اليوم العالمي للملكية الفكرية

الهاشمية نيوز -
د. عبدالكريم محسن ابو دلو

يحتفل العالم بالسادس والعشرين من شهر نيسان من كل سنة، باليوم العالمي للملكية الفكرية، اعترافا بأهمية الملكية الفكرية وضرورة حماية مبدعيها،وزيادة الوعي بأثر الملكية الفكرية على الحياة اليوميـة، ودورها الفعال بزيادة الإبداع والابتكار بمختلف المجالات.

وتعتبر حقوق الملكية الفكرية، من الحقوق المهمة والأساسية التي تثبت للإنسان، فهي وليدة عقله ونتاج فكره وإبداعه، لذلك يثبت لهالتمتع بمجموعة من الحقوق تجاه نتاج هذا الفكر والإبداع.

ويتأصل ماضي العراقة التاريخية لحقوق الملكية الفكرية برحاب القانون، حيث أولت الاتفاقيات الدّوليّة والتشريعات الوطنية اهتماما واضحا بحقوق الملكية الفكرية، بهدف تمكين المبدعين من تلقي عوائد مالية مقابل استغلال ابتكاراتهم، وبما يحفز من خلق بيئة إبداعية مزدهرة تلقي بآثارها الايجابية على المجتمعات الوطنيةوالدولية.

وتأييدا لتحقيق هذه الأهداف جاء تشريع الملكة آن الانجليزي لعام 1710، أول تشريع لحقوق المؤلف في العالم عرف باسم «تشريع آن من اجل تشجيع التعليم»،وكانت اتفاقية بيرن لحماية الأعمال الأدبية والفنية عام 1886 الوثيقة الدّوليّة الأولى التي أسست حماية حقوق المؤلف، وأصّلت المفاهيم القانونية التي ترسخ الحماية المالية والأدبية للمؤلفين.

وابتداءً من ذلك التاريخ، بدأت مختلف النظم القانونية الوطنية والدّوليّة، تتماوج بتوجيه الاهتمام المناسب بتنظيم حقوق الملكية الفكرية،وفق ما يتوافق مع عقائدها الفلسفية ومذاهبها الاقتصادية والاجتماعية ومصالحها الثقافية، وبما يواكب مستجدات الحياة العلمية والثقافية.

وظلّت هذه الوتيرة بحماية الملكية الفكرية، إلى أن تم إنشاء منظمة التجارة العالمية عام 1995، التي شكلت مفصلا فارقا في التاريخ القانوني لحماية الملكية الفكرية، عندما أفردت ضمن باقة الاتفاقيات المنبثقة عنها؛اتفاقية مستقلة لحماية الملكية الفكرية هي «اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية» المعروفة باسم «اتفاقية تريبس».

فلقد أعادت اتفاقية تريبسالزخم وبعثت أمواجا جديدة من الحيوية إلى حقوق الملكية الفكرية، بجعل هذه الحقوق في قلب الاهتمام العالمي وربطها بالتجارة الدّوليّة.

وإذتعد اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ومنها اتفاقيةتريبس، الأساس القانوني والمحرك الفاعل للتجارة الدّوليّة، فقد جاء ربط حماية حقوق الملكية الفكرية مع هذه الاتفاقيات كي تضمن الدول الصناعية التزام كافة الدول، التي ترغب بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، بحماية حقوق الملكية الفكرية وبما يكفل مصالحها.

ولكن التقدم التكنولوجي وتطور الإبداع الإنساني خاصة مع ولوج العالم بقوة إلى الحضارة الرقمية، أدى إلى ظهور أنواع جديدة من الملكية الفكرية هي المصنفات الرقميةالتي تعبر عن تقدم المجتمع العلمي والتقني، وأصبحت الملكية الفكرية الرقمية وحمايتها من أهم سمات العصر التقني الحديث. خاصة مع الدور الكبير الذي يؤديه الحاسوب بإعداد الملكية الفكرية ومعالجتها وخزنها ونقلها وتحويرها.

وقدتبين لاحقا، بسبب القفزات المتسارعة بمجال المعلومات الرقمية، ظهور قصور باتفاقية تريبس تجاهحماية حقوق الملكية الفكرية بالبيئة الرقمية، مما استلزم ضرورة وجود اتفاقية جديدة تعالج هذا الموضوع، تصدت لوضعها المنظمة العالمية للملكية الفكرية،والمعروفة باسم اتفاقية الويبو بشأن حق المؤلف لعام 1996.

بـذلك، إن هذه التفاعلات الهائلة لحقوق الملكية الفكرية وتأثير الاتفاقيات الدّوليّة في تنظيم هذه الحقوق، بإدخال تعديلات كبيرة على قوانين حق المؤلف الوطنية وتشريع قوانين جديدة لحماية حق المؤلف، وذلك تحت تأثير المرحلة الزمنية المركزية لتطور الاقتصاد العالمي، رفع هذا التأثير المتعاكس بين القانون الدّولي والقانون الوطني فاعلية حقوق الملكية الفكرية وكفاءاتها التطبيقية، من خلال التشارك الدولي بإبداع هذه الحقوق أو من خلال عولمة استغلالها، بما من شأنه أن يعزز الأهمية الاقتصادية العميقة للعملية الإبداعية، ويكرس أهمية الاهتمام العالمي بالملكية الفكرية.