تاريخ النشر - 01-11-2022 10:18 AM عدد المشاهدات 194 | عدد التعليقات 0
إلى الخمسين

الهاشمية - حسن جلنبو
إلى الخمسين يحملني السرابُ *** ويعرُجُ بي على القلق السحابُ
فلا ركبٌ أخبُّ إليه رحلي *** ولا عيرٌ لديّ ولا رِكابُ
كأنّي والرحيلَ على لقاءٍ *** تعاهدنا، فأدمَنَنا الغيابُ
ألفْنا بعضنا حتى اعترتْنا *** شجونٌ لا يترجمُها كتاب
وقفتُ وبين آمالي وبيني *** مفاوزُ دونها سورٌ وبابُ
وأحلامٌ تهاوت مثلَ طودٍ *** وآلامٌ لها في الروحِ نابُ
تذكرتُ السنينَ فضاق صدري *** وساورني شجونٌ واكتئابُ
على عمرٍ مضى إلا قليلاً *** وأهلٍ ضمَّهُمْ لحدٌ فغابوا
وأورثني الحنينُ لهم هموما *** يراوحُ موجتي منها عُبابُ
فتقذفني إلى شطآنِ نزفي *** وحيدًا يستلذُّ بي العذابُ
وتلقيني غريبا شيّبتْهُ الـ *** حوادث وهو لم، يبرحْ، شبابُ
إلى الخمسين، تُسرِعُ بي الأماني *** ويحدو عِيسَ «هودجها» ارتقابُ
على أملٍ إذا ضاقت سهوبٌ *** ستفتح لي ذراعيها هضابُ
فأرضُ الله واسعةٌ، ولولا *** مخافةُ أن يوافيَني الكتابُ
غريبا، لابتدرتُ إلى ديارٍ *** يعزُّ بها المقام ويُستطابُ
ولكن لي بلادٌ، كلُّ همّي *** بأن لا تستحلّ بها الذئابُ
وتبقى سِفر نظمي وابتهالي *** وقافيتي إذا عزّ الخطابُ
مضت خمسون في خيرٍ و جُودٍ *** عميمٍ ليس يدركه حسابُ
وقد بسطَ الإله عليّ فضلًا *** فلا يُجزيه شكرٌ أو ثوابُ
على أن أرتجي فيما تبقّى *** مزيدا ليس يمنعه حجابُ
وعفوًا ليس تحجبه ذنوبٌ *** وليس يطالني يومًا عقابُ
ويغفرُ زلّتي أنّي غريبٌ *** وفي كفَّيّ من دمعي خضابُ
على العمر الذي قد راح مني *** بعيد الدار، يُنهكني الغيابُ
فإني، والليالي علّمتني *** وأدمتْني بحدَّيْها الحِرابُ
رأيت المرءَ تصرعه ثلاث *** حنين واشتياق واغتراب