تاريخ النشر - 25-10-2025 01:25 PM عدد المشاهدات 1 | عدد التعليقات 0
العربيات يكتب: حين يتكلم الحق — قضية القاضي الشرعي الدكتور محمود أبو رمان

الهاشمية نيوز -
كتب هاشم أمين عربيات
لم تكن كلمات فضيلة القاضي الشرعي الدكتور محمود أبو رمان مجرّد انفعالٍ عابرٍ، ولا صرخةَ احتجاجٍ في لحظة غضب، بل كانت موقفًا مبدئيًا لرجلٍ آمن بأن الحق لا يُروَّض، وأن الصدق — وإن كان ثمنه باهظًا — يظل هو السلاح الشريف لمن يملك ضميرًا حيًا.
استمعت كما استمع كثيرون إلى حديث فضيلته أمام جمعٍ من أبناء الوطن، فشعرت أن في صوته وجعًا حقيقيًا وصدقًا لا يُزيَّف.
قال الرجل بوضوحٍ لا مواربة فيه: إنه أُحيل على الاستيداع بعد أن اعترض على تقريرٍ رُفع إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، رأى أنه يحوي مغالطات وقلبًا للحقائق.
لم يختبئ خلف الكلمات، ولم يلوّح بالإشارات، بل أعلنها صريحة:
> “من يكذب على الملك تجب محاسبته، لأن الملك يستحق أن تُرفع إليه الحقيقة كما هي، دون غش أو تزييف.”
كلمة تختصر الموقف كله؛ فالقضية ليست قضية استيداع، بل قضية ضمير وعدالة وجرأة في قول الحق.
وفي دولةٍ قامت على قيم العدل والصدق والنزاهة، لا يُعقل أن يُعاقب من صدق، ويُكرم من غشّ أو زيف أو تلاعب بالحقائق.
القاضي الشرعي الدكتور محمود أبو رمان ليس موظفًا عابرًا في السلك القضائي، بل هو من الأسماء المشهود لها علمًا وأدبًا وأمانةً ونزاهةً، ومن الذين يُشار إليهم بالبصمة والفكر والرأي السديد.
وإحالته على الاستيداع تفتح الباب واسعًا أمام سؤالٍ مشروع:
هل بات قول الحقيقة ثمنه الإقصاء؟
لقد لجأ فضيلة الدكتور أبو رمان إلى المقام السامي، واضعًا ثقته في جلالة الملك الذي لا يرضى بالظلم، ولا يقبل أن تُشوَّه أمامه الحقيقة.
فمن يعرف الملك عبدالله الثاني، يعرف أنه لا يتهاون حين يتعلّق الأمر بالعدالة، وأنه يُقدّر الكلمة الصادقة حتى لو جاءت مُخالفة لأهواء البعض.
نحن اليوم أمام لحظة فارقة، تختبر هيبة العدالة الشرعية ومصداقية المؤسسات.
وإن صحّ ما قاله القاضي، فإن ما حدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام، بل يجب أن تُفتح الملفات ويُكشف كل ما وراء هذا القرار للرأي العام، بكل شفافية ومسؤولية.
أما إن تبيّن غير ذلك، فليُقالها بوضوحٍ أيضًا، فالحقيقة لا تخاف الضوء.
لكن ما لا يجوز بأي حال، هو أن يُترك الأمر في دائرة الغموض، وكأن العدالة يمكن أن تُدار من وراء الأبواب المغلقة.
أنا على يقينٍ أن جلالة الملك، كما عهدناه، لن يسمح بأن يُظلَم أحدٌ في عهده، ولن تمر هذه القضية دون إنصافٍ ومحاسبةٍ عادلة.
فإن كان القاضي أبو رمان صادقًا فيما قال، فالتاريخ سينصفه،
وإن لم يكن، فالقانون كفيلٌ أن يُنصف الجميع.
أما كلمة الحق الأخيرة، فهي أن الصدق لا يُحال إلى الاستيداع،
والضمير الحيّ لا يُعاقب لأنه تكلّم،
والملك، كما نعرفه، لا يُخدع، ولا يرضى إلا بالحقّ كاملًا واضحًا ناصعًا.