-

كتابنا

تاريخ النشر - 20-07-2025 01:13 PM     عدد المشاهدات 61    | عدد التعليقات 0

المهيرات تكتب .. المرأة الأردنية في الحياة العامة والسياسية: شراكة لا يمكن تجاوزها

الهاشمية نيوز -
بقلم الدكتورة المحامية رنا المهيرات
كاتبة في الشأن العام الأردني.

من يتأمل واقع المرأة الأردنية، يدرك تمامًا أنها لم تكن يومًا على الهامش. كانت وما زالت حاضرة في كل تفاصيل الحياة، تتحمل مسؤوليات كبيرة بصمتٍ أحيانًا، وبقوة أحيانًا أخرى، لكنها نادرًا ما تأخذ المكان الذي تستحقه فعلًا. وعلى الرغم من كل الحديث عن تمكين المرأة، تبقى المسافة بين الخطاب والممارسة واسعة.

نعم، هناك تطور على مستوى التشريعات. المرأة أصبحت عضوًا في البرلمان، ورأيناها في مواقع وزارية، وفي بعض مواقع الإدارة العامة. لكن، هل هذا كافٍ؟ هل يمكن اعتبار ما تحقق تمثيلًا حقيقيًا؟ في الواقع، كثير من النساء وصلن إلى مناصبهن بدعم نظام الكوتا أو بالتعيين، وليس عبر منافسة حقيقية على أرض الواقع السياسي. هذا بحد ذاته ليس تقليلًا من كفاءتهن، بل هو إشارة إلى أن البيئة السياسية لا تزال صعبة، ولا تفتح المجال بسهولة أمام المرأة لتأخذ دورها بحرية وندية.

السياسة ليست فقط عدد مقاعد، بل تأثير ورؤية وحضور فعّال. والمرأة الأردنية لديها من الكفاءة والعقل والانتماء ما يجعلها قادرة على التأثير، لكن الطريق إليها لا يزال مليئًا بالعقبات: ثقافة مجتمعية تقليدية، ضعف في تمثيلها داخل الأحزاب، وقلة في دعم النساء لبعضهن البعض ضمن الفضاء العام.

أما اقتصاديًا، فالصورة لا تختلف كثيرًا. النساء في الأردن يشكلن نسبة كبيرة من المتعلمات وحاملات الشهادات العليا، لكن نسبتهن في سوق العمل تبقى منخفضة جدًا. وهناك أسباب كثيرة لذلك، منها قلة فرص العمل المناسبة، وغياب بيئة عمل مرنة، وضعف سياسات التوازن بين الحياة الأسرية والمهنية، فضلًا عن الفجوة في الرواتب و الكفاءة العلمية وعدم تكافؤ الفرص. هذه الأوضاع لا تضعف فقط من موقع المرأة، بل تُهدر طاقة وطنية هائلة نحن بأمسّ الحاجة إليها.

وفي السياق الاجتماعي، لا يمكن إنكار حجم الدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع الأردني. فهي الأم والمعلمة والعاملة والمبادِرة. كثير من النساء يحملن فوق أكتافهن مسؤوليات لا تُحتمل، ويُسهمن في استقرار المجتمع وتماسكه دون أن يكون لهذا الجهد صدى في السياسات العامة أو حتى في الخطاب الرسمي.

الاعتراف الحقيقي بدور المرأة لا يكون عبر شعارات نُردّدها في المناسبات، بل بقرارات تُترجم إلى واقع. المطلوب هو تمكين فعلي، لا شكلي. المطلوب أن نرى المرأة في مواقع القرار بقناعة تامة من المجتمع والدولة، لا كمجرد رقم نُكمّل به الصورة.

في نهاية المطاف، لا يمكن للأردن أن يتقدم أو ينهض نهوضًا حقيقيًا إلا إذا كانت المرأة شريكة في كل خطوة. نصف المجتمع لا يمكن أن يبقى على الهامش أو تحت سقف التقدير الرمزي. آن الأوان أن ننتقل من مرحلة التمكين الكلامي، إلى واقع ترى فيه المرأة أثر جهودها، ومكانتها الحقيقية، وصوتها مسموعًا في كل قرار يتعلق بمستقبل هذا الوطن .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :