-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 30-05-2023 11:52 AM     عدد المشاهدات 145    | عدد التعليقات 0

يحق لتركيا الفخر بمنجزاتها

الهاشمية نيوز -
ابراهيم عبدالمجيد القيسي


لا شخص يتحلى بأدنى منسوب من المنطق والموضوعية، ويمكنه أن يتجاهل عظمة تركيا، لا سيما في الحقبة الأردوغانية، وعلى الرغم من أنني لست متابعا حقيقيا ولا ربع حقيقي للشأن التركي، إلا أنني أقول وأنا مطمئن بأننا أمام دولة عظمى، فرض عليها عدوها وصفة سياسية قاسية على امتداد 100 عام بعد هزيمتها وانهيار امبراطوريتها، إلا أنها في السنوات الـ100، لا سبما في الـ20 الأخيرة، استعادت جزءا كبيرا من تلك العظمة والقوة، ولا أشعر بهذا بأنني أتحدث عن دولة معادية أو غازية، بل أحاول إنصافها وفق ما تيسر لي من متابعات ومعلومات.
مناسبة الحديث هي فوز رجب طيب أردوغان في فترة رئاسية ثالثة او خامسة لا فرق، فالرجل نهض بتركيا وسار بها الى برٍّ أكثر أمانا، بل نقلها إلى مصاف الدول العظمى التي لا يمكن تجاهلها بسهولة، وسواء اتفقنا مع سياساتها أم كنا موضوعيين، فهذا لا يغير من الحقيقة شيئا.
أحداث تركية كثيرة وكبيرة حدثت في تركيا، ورافقت او استهدفت أردوغان، وهي الى حد ما التي شدت انتباهي إلى هذا السياسي الكبير، وبعيدا عن الفنيات الدعائية والشعبويات، يمكننا ملاحظة تميز أداء هذا الرئيس وتفرده، وقوته، حيث حافظ على نفسه وعلى تركيا قوية، وزادهما قوة، وفي الوقت نفسه قدم للعالم كله نموذجا سياسيا ديمقراطيا، لا ينكره إلا متضرر، كاره او معاد بلا موضوعية.
قالت العرب وربما أصل القول ليس عربيا، (عدو عاقل خير من صديق جاهل)، وبغض النظر عن تصنيفنا الشخصي للنموذج الأردوغاني، إلا أن الجميع تقريبا يجمع بأن الرجل يجيد لعب السياسة مع الكبار، ويجيد التخطيط والمناورة، كما يجيد الانتصار على خصومه.
قبل هذه الانتخابات بأعوام، تم تدبير انقلاب كبير ضد الرئيس أردوغان، وبمشاركة وبجهود تركية عسكرية، استخدمت فيها الطائرات، ومع ذلك تمكن أردوغان من النجاة، وسجل موقفا نادرا في حسن التخلص من الأخطار التي تهدده شخصيا وتهدد نموذجه السياسي، وكان أكثر جانب مشرق في هذه الحادثة هو صدق الشعب التركي، حين شاهدنا على شاشات التلفزة الأتراك، يقذفون بأنفسهم أمام الدبابات، حماية لخيارهم ورئيسهم، وهل تعلمون شيئا: لم تسحقهم تلك الدبابات، ولم تحرقهم قذائف تلك الطائرات، فهم أي الأتراك، حتى في نزاعاتهم العسكرية التي لو حدثت في دول (مكيفين عليها) لكانت حصيلتها مجازر وحرائق وحروب أهلية لا تنتهي، لكن لم يحدث شيء من هذا، وهذه نتيجة لا تتفق مع تفكير وتوقعات وتحليلات كثيرين منا.. «إحنا في العالم الثالث خصوصا العرب.. إحنا ناس غير»!.
في الانتخابات التركية الأخيرة، كل العالم تابع باهتمام، بل احتشد الغرب كله في مؤامرة مفتوحة ضد حرية وحقوق وخيارات الشعب التركي، ولا أعتقد أن الإعلام الغربي عبر التاريخ، وخلال كل المواقف والحملات ضد الآخر، لا أعتقد بأنه قام بحملة أكثر انسعارا من حملته ضد أردوغان ومحاولة تخسيره هذه الانتخابات، لكنه ليس فقط سلم من تلك الحملة ومراميها العدوانية، بل أيضا فاز بالانتخابات، وانتصر على الجميع، وفي الوقت نفسه قدمت تركيا وشعبها وأحزابها وحكومتها ومعارضتها، كلهم قدموا درسا للديمقراطية العالمية، يستحق ان نعترف به ونفهمه، ونسأل: كيف يحبون بلدهم وديمقراطيتهم ويتمسكون بهما ويدافعون عنهما إلى هذا الحد؟
لا أتحدث عن سياسة تركيا ولا عن طموحاتها وأجندتها في عهدة أردوغان او في عهدة حزب العدالة والتنمية، بل فقط عن هذا النموذج البارز، الذي يفرض احترامه حتى على أعدائه..
مبروك لتركيا هذا التقدم والنهوض، والارتقاء بالإنسان وتفكيره وارتباطه ببلده وخياراته، قبل تقديم التهنئة بالاتتخابات التي شغلت العالم شرقا وغربا.
نحتاج في عالمنا الثالث الغارق بالتحديات والأزمات والأطماع والأوجاع.. نحتاج أن نتعلم ولو ربع الدرس التركي.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :