-

كتابنا

تاريخ النشر - 07-04-2025 10:24 AM     عدد المشاهدات 21    | عدد التعليقات 0

نتنياهو و«الفرصة الذهبية» لتوجيه ضربة قاصمة إلى إيران

الهاشمية نيوز - بقلم: الدكتور هاشم الحمامي
في قلب عاصفة الشرق الأوسط المتجددة، وبين ركام غزة المدمرة وارتدادات الحرب المتصاعدة، يبرز بنيامين نتنياهو من جديد كلاعب سياسي عنيد، يقرأ في الرماد ناراً، ويرى في الفوضى فرصة نادرة قد لا تتكرر. فهل يقود إسرائيل، ومعها المنطقة، نحو مواجهة كبرى مع إيران؟ وهل يعيد رسم الخريطة السياسية للشرق الأوسط بدعم مباشر من حليفه القديم العائد إلى البيت الأبيض، دونالد ترامب؟
بين الداخل المأزوم والطموحات التوراتية:
منذ عودته إلى الحكم، يواجه نتنياهو واحدة من أعقد الأزمات الداخلية في تاريخ إسرائيل، تتجسد في انقسامات عميقة داخل المجتمع الإسرائيلي، واحتجاجات ضد حكومته اليمينية المتطرفة، واتهامات بالفساد تطارده في المحاكم. لكن الحرب المستعرة على غزة منذ أواخر عام 2023 أتاحت له مساحة للهروب إلى الأمام، وتحويل الأنظار عن أزماته إلى «الخطر الإيراني» ومشروع المقاومة الممتد من لبنان إلى اليمن.
ينتمي نتنياهو إلى التيار الديني القومي اليميني الذي يؤمن بروايات توراتية تتحدث عن معركة فاصلة مع أعداء إسرائيل قبل إقامة «المملكة اليهودية الكبرى». هذه الرؤية لم تعد حبيسة الكتب، بل بدأت تُترجم إلى سياسات عسكرية ميدانية، عبر توجيه ضربات نوعية لمحور المقاومة، بدءاً من قطاع غزة، مروراً بلبنان، ووصولاً إلى اليمن وسوريا.
حصاد النار: انهيار المحور الإيراني؟
المراقبون للشأن الإقليمي يلاحظون تغيّراً نوعياً في قواعد الاشتباك. إسرائيل، في الأشهر الماضية، نفّذت عمليات عسكرية وصفت بـ«الجراحية» ضد قادة بارزين في حزب الله، كان أبرزها اغتيال الأمين العام بالضاحية الجنوبية في عملية نوعية أثارت صدمة في أوساط الحزب وداعميه.
وفي غزة، تمكّنت إسرائيل من تصفية عشرات القادة الميدانيين لحماس والجهاد الإسلامي، ودمّرت البنية التحتية للأنفاق ومخازن السلاح، في ما يشبه إعادة صياغة المشهد الفلسطيني المقاوم. أما في اليمن، فقد تراجعت قدرات الحوثيين الهجومية بشكل ملحوظ، بعد ضربات إسرائيلية دقيقة بالتعاون مع تحالف إقليمي.
لكن الضربة الأهم والأكثر جرأة تمثلت في سلسلة هجمات سيبرانية وأمنية استهدفت الداخل الإيراني، شملت منشآت نووية ومواقع عسكرية، وشخصيات بارزة في النظام الإيراني، وطالت إسماعيل هنية قائد حركة حماس وهو في قلب طهران، بل وان الكثير من المحللين أشار بأصبع الاتهام إلى إسرائيل في اغتيال رئيس جمهورية إيران و وزير خارجيته، وتسببت هذه الأحداث في اضطرابات داخلية متصاعدة، تعالت معها أصوات المعارضة، ما ينذر بإمكانية تحولها إلى انتفاضة شعبية واسعة.
ترامب يعود... ومعه الضوء الأخضر:
عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية في يناير الماضي مثّلت نقطة تحوّل في حسابات نتنياهو. العلاقة الشخصية الوثيقة بين الرجلين، والتقاطع الأيديولوجي بينهما في ملفات الشرق الأوسط، وخاصة العداء لإيران، جعلت نتنياهو يرى في اللحظة السياسية الحالية فرصة ذهبية لتحقيق «الحلم الكبير»: توجيه ضربة عسكرية شاملة لإيران تُنهي خطرها إلى الأبد.
وبحسب مصادر استخباراتية نشرتها صحيفة Jerusalem Post، فإن نتنياهو قد عرض على ترامب خطة من ثلاث مراحل: ضربات جوية مركّزة على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، دعم انتفاضة شعبية داخل إيران، وتحييد النفوذ الإيراني من العراق إلى لبنان. وبحسب المصادر ذاتها، فإن ترامب متردد، لكنه لا يُمانع «إذا تم وضعه أمام الأمر الواقع».
الضربة الجوية: هل أصبحت وشيكة؟
في ظل هذا السياق، تتزايد المؤشرات على أن إسرائيل تُعدّ بالفعل لضربة جوية مفاجئة ضد إيران، هدفها المباشر تدمير منشآت نووية وصاروخية في أصفهان ونطنز وبوشهر. وقد شوهدت في الأيام الماضية تحركات غير اعتيادية للطيران الإسرائيلي، مع تكثيف المناورات في النقب وتحديث منظومات الدفاع الجوي.
السيناريو الأخطر هو أن تلجأ إسرائيل لضربة استباقية دون التنسيق الكامل مع واشنطن، بهدف فرض أمر واقع على الإدارة الأميركية، وإجبارها على الدخول في المواجهة، خاصة إذا ردت طهران بعنف.
خاتمة: هل نقترب من لحظة الانفجار؟
لا شك أن بنيامين نتنياهو يلعب اليوم بالنار، لكنّه لا يرى فيها تهديداً، بل أداة لتحقيق ما يعتقد أنه قدر تاريخي. في زمن الأزمات والفرص، وفي ظل رئيس أميركي مستعد للمغامرة، تبدو المنطقة على شفا انفجار كبير.
السؤال الذي يبقى مطروحاً: هل يستطيع نتنياهو تدمير إيران دون أن يُشعل حربًا إقليمية شاملة؟ أم أنه يخطو بثقة نحو الهاوية، ومعه الشرق الأوسط بأسره؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :