي اشتباك بينه وبين الأشواك وإلا تقطّع.. الشوك لن يبالي، تماما كما لم تبال الأصابع التي دفعت البعض إلى السقوط في فخ اقتلاع شوك الآخرين بأيديهم وبحريرهم.
العلاقة العربية-العربية، العربية الإسلامية، تقع في دائرة العلاقات الأسرية في نظر الحالمين في بعض الأوساط السياسية والإعلامية والثقافية. لذا وجب الحذر مضاعفا من حل بعض الاختلافات حتى وإن صارت خلافات مستحكمة مستفحلة، بأن تجرّح حرير الأواصر شعبيا وتقطع «شعرة معاوية» رسميا. والأمر يشمل في بعض جوانبه الجيرة الإقليمية والعلاقات الدولية مع الدول الصديقة.
البعض -كما في أحداث أخيرة قريبة- يقع في شبهات الوقوع في الفخين معا، السماح بدخول طرف ثالث في تقليع الأشواك أو الوقوع في براثن المخاطر المترتبة على سرعة وشدة سحب الحرير بما يقطّع أوصاله.
ضرب أعدائنا حماية لحدودنا، أنّى وحيثما كانوا وكيفما أردنا تلك مسألة تقررها القيادة وحدها ومؤسسات الدولة السيادية ذات العلاقة. ذلك ملف مستقل قائم بذاته لا علاقة له بالضرورة بملف علاقات الجوار أو الأخوة أو الصداقة بما في ذلك أعز الأشقاء وأقرب الحلفاء..
يتطلّب الأمر حكمة بالغة في النظر أميالا إلى الأمام، فما زالت رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. إمّا حربا وإمّا سلما، إمّا خرابا وإما تنمية ونماء وازدهارا ورخاء.
ثمة ميزان من ذهب وكذلك بوصلة من ألماز تعلمها القيادة وتعلّمها لكثيرين في العالم بأن الحكيم من يرى الناس حكمته على المديات كلها وبخاصة البعيد.. نحمد الله، لا مكان بيننا للنافخين في كير الخلافات التي لا تخدم سوى مشتتي الانتباه أو فاقدي البوصلة. مصالح الأردن أولا وآخرا، ما دون وعدا ذلك، كل شيء خاضع للمراجعة والتقييم والتقويم إن لزم الأمر. تلك هي أمانة المسؤولية وشرفها.
نضرب الإرهابيين وعصابة الإجرام الإرهابية بكتمان وشفافية.. وحده صاحب القرار المختص التي يقررها ويحدد تفاصيلها وسردياتها. لا مجال هنا لمزاودات ولا لمناقصات ترضي غرور المتأدلجين والرغائبيين والمغرضين الذين أضاعوا البوصلة أو استبدلوها قبل السابع من أكتوبر وما شابه من أحداث مفصليّة من الواضح أنها لم تخرج عن ترتيبات إقليمية وأحيانا دولية، تماما كما كانت لحظات فارقة في تاريخ الأردن والمنطقة عبر زهاء قرن.