-

كتابنا

تاريخ النشر - 21-03-2022 09:57 AM     عدد المشاهدات 420    | عدد التعليقات 0

الإبداع والابتكار والتصنيع هي الحل

الهاشمية نيوز -
حسني عايش

الاقتصاد اليوم هو عصب الحياة ومصدر البقاء، وأن كل من يكفيه اقتصاده مستقل سياسياً بمقداره. إنه تغنيه عن مد اليد طلباً أو استجداء للمنح والمساعدات والقروض العاجلة آو الآجلة كي لا يسقط وينهار.
وهكذا نشاهد جميع البلدان تتحدث عن النمو الاقتصادي، وتتنافس به بالقيمة المضافة إلى السلعة أو إلى الخدمة التي ترفع نسبته مدخلاته فيهما. إنه صراع تنافسي بين الدول على الفوز بالاستقلال الاقتصادي، وما ينبثق عنه من قوة سياسية وثقافية ومكانة الدولية.
ولإدراك مغزى أو معنى ما أرمي إليه أو لتقريبه إلى الأفهام فإنني سأضرب أمثلة غريبة ولكن واضحة عليه. ومن ذلك مثلاً أن الحديد الخام الذي يباع بسعر التراب يتحول إلى سلع تباع بعشرات أضعاف أو آلاف ذلك على شكل سيارة أو أداة، وكذلك النحاس وبقية المعادن. أما برميل النفط الخام الذي يباع بتسعين دولارا فإنه يحوّل إلى مواد وسلع ومركبات تباع بمئات الدنانير، وأن تنكة زيت الزيتون التي تباع بمائة دولار تباع مركباتها من الشامبو والصابون السائل وغيره بأضعاف ذلك.
خذ القهوة أيضاً، التي ينتجها ويبيعها المساكين في أفريقيا وأميركا الجنوبية، بسعر التراب، تجد أن منتجاتها المصنعة تباع بأضعاف ذلك، فقد يصل سعر الكيلو غرام من بعض أشكال القهوة إلى خمسين دولاراً.
أما إذا أخذت البطاطا التي يباع الكيلو غرام الخام منها بدولار، فإنك تجد أن رقائق البطاطا المشتقة منها تباع بعدة أضعاف ذلك. أما الحليب الذي يباع الكيلو غرام منه بدولار فإن مشتقاته مثل لوربارك تباع بعشرات أضعاف ذلك. وخذ الكاكاو تعثر على المفارقة الكبرى بين سعر المنتج الأولي وأسعار ما يشتق منه من سلع بالابتكار والتصنيع والتغليف. لقد زاد سوق الشوكولاتة في عام 2021 على مائة وثمانين وثلاثين بليون دولار، لم يحصل مزارعو الكاكاو منها إلا على النزر اليسير. وهكذا.
إذا تابعنا هذا النهج التبسيطي في التقريب والتوضيح والأمثلة نكتشف أن علة التخلف عند المنتجين الأولين أو الأرضيين اكتفاؤهم ببيع منتجاتهم أو بتصديرها كما هي أي خام « في حال البلاش» لأن المزارع أو المنتج للمواد الخام يحصل على القشور من عمله المضني مقابل المبدع والمبتكر والمصّنع الذين يحصلون على الذهب منه.
أما إذا أضفنا الهندسة الجينية في الزراعة إلى هذا الحديث، فإن المفارقة تعظم، فهولندا واسرائيل مثلاً تبيعان كيلو غرام بذور البندورة المهندسة والتي لا يستفاد منها سوى مرة واحدة بأربعين ألف دولار، أي بسعر كيلو الذهب، بينما لا يحصل المزارع سوى على دولار أو أقل للكيلو غرام منها.
ولأدهش القارئ فيصحو فإنني أبين له فيما يلي بعض الفروق أو المفارقات الصارخة بين المبتكر / الصانِع وبين المنتِج الأولى: إن برميلاً من الهاتف الخلوي (ابل فون) مثلاً يكفي لشراء مائة ألف برميل نفط خام، وإن برميلاً من بعض قطرات العيون تكفي لشراء نصف مليون برميل نفط خام، وإن برميلاً من شرائح فحص الدم السكري يكفي لشراء الكمية نفسها من النفط الخام. إذا فكرنا هكذا ندرك الفرق أو الهوة الهائلة بين الخام والمبتكر منها وأن كل بندورة وخيار الأردن لا يساويان برميلاً من الأسبرين.
لا يعني هذا هجر الزراعة، وإنما يجب علينا الانتقال إلى الخطوات التالية التي نحول بها الخام إلى ذهب بالإبداع والابتكار والتصنيع، وهي معرفة أو مهارات نتسطيع اكتسابها لصنع فرق كمي ونوعي. هذه هي طبيعة الاقتصاد المعاصر، ويجب علينا اقتحامه، ولعل إحياء التعليم باستخراج البعد المهني الكامن فيه هو أحد أهم أدوات الاقتحام.
واخيراً: هل عرفت معنى القيمة المضافة إلى الخدمة والسلعة، وأين تقع بلدك على السلم الاقتصادي؟
لعلّ المشكلة ليست في امتلاك الدولة للموارد أو المواد الخام كما يدعي بعضنا. ذلكم هو اقتصاد الدولة الريعية أو الرعوية أو الأبوية السائرة نحو الانقراض وإنما المشكلة في امتلاك المعرفة أو المهارة اللازمة، وإلا ما ناددت كوريا واليابان بالإبداع والابتكار اوروبا واميركا في بضعة عقود.
* الأرقام تقديرية هدفها تقريب الفكرة






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :