-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 25-07-2022 09:37 AM     عدد المشاهدات 187    | عدد التعليقات 0

(زوجوه بيعقل) .. مقولة يدفع ثمنها أطراف لا ذنب لهم

الهاشمية نيوز - تعتقد عائلات كثيرة ممن تعاني من سلوكيات الابن غير السوية، أن زواجه سيكون “مفتاح الفرج”، وبأن تحمّل المسؤولية وإنجاب الأطفال هو حل سحري يساهم بتقويم السلوك، والابتعاد عن الأخطاء التي يمارسها في حياته.
غير أن ذلك، قد يساهم أكثر في انتشار العنف، وزيادة نسبة الجريمة، خصوصا عندما يكون الأهل متيقنين تماما من سلوك الابن السيئ وأفعاله غير المنضبطة، لينسحب ذلك على الأسرة بأكملها، وظلم يقع على الطرفين.
الأصل، وفق خبراء، معالجة السلوكيات السلبية قبل التفكير بالارتباط، لأن تلك السلوكيات سيأخذها معه الشاب، أو الفتاة، لبيت الزوجية وستتفاقم المشكلات والخلافات لاحقا، لتزيد نسب الطلاق، والعنف والجرائم الأسرية أيضا.
فريال إحدى السيدات التي فكرت بهذا الجانب، معتقدة أن سلوك ابنها سيتغير تماما عند الارتباط، وزوجته المستقبلية سيكون لها القدرة على تقويم سلوكه. لذلك تحدثت مع زوجها وكلها ألم وحرقة وخوف على ابنها الشاب والذي يعود يوميا متأخرا وبمزاج صعب، متيقنة من أن أصدقاءه أثروا على مسلكياته سلبا، سواء بشرب الكحوليات والسهر بأماكن غير مناسبة.
اقتراح الأم كان بأن يتزوج ويؤسس لحياته، على مبدأ “بنزوجه.. بكرا بعقل”، معتقدة أن سلوكه سينعدل مع الالتزامات الجديدة ومسؤولياته مع زوجة ستكون هي الوسيلة التي من خلالها تساعد ابنها.
وبالفعل، تقدموا لخطبة إحدى الفتيات، معترفة أنها أظهرت ابنها بأفضل الصفات، وبعد الزواج بأشهر ظهرت مشاكل كثيرة، حيث كان يعنف زوجته ولا يعود للبيت إلا في منتصف الليل، وكانت دائما والدته تحاول أن تتحدث مع الزوجة وبأن عليها أن تصبر، وأنه “سيعقل لاحقا” لكن دون جدوى، حيث وقع الطلاق، وعاد لحالة أسوأ مما كان عليه.
تعترف الأم أنها أخطأت حينما “ظلمت بنت الناس”، كما تقول، لكنها اعتقدت أن تلك الطريقة الوحيدة لتصحيح مساره.
هذه الحالة، تتكرر بشكل شبه يومي بالبيوت، وبأن الزواج بمسؤولياته عبارة عن استقرار لجميع الشباب من كلا الطرفين “فإن تزوجوا عقلوا”، بدلا من أن يعمل الأهل على تربية الأبناء تربية سليمة والبحث عن طرق لتعديل السلوك أو العلاج النفسي لمن يحتاج، بعد ذلك التفكير في خطوة الزواج، حتى لا تكون النتائج وخيمة بعد ذلك.
وفي قصة مختلفة، يجتمع الجيران دوما لامتصاص غضب ابن الحي “الغضيب” كما هو متعارف عليه بالمكان، فيروي الجار تيسير مأساة الحي بوجود ابن يبلغ من العمر 34 عاما، يقوم دائما بتعنيف أفراد أسرته، وتكسير الزجاج مع نوبات الغضب الشديدة والدائمة.
هذه الحالة بدأت بعد وفاة والده، حيث تمر العائلة بحالة مأساوية، مع محاولة أهالي الحيّ تهدئة الشاب دوما، لكنه دائم التهديد بأنه سيحرق البيت وينتقم من الجميع.
وبعد فترة قليلة، كان الاقتراح بتزويجه من فتاة تصغره بـ 14 عاما، أملا بأن يهدأ ويعقل وأن يصبح مسؤولا، لكن يبين هذا الجار أنه وللأسف أصبحت تتعرض إلى التعنيف المستمر، لتضاف لقائمة العائلة بالإهانة والضرب.
ويقول؛ ظلمت الفتاة وعائلتها، كما أن قلة حيلة والدة الشاب وصلت لإقناع الزوجة بأن تحمل طفلا، لعل وعسى أن يهدأ ويعقل ويصبح أبا يتحمل مسؤولية العائلة.
يستغرب تيسير من طريقة تفكير الأهل رغم معرفتهم بالاضطرابات النفسية والعقلية والسلوكية لابنهم أو ابنتهم ويجدون أن الحل في الزواج، وكأن الزواج عبارة عن مصحة عقلية، غاضين الطرف عن المسؤولية التي تقع على الطرف الآخر والظلم الذي يقع عليه من جراء معاشرة هذا الشخص.
ووفق مختصين فإن السعي وراء هذه المقولة كان سببا في ضحايا عنف وجريمة في المجتمع بالكثير من الأحيان، إذ يستيقظ المجتمع على جريمة قتل أو تعذيب وسببها في البداية هي معرفة الأهل للسلوك غير السوي لابنهم، إلا أنهم يتقصدون تزويجه ويسعون إليه من باب أن هذا الزواج سيكون رادعا لأفعاله السيئة ويعدل سلوكه وبالتالي يعقل ويتحمل المسؤولية.
ويؤكد اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة أن الكثير من قضايا القتل في المحاكم كانت تنتهي ويتحفظ عليها على أن القاتل مريض نفسي، خصوصا مع من يتعاطى المخدرات أو معروف باضطراباته السلوكية والنفسية. ووفق ما يقوله، فإن الكثير من القصص قائمة على أن الزواج مصحة عقلية ونفسية، بتجاهل الأهل تربية أبنائهم بشكل سليم وسوي والتعامل السليم مع سلوكياته الخاطئة وتقويمها هو الاساس، وبدلا من الإصلاح يكون الضرر أكبر فيقع على الضحية وهي الطرف الآخر في القصة وعلى الأطفال فيما بعد.
ويؤكد مطارنة أن الأقوال والحكم والأمثال قيلت في أوقات وأزمان مختلفة عن اليوم، وهذا لا يعني أنها صالحة لكل مكان، فمقولة “زوجوه بعقل”، قيلت في زمن كان الزواج عبارة عن مسؤولية حقيقية، وإن كان هناك خطأ يقوم المحيط بتقويمه عبر أناس عقلاء بجانبه. ويكمل؛ اليوم مع صعوبات الحياة فإن مؤسسة الزواج لم تعد مثل السابق.
ويتفق اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع مع مطارنة بأن الأقوال والحكم والأمثال لا يمكن أن تكون جميعها سارية لكل زمان ومكان، فتصحيح سلوك الابن هو الأهم قبل اللجوء لمؤسسة الزواج.
ويؤكد جريبييع أن الزواج من المفترض أنه يزيد من المسؤولية والوعي، لكن ذلك حينما يكون الطرفان جاهزين لمرحلة الزواج، بعيدا عن اعتقادات أن الارتباط يعالج السلوكيات الخاطئة، وبالتالي يدفع الأطفال ثمن كل ذلك.
وعلى الأهالي أيضا، أن يكونوا أكثر إنصافا اتجاه الأطراف الأخرى، وعدم تشجيع الابن غير السوي بأن يرتبط بفتاة، – والعكس صحيح-، لكي لا تدفع ثمنا لا ذنب لها فيه، فمن المفترض أن تكون التربية والتنشئة سليمة لسلامة العائلة مستقبلا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :