-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 26-07-2022 09:22 AM     عدد المشاهدات 377    | عدد التعليقات 0

الحنين للماضي يدفع الأخرس لتحويل منزله لمتحف مقتنيات قديمة

الهاشمية نيوز - حياة في جوف حياة، وذكريات عالقة، يتمسك بأطراف ثوبها، أحمد الأخرس الذي يعيش في منزله المتواضع في وادي عبدون، ليحوله إلى متحف لعشرات الآلاف من المقتنيات القديمة التي تعيد إلى الأذهان تفاصيل حياة ما قبل عشرات السنوات، بل وأكثر من ذلك.
الأخرس الذي تقاعد منذ أشهر قليلة من عمله في القطاع الحكومي، لم يتوان يوماً عن الاحتفاظ بالذكرى وتحويلها لحياة ملموسة أكثر مما هي صورة عالقة في الذهن فقط، فهو مذ عشرات السنين يجمع كل ما كان يستخدمه الاردنيون منذ خمسينيات وأكثر من القرن الماضي، قاده الشغف وحب التدوين والأرشفة لكل ما يتعلق بتلك الحقبة إلى أن يتحول منزله إلى متحف بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
يقول الأخرس في حديثه لـ”الغد” حول هذا الشغف والحب والتعلق النادر بمقتنيات العقود الماضية، إنه دأب على تجميع كل ما تقع عليه يده ويستطيع شراءه منذ كان يافعاً، ويحتفظ به في مكان خاص به، وهكذا تحولت هذه الهواية إلى شغف وتعلق، حتى بعدما توجه للعمل الوظيفي والزواج وتكوين أسرة.
“كتاب باسم ورباب”، وكتب المناهج المدرسية في مكتبة الأخرس، يبحث عنها الآن الكثيرون ليقلبون صفحاتها ويجدون بين طياتها ذكريات ومعاني الطفولة البريئة، التي تصفحها الأطفال آنذاك، حيث لم تكن هنالك مواقع إلكترونية والعاب صاخبة، هذا الكتاب الملون البسيط يحتفظ به الأخرس بين رفوف غرفة الأرشيف يناظرها ويعطي المجال للزوار برؤيتها والبحث عن ذكرياتهم بين حروفها.
يرفض الأخرس أن يخرج من تلك الحقبة، فتلك الذكريات يستعيد تفاصيلها كلما دخل إلى تلك الغرفة في بيته، والتي أطلق عليها مقتنيات أحمد الأخرس، عالم جميل، هو يراه جميلاً بكل تفاصيله، مشيراً إلى أنه أدرك منذ ذلك الوقت “أنه سيأتي علينا زمان نشعر بالحنين لهذه المقتنيات وعلينا أن نحتفظ بها لنريها للأجيال القادمة ونشعر بالمتعة التي كنا نعيشها في مجتمع بسيط جميل وجيل طيب”، على حد تعبيره.
الزائر لبيت أحمد الأخرس، يفرح عندما يلتقي بتفاصيل هذا الزمن الجميل، حيث يشعر بالسعادة وهو يناظر كل ما هو موجود. ويقول الأخرس “أسهر ليالي للحفاظ على ممتلكاتي التي لا تقدر بثمن في نظري فهي ليست مواد فقط بل ذكريات وأيام وسنوات ما تزال عالقة في الذهن”.
ووفق الأخرس، كان يافعاً يهوى الشعر والرسم والخط العربي الأصيل، وهذا جعل منه شخصاً يؤمن بأن الزمن القادم سيكون زمن الحنين والذكريات، وكان لديه أفق وخيال واسع في هذا الشأن، الأمر الذي دفعه للاحتفاظ بكل صغيرة وكبيرة وانه سيكون ذا أهمية في المستقبل القريب، وهو ما حدث بالفعل بوجود التكنولوجيا التي ساهمت في اندثار جزء كبير من تلك التفاصيل.
الأخرس عمد على استثمار هذه التكنولجيا لنشر محتويات أرشيفه المنزلي، وذلك من خلال التطبيقات الكثيرة التي تتيح له نشر مقاطع فيديو وصور جعلت الكثيرين من مختلف دول العالم تتداولها وتتغنى بتلك الفترة الجميلة، بل ان كثيرين تواصلوا معه من أجل الحصول على بعضها، إلا أنه يأبى أن يفرط بها ويتمسك بكونها جزءا جميلا من حياته يحافظ عليه وكأنها أغلى ما يملك.
وحول موجودات الأرشيف، يبين الأخرس ان كل ما يمكن أن يخطر على بال إنسان من تلك الحقبة موجود في متحفه المنزلي، ومن الأمثلة على ذلك “الألعاب، الملابس، الأحذية، الكتب، الصحف، المجلدات، بعض المأكولات، إلكترونيات تقليدية، منظفات، اثات، أدوات منزلية، قرطاسية، أزياء المدرسة، عملات قديمة، إكسسوارات، حقائب مدرسية، …إلخ”.
بالإضافة إلى الكثير من الأصناف النثرية، ومن ابرزها كذلك الخرائط والوثائق المختلفة، والتي يحاول التعريف بها للأجيال الجديدة من خلال نشر صورها وشرح تفاصيلها، ولكن الجميل في هذا الجانب تهافت الأجيال السابقة على تبادل الحديث حول ذكريات تلك المقتنيات وأنها تثير فيهم الشجن والحنين للماضي الجميل.
ومن أبرز الموجودات في أرشيف منزله؛ نسخ صحف قديمة جداً وابرزها صحيفة “القِبلة” العدد الأول منها، والتي يزيد عمرها على 113 عاما، وصحف أردنية قديمة جداً تحمل أخباراً محلية وعالمية آنذاك، وإعلانات لمنتجات في ذلك الوقت، كما تتوفر لديه صحف عالمية قديمة جداً دفعه حب الاقتناء على جمعها والبحث عنها في العديد من الأماكن، كما يحتفظ بعشرات النسخ من المجلات والصحف الأسبوعية العريقة.
الأخرس يجد في هذه الطريقة الآن وسيلة لإسعاد الآخرين، الذين يعيد لهم الذكريات، ويذكرهم بعائلاتهم وأصدقاء الطفولة، والحياة التي كانوا يعيشونها في ذلك الوقت، وعلى الرغم من أن كثيرين عرضوا شراء بعض من تلك المقتنيات إلا أنه يرفض رفضا تاما أن يفرط بأي قطعة.
ووفق الأخرس، فإنه واجه صعوبات كثيرة منذ عشرات السنين حتى يجمع ما جمعه من عدة أماكن، وخاصة القطع القديمة جداً، ونسبة كبيرة منها قام هو بشرائها في ذلك الوقت واحتفظ بها دون استخدامها، كما في الالعاب التي انقرضت.
وتوارث أبناء الأخرس هذا الشغف منه، وذلك من خلال حرصهم على المقتنيات، والمحافظة على نظافتها وحمياتها من اي عوامل تلف، إذ يحرص الأخرس وابنه الأكبر على السهر لساعات طويلة خلال فصل الشتاء من أجل حمايتها من مياه الأمطار، خاصة وأن جزءا من منزله بسقف حائط “زينكو” والذي يمكن أن يسرب الماء مع مرور الوقت.
وخلال الفترة القليلة الماضية، ساهم الأخرس في تنظيم عدة معارض، فيما يتعلق بأخبار وعدد من المقتنيات الخاصة ببعض المؤسسات الرسمية الكبرى، وكان له كبير الأثر في تزويدهم بها، خاصة وأنه يحرص على أرشفتها “إلكترونيا”، لحمايتها من الاندثار مهما مرّ عليها من الزمن.
وفي النهاية، يطمح بأن يقوم خلال الفترة القادمة بتنظيم معرض أو مزار لعرض كل ما يملكه من مقتنيات بهدف التعريف والتذكير والاستمتاع بها من قبل الزوار، خاصة وأن كثيرا يطالبونه بعرضها ومشاهدتها، ولكن لضيق المكان في منزله، يبحث الآن عن مكان مناسب ورعاة يسهلون عليه هذه المهمة الممتعة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :