-

كتابنا

تاريخ النشر - 29-07-2025 06:25 PM     عدد المشاهدات 1    | عدد التعليقات 0

الرقصة الأخيرة للأخطبوط الإيراني: هل اقتربت المواجهة الحاسمة

الهاشمية نيوز -

بقلم: الأستاذ الدكتور هاشم الحمامي

على رقعة شطرنج الشرق الأوسط، يتحرك الأخطبوط الإيراني بخفة راقصةٍ تارة، وبخطوات ثقيلة تارة أخرى، يمارس لعبة الصبر الإستراتيجي على وقع طبول الحرب التي لا تهدأ. وما بين غارات خاطفة ومفاوضات متعثّرة، تترنح المنطقة فوق برميل بارود مهدد بالانفجار. فهل اقتربت ساعة الحقيقة؟ وهل تعود واشنطن وتل أبيب لاجتثاث رأس الأخطبوط الذي طالما مد أذرعه في عمق الجغرافيا العربية؟

مواجهة مؤجلة... لكنها لم تُلغَ:

في يونيو/حزيران 2025، شهدت المنطقة واحدة من أخطر المواجهات بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى. على مدى 12 يوماً، أطلقت إسرائيل العنان لسلاحها الجوي لتنفيذ عمليات نوعية استهدفت العمق الإيراني، بما في ذلك منشآت نووية، ومقرات للحرس الثوري، ومراكز تطوير الصواريخ الباليستية، فضلًا عن تصفية شخصيات عسكرية بارزة مرتبطة بالبرنامج النووي.
ووفقاً لمراكز بحثية دولية كـ"معهد واشنطن" و"مجموعة الأزمات الدولية"، فقد تكبّدت إيران في تلك الفترة خسائر تجاوزت الـ200 قتيل من عناصر الحرس الثوري وخبراء في مشروعها النووي، إضافة إلى تدمير واسع في منشآت عسكرية بالغة الحساسية.

ورغم حجم الضربات، جاء الإيقاف المفاجئ للحملة العسكرية بأمر شفهي من الرئيس الأمريكي ، دونالد ترامب، في قرار وُصف بـ"المباغت والاستراتيجي" في آن معاً. لم يكن هناك اتفاق مكتوب، ولا تهدئة رسمية، بل كان الأمر أشبه بصفقة غير مُعلنة فرضتها توازنات داخلية وخارجية معقدة.

إيران تلعق جراحها وتستعد للجولة القادمة:

خرجت إيران من تلك المواجهة وهي تنزف سياسياً وعسكرياً، لكنها لم تسقط. بل سارعت إلى إعادة ترتيب أوراقها. بدأ الحرس الثوري بإعادة هيكلة منظومته الدفاعية والهجومية، وشرع في ترميم بنيته التحتية العسكرية والنووية، بمساعدة خبراء روس وكوريين شماليين، بحسب تقارير لمجلة "فورين بوليسي" و"نيويورك تايمز".

وفي الميدان الإقليمي، لم تتراجع طهران عن دعم وكلائها: فالحوثيون في اليمن حصلوا على دفعات جديدة من الصواريخ الدقيقة، وحزب الله كثّف مناوراته في الجنوب اللبناني، فيما شهدت فصائل "الحشد الشعبي" في العراق إعادة انتشار وتسلّح في ظل صمت رسمي عراقي. أما في سوريا، فزاد الحضور الإيراني في مناطق عدة قرب الجولان والبوكمال.

الأخطر من ذلك، أن إيران بدأت بتحريك أذرع جديدة في أفريقيا، عبر دعم حركات شيعية في نيجيريا وتشاد، وسعت لتوسيع نفوذها في البحر الأحمر، ما يعكس رغبتها في خلق أوراق ضغط جيوسياسية متعددة على خصومها.

الغرب يعيد الحسابات: هل يكفي تقليم الأظافر؟

في المقابل، عبّر صقور الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي عن ندمهم لوقف الضربات قبل "سحق رأس الأخطبوط"، كما وصفها السيناتور تيد كروز. بينما أشارت تقارير لمركز "ستراتفور" الأمريكي إلى أن إدارة ترامب أخطأت حين اعتقدت أن الضربة المحدودة ستكفي لردع طهران.

اليوم، تجد الولايات المتحدة وإسرائيل نفسيهما أمام سؤال استراتيجي: هل تبقى سياسة "تقليم الأظافر" فعالة، أم أن القضاء على رأس النظام الإيراني هو الخيار الوحيد لإنهاء التهديد المستمر؟
المخاوف من تطور القدرات النووية الإيرانية تزداد، خصوصاً بعد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتصريحات التي صدرت عن بعض المسؤولين الإيرانيين، من أن إيران تحاول إعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي في بعض منشئاتها النووية.

سيناريوهات المستقبل: على حافة الهاوية من جديد.

تدور الأسئلة الكبرى الآن في أروقة صنع القرار الإقليمي والدولي:

هل تمضي إسرائيل والولايات المتحدة نحو ضربة استباقية شاملة تعيد إيران عشر سنوات إلى الوراء؟

أم أن الحسابات السياسية والانتخابية، خاصة في واشنطن وتل أبيب، ستمنح طهران فرصة إضافية لإعادة ترتيب صفوفها؟

وهل النظام الإيراني، المُثقل بالاحتجاجات الداخلية والتدهور الاقتصادي (مع انخفاض العملة المحلية بنسبة 45% في النصف الأول من 2025)، قادر على امتصاص جولة جديدة من الحرب، أم أن الانفجار الداخلي هذه المرة سيكون هو الورقة الفاصلة؟

خاتمة: رقصة النهاية... أم بداية الانهيار؟

بين مسار التصعيد ومسار الاحتواء، يبدو الشرق الأوسط كمنطقة حبلى بالمفاجآت. فالأخطبوط الإيراني لم يمدّ أذرعه عبثاً، بل بنى شبكة متداخلة يصعب اجتثاثها بضربة واحدة. لكن الزمن لا يعمل لصالحه. التصدعات الداخلية، والتحولات الإقليمية، وتصاعد النزعة الهجومية في تل أبيب وواشنطن، قد تجعل الجولة المقبلة فاصلة بحق.
فهل يشهد الشرق الأوسط رقصة النهاية لهذا الأخطبوط الذي طالما رقص على حافة الهاوية؟ أم أن إيران ستفاجئ العالم من جديد بمناورات جديدة تُبقيها في قلب اللعبة؟

> الاحتمالات مفتوحة... لكن المؤكد أن صيف 2025 لم يكن نهاية الحكاية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :