-

كتابنا

تاريخ النشر - 16-08-2025 04:24 PM     عدد المشاهدات 21    | عدد التعليقات 0

نهاية الأخطبوط الإيراني .. حبرٌ أسود قبل الغرق

الهاشمية نيوز - بقلم: الأستاذ الدكتور هاشم الحمامي



في دهاليز الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، حيث تتقاطع الدماء بالمصالح وتتشابك الصراعات، تمدّد الأخطبوط الإيراني ببطء ودهاء، مستفيداً من هشاشة الدول العربية وانقساماتها. لعقود، ظنّت طهران أن الطريق مفتوح أمام مشروعها التوسعي، وأن أذرعها الممتدة قادرة على خنق خصومها من الخليج إلى المتوسط. لكن اليوم، يقف الأخطبوط على حافة الهاوية، يترنّح تحت وطأة العقوبات والضربات، متسائلًا: هل حانت لحظة الضربة الأخيرة؟



بدايات التمدد: من بيروت إلى بغداد



منذ الثمانينيات، قرأت طهران المشهد العربي بعين الثعلب، فرأت أن بوابة الهيمنة تمر عبر أذرع عقائدية موالية. في لبنان، زرعت "حزب الله" ورعته بالسلاح والمال، ليصبح ذراعها الأخطر في تهديد الأمن الإقليمي.

وفي العراق، بعد الغزو الأمريكي عام 2003، اندفعت لتضع مواليها في قلب السلطة، وأسست ميليشيات عقائدية سيطرت على القرار السياسي والعسكري في بغداد، لتصبح صاحبة النفوذ الأكبر هناك.



دماء سوريا ورمال اليمن



مع اندلاع الثورة السورية، تحوّل التحالف مع نظام الأسد إلى تحالف دموي؛ إذ دفعت إيران بميليشياتها وقواتها لقمع الثورة، متجاهلة كل الاعتبارات الإنسانية. وفي اليمن، وجدت ضالتها في الحوثيين، فدعمتهم لإشعال حرب استنزفت البلاد وأربكت خصومها الإقليميين. وهكذا، شدّد الأخطبوط قبضته على أكثر من ساحة عربية.



خطوط المواجهة: واشنطن وتل أبيب



تغاضت واشنطن طويلًا عن هذا التمدد، لكن تجاوز الإيرانيين لخطوط حمراء فجاء الرد، وكان اغتيال قاسم سليماني قرب مطار بغداد عام 2020 أقوى الرسائل. أما إسرائيل، فخاضت حرباً صامتة ضد النفوذ الإيراني: اغتيالات في بيروت ودمشق، ضربات جوية في العمق السوري، وعمليات استخباراتية داخل إيران نفسها.



التحول بعد 7 أكتوبر 2023



كل شيء تغيّر يوم 7 أكتوبر 2023، حين نفّذت "حماس" هجوماً مباغتاً على إسرائيل. لم يقتصر الرد الإيراني على غزة، بل فتحت أذرع طهران النار من لبنان وسوريا والعراق واليمن. وهنا تحولت الحرب من مواجهة بالوكالة إلى صدام مباشر بين إيران وإسرائيل، بلغ ذروته في حرب الـ12 يوماً، حين شاركت واشنطن في قصف العمق الإيراني ومواقعه النووية. ضربة كسرت هيبة طهران أمام أنصارها وخصومها على حد سواء.



تفكك الأذرع وتراجع النفوذ



اليوم تحاول إيران لملمة جراحها، لكن أذرعها لم تعد كما كانت:

.حزب الله منهك ومقيَّد بقرار حكومي لبناني ينزع سلاحه ويقيّد قراره.

.الحوثيون فقدوا القدرة على إحداث أذى إقليمي واسع.

.حماس على حافة صفقة دولية قد تفكك تحالفها مع طهران.

.الميليشيات العراقية بلا قوة ولا إرادة حقيقية للقتال خارج حدودها.

.سوريا خرجت من قبضة إيران تماماً بسقوط نظام الأسد وعودة المعارضة إلى الحكم.

الأخطبوط الإيراني يفقد أطرافه تباعاً، ولا يقوى على التحكم بها.



الفرصة التي تنتظرها إسرائيل



تدرك تل أبيب أن الوقت يعمل لصالحها. تنتظر فقط هدوء جبهتي غزة ولبنان، لتوجّه الضربة القاتلة في عقر دار طهران. ضربة قد تطيح بالنظام الإيراني أو تخلخل أركانه إلى الأبد.



خاتمة: ضربة أخيرة أم حبر أسود؟



إيران اليوم أمام مفترق طرق: هل تغامر بما تبقى لديها من صواريخ وميليشيات في "ضربة أخيرة" يائسة، أم تكتفي بعروض استعراضية لقوة لم تعد تملكها؟

المؤكد أن نفوذها في أضعف حالاته منذ عقود، وأن أنفاسها تضيق وأذرعها تتهاوى تباعاً. وما تحاول فعله الآن لا يتجاوز لحظة إطلاق الأخطبوط المحاصر لحبره الأسود، في محاولة يائسة للانسحاب إلى جحره، بحثاً عن مهرب من مصيره المحتوم.

لكن في ساحة الشرق الأوسط، حيث لا مكان للضعفاء، قد يكون هذا الحبر آخر أنفاسه قبل الغرق.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :