-

كتابنا

تاريخ النشر - 26-03-2024 11:09 AM     عدد المشاهدات 135    | عدد التعليقات 0

رمضان زمان .. من ذاكرة الكبار

الهاشمية نيوز - رنا حداد

بين رمضان زمان والوقت الحالي فروقات في العادات والطقوس الاجتماعية لا يمكن لمن عاصر هذا الزمن ان يتخطاها، في الماضي كان لرمضان شهر الصيام عبقًا خاصًا، طغت عليه البساطة والروحانيات، حيث عاش الناس في زمنٍ مختلفٍ، اتسمت فيه علاقتهم ببعضهم البعض بالود والترابط، وطقوسهم الرمضانية بالبساطة والجمال.

أطباق الحلويات القادمة من بيوت عدة

يسترجع كبار السن ذكرياتهم مع رمضان في الماضي، بحسرة وحنين تحدث الناشط الاجتماعي الذي عرف عنه رصد الذاكرة الجمعية والتاريخية للكرك ( نصر سالم الرماضين الحباشنة ) عن شهر رمضان المبارك موضحًا الفوارق الشاسعة بين رمضان قديمًا ورمضان الجيل الحالي وخاصة من حيث الألفة والمحبة والتقارب بين الناس وعادة تبادل الأطباق المختلفة بين الناس لتصبح المائدة وكانها بوفيه من كافة أطباق الحارة.

أشار الرماضين إلى أن تبادل الأطباق كان عبارة عن وسيلة غير مباشرة لرفع الحرج عن غير المقتدرين فيقدم كل شخص ما بوسعه وما يقدر على تقديمه للجار أو القريب فيحصل صاحب القدرة المحدودة على وجبة مكتملة بكرامة وعزة دون أن يشعر بمنة الآخرين أو تفضلهم عليه.

قرب حلول شهر رمضان المبارك كان كما يقول الأستاذ نصر عبارة عن عرس اجتماعي منزلي يشمل تحديث الأواني الخاصة بالطبخ وتعزيل البيت وتنظيفه بالكامل لأن البيوت آنذاك تشهد تزايدًا في الزيارات المتبادلة والسهرات ولقاءات السمر المميزة.

أما عن مدفع رمضان وكما يتفق الجميع فهو علامة أزلية مميزة جدًا لحلول موعد الإفطار وهو موروث عثماني قديم في بلاد الشام آنذاك، في كل حي كان الاطفال يجتمعون قبل الافطار لسماع المدفع أو أذان المغرب والعودة ركضًا إلى البيوت بصوت مرتفع فرحًا بالافطار.

المقتدرون في الحارة أو الحي كانوا يشترون كمية كبيرة من التمر ويضعونها في أكياس ويوزعونها على من حولهم خلال شهر رمضان المبارك، صلاة التراويح كانت بهجة مختلفة مميزة يتبعها التقاء العائلات أمام شاشة التلفزيون لمشاهدة المسلسلات رفقة ما تيسر من أطباق الحلويات القادمة من بيوت عدة.

أما الأطباق الأبرز فقد كانت مجدرة، مقلوبة، الشعيرية والرز، العيش مع السمنة البلدية، السلطات وغيرها من الطبخات الأصيلة، وختامًا أشار الأستاذ نصر إلى الألفة والتواصل والروعة في المعاملة بين أبناء الطائفتين المسلمة والمسيحية عطفًا على الجوار الدائم والمحبة والصداقة الصادقة بينهما في ذات الحارة او الحي او المدينة بأكملها، مذكرًا أيضًا بتبادل الأطباق والطعام فيما بينهم باحترام مطلق من الطرفين لخصوصية الشعائر.

مدفع العيزرية

ومن السلط يقول ابوعلي القماز ان مدفع رمضان هو العلامة الفارقة الاكبر بين رمضان زمان والان .

يقول كان مدفع رمضان في السلط متمركزا في منطقة «العيزرية» حيث يصل صوته من هناك لكل مدينة السلط، وكان الناس ينتظرون سماع دويه إيذانا بالإفطار بعد صيام يوم رمضاني.

ويضيف «اليوم المدفع الرمضاني «فلكلور» اكثر لكن الدولة تحاول ان يكون تقليدا رمضانيا باعادة احيائه في مناطق معينة».

ويؤكد القماز ان ذاكرة حلوى شهر رمضان ارتبطت بـــ «شارع الحمام» حيث تتمركز اغلب محلات بيع الحلوى خاصة المرتبطة بشهر رمضان بهذا الشارع ، وهي محلات تبيع القطايف والعوامة وكرابيج الحلب . الا ان «الهيطلية» السلطية كانت هي حلوى الاسر عموما في السلط .

يقول «لم نكن نشهد ازدحامات مرورية بطبيعة الحال، ولا تهافت على شراء المواد التموينية ، فقد كانت الغالبية العظمى تعمل في الزراعة وتربية الماشية، وكانت العائلات تؤمن مونة رمضان قبل حلول الشهر بوقت، وتبرع النساء بعمل المخللات والمكبوس وغيرها قبل حلول الشهر».

ويضيف أن لمة الحوش والمضافات كانت من علامات قرب الناس في الشهر الفضيل ، الا ان غالبية هذه العادات والتقاليد الرمضانية اختفت في مجتمعات اليوم نتيجة التغيرات التكنولوجية التي ظهرت.

لمة الفوازير

يقول «حتى الاسرة التي كانت تجتمع لتحضر مسلسل رمضان والفوازير اليوم لم تعد تلتم بل استبدل هذا كله بالأجهزة الخلوية».

السبعينية ام رائف من اربد استذكرت ما كان يفعله الناس في رمضان زمان وتحديدا قبل الافطار بقليل .

تقول «كنا نرسل صحن كبير من «طبخة» افطار اليوم مع عدد من حبات القطائف او صحن «حلو» للجيران ، وبالمقابل هم كانوا يفعلون ذات الشيء.

وعن الاطباق انذاك قالت «مائدة رمضان كانت مختلفة عن اليوم ، اليوم تجد اكثر من صنف بينما كان رمضان زمان طبخة واحدة تبعا للموسم ،وللشتاء اطباق وكذلك الصيف».

تتابع «اعتقد اليوم نطبخ لنصور ونتباهى باطلاعنا على مطابخ عالمية ولتقليد ما نراه على الفضائيات اكثر من رغبة جادة لتناول طعام عائلي ، هذه الأيام التنوع في الأطباق والأصناف هو «الموضة» ، ويترافق هذا مع هدر كبير في الطعام واستنزاف لميزانية العائلة وما ينجم عنه لاحقا من اضرار مادية».

تضيف الحال تغير اليوم بسبب الكثافة السكانية حيث لا يعرف الجار جاره، كما استجدت مظاهر شراء الطعام الجاهز وخروج الناس لتناول الطعام في المطاعم «.

وتختم ام رائف بالقول بأن اكثر ما يفتقد في رمضان بمرور الايام هو حالة التواد بين الناس التي قد يكون للعوامل الاقتصادية ايضا وتراجع الحالة المادية للغالبية العظمى من الناس انعكاسا لها تراجع التجمعات والتواد بين الناس.

الدكتور أحمد شريف الزعبي الباحث والكاتب المتخصص بالتراث أكدأن صلة الرحم هي من أهم طقوس رمضان وتتمثل في «عزيمة العنايا» حيث يقوم الرجل بدعوة أرحامه من أخوات وخالات وعمات وبنات الإخوة والأخوات على وليمة الإفطار لنيل رضاهم.

ويضيف «تتناسى الناس غضبها وتعمل على المسامحة وترك المغاضبة في شهر رمضان، وتكثر مساعدة الفقراء والمحتاجين من خلال بذل المال والطعام بعيدا عن أعين الناس، كما تقوم العائلة بتهيئة الأطفال للشهر من خلال تدريبهم على الامتناع عن الطعام والشراب بالترغيب والمكافأة وتشجيعهم للقيام بصيام «العصفورة» لجزء من النهار، ومن العادات القديمة تنشيف الكوسا والبامية والبندورة في أيام الصيف لتناولها في أيام الخريف والشتاء، بينما اليوم تتوفر كل الخضراوات طيلة أيام السنة.

وفيما يتعلق بالطقوس السائدة بعد صلاة التراويح يقول د. أحمد شريف الزعبي: ينصرف الناس بعد صلاة التراويح لزيارة المرضى، أو للمضافات فقد كان لكل عائلة مضافة خاصة بها يجتمعون ويسهرون ويروحون عن أنفسهم بالتعليلة والقصيد والحكايا والسواليف، والحديث بأمور الدين خاصة بوجود خطيب المسجد.

أما عن «التعايش» بين المسلمين والمسيحيين فيؤكد الزعبي أن هذا التعايش بين الأردنيين ليس له مثيل، فنحن نتشارك التهنئة بالأعياد، والشعب هنا شعب عربي أصيل نقي ليس لديه تمييز ولا يفرقه دين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :