-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 08-03-2024 09:32 AM     عدد المشاهدات 67    | عدد التعليقات 0

الفضول حينما يقود الفرد لـ(نبش) حياة الآخرين وتدمير العلاقات

الهاشمية نيوز - لطالما أحبت سلمى (29 عاما) معرفة كل شيء يخص صديقاتها وبأدق التفاصيل، فضول كان يقودها للوقوع في خلافات عديدة معهن، بسبب استفساراتها العديدة والمتكررة والتي تتطرق لأمور شخصية.

تبين سلمى أن الفضول رافقها منذ صغرها فالرغبة في المعرفة والإدراك لما يحدث مع من حولها كان شغلها الشاغل، معتبرة ذلك تعبيرا عن الاهتمام بالآخر، وبأن هذا الفضول ينبع عن محبة ومودة، وبذات الوقت يفسر أو يفهم بطريقة خاطئة ليصبح تطفلا وإزعاجا لغيرها.

تبرر سلمى أن فضولها سببه رغبتها في إظهار اهتمامها بصديقاتها لكنها لم تعلم أنها بسببه قد تخسرهن، مشيرة إلى أنها لا تستطيع التحكم بهذا السلوك، إذ تجد نفسها منغمسة في طرح الأسئلة دون إدارك منها، ولكن ردود الفعل الغريبة من صديقاتها وابتعادهن عنها كان الضوء الأحمر في مراجعة حساباتها.
وذات الفضول لدى محمد ( 33 عاما)، إذ إن رغبته في معرفة كل شي عن زوجته بأدق تفاصيلها شكلت لديها مشكلة مع مرور الأيام فقد قاده فضوله للهوس في معرفة كل صغيرة وكبيرة، وتعدى الأمر الطبيعي، مما أوجد الشك وعدم الثقة في حياتهما الزوجية.
ويذكر محمد أن هذا الهوس نشب جراءه خلافات عديدة مع زوجته، إذ أصبح كل سؤال منه عبارة عن تحقيق بالنسبة لها، بالرغم من تبريره لهذا الفضول بأنه يحمي قلبه ومشاعره من الخذلان ويتجنب المشكلات في المستقبل، ولكنه بالنهاية وجد نفسه من يخلقها.
بين الفضول والهوس خط رفيع يفصل بين الاهتمام والشك، رغبة في المعرفة تسكن البعض ليمتلكها هذا الفضول لمعرفة كل شيء عن الآخرين لإظهار الاهتمام والمحبة، ولكن عندما تتعدى حدودها ليصبح هوسا يوقع الكثيرين في دوامة الشك وهدم الثقة.
ويزداد هذا الفضول بين الشريكين بالذات الذي يدفع أحدهم إلى طرح الكثير من الأسئلة والتتبع ومعرفة كل صغيرة وكبيرة بأدق التفاصيل بحثا عن الراحة أو تجنبا للوقوع في المشاكل والخطا بالمستقبل، وبالرغم من تقبل البعض له ورؤيته أمر طبيعي إلا أن خطر وصول هذا الفضول إلى الهوس قد يهدد حياة الفرد وعلاقاته، وتتعدد الدوافع ولكن يبقى السؤال هل يدمر الإنسان علاقاته بسبب فضوله؟.
اختصاصية الإرشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجية الدكتورة سلمى البيروتي، تقول إن هناك فرقا كبيرا وشاسعا بين الفضول والهوس، موضحة أن الهوس والشك يدفعهم الخوف، بينما الفضول تدفعه المحبة، وبالتالي العلاقة بينهما علاقة قطبية على متدرج أو متسلسل.
وتؤكد بذلك أن اعتبار الهوس فضول هو أمر خاطىء، وما هو إلا مبرر للشعور بعدم الأمان والقلق العلاقاتي، والخوف والشك.
وتشير البيروتي إلى أن هناك خطاً فاصلا بين الاهتمام بالشريك ودخول عالمه من أجل معرفته والاعتناء به، وبين تتبع الآخر من أجل معرفة ما يفعل وما لا يفعل، وأين يذهب، من يرى ومع من يتكلم، متساءلة "أين مكان الثقة بالشريك والحوار بشفافية في هذه العملية؟".
ومن جهة أخرى، إن كانت الغاية السعي لتجنب الوقوع في المشاكل والأخطاء في المستقبل ما هو إلا السعي وراء اللا معقول وغير المنطقي بحسب البيروتي، فلا أحد يستطيع أن يضمن الأمان والسلام في العلاقة إلا عامل واحد فقط وهو العمل على بناء الثقة في الذات ومع الشريك.
وتقول بيروتي، "كيف ابني الثقة إذا كنت إنسانا غير واثق بنفسي األا، ولا امتلك الوعي بذاتي وبحاجاتي وبعالمي الداخلي، وإن لم أطور مهارات ذاتية تمكنني من فهم الآخر والتعاطف معه ومحبته".
وتؤكد أن الهوس بالمحبوب هو ليس حبا، إنما حب عصابي، خوف وتملك نابع من عدم الشعور بالأمان وعدم معرفة ما يلزم من أجل بناء علاقة زوجية صحية، مبينة أ ن العلاقات الصحية تبنى على وعي ومعرفة، وهذا الوعي يكتسب حيث يقضي الثنائي وقتهما معا ويتحاوران بشفافية ووضوح وصدق كي يصبح هناك معرفة حقيقية.
وتوضح، أي معرفة تبادلية عميقة على مستوى الأفكار والمشاعر والأحاسيس والعواطف والتوجهات الفكرية والتوقعات، ولا يتم ذلك إلا من خلال الشفافية، والاستجابات التي تدل على تفهم الشريك لما يشارك به شريكه بحيث يكون التفاعل فيه تفهم وخال من الانتقاد أو الحكم أو الاستهزاء.
ووفقا لذلك تبين البيروتي، إنه طالما شعر الإنسان بأن كرامته محفوظة بعلاقته مع الحبيب، يشعر بأنه في علاقة صحية، أما إذا أصبح أسلوب التتبع والملاحقة والتحري هو أسلوب التعامل، فإن ذلك يزرع البغض والكراهية والشك في قلب العلاقة وتغيب مشاعر الحب والطمأنينة التى يسعى لها الإنسان.
وتؤكد أن الفضول ليس له نية سوى معرفة الشريك من أجل فهمه على مستوى أعمق ومساعدته على فهم ذاته من أجل نموه ونضجه، أما الهوس فهو تعلق مرضي خطير وسام على العلاقة، نابع من خبرات مؤلمة ولدت الشك وعدم التصديق والخوف من الفقدان أو الهجر، ولذلك لا بد من العمل على النمو الذاتي، واللجوء للعلاج النفسي أحيانا كي يتمكن الإنسان من فهم ذاته أولا قبل الدخول في علاقة نفسية اجتماعية تتنفس المحبة بكل معانيها.
ومن الجانب النفسي يبين الاختصاصي النفسي موسى مطارنة، أن الفضول هو موضوع شائك وعند التحدث عنه علينا أخذه من جوانب عديدة، إذ إن الفضول موجود عند كل إنسان بحيث يبحث عن المعلومة ويستكشفها فالطفل لديه فضول للتعرف على الأشياء وهذا من الجانب النمائي، مؤكدا بذلك أن الفضول دائما يصاحب الأشخاص في شكل من أشكاله الجيدة التي تكون لهدف إستراتيجي تريد تحققه وهذا الطبيعي.
ولكن من جهة أخرى، هنالك جانب الفضول المظلم "الجانب الفضولي السيء" وهو فقط من أجل الاعتداء على حرية الآخرين ومعرفة أسرارهم لاستخدامها لمصلحته، وهؤلاء الأشخاص الدافع الذي يكون لديهم في الأساس هو تشويش ذهني وتكون لديهم مشكلة في الذكاء الوجداني، بحسب المطارنة.
ويضيف، بأن هؤلاء الاشخاص لديهم حالة من أثبات الذات من خلال جذب الاهتمام فهم يتحدثون كثيرا، وبالتالي هؤلاء الأشخاص يتسببون في إزعاج للآخرين وتجاوز على حريتهم إلى جانب الإساءة للآخرين من حيث مضايقتهم وإزعاجهم.
ويؤكد مطارنة، أن الدافع الأساسي لهم هو إثبات الذات وجلب الاهتمام، وبالتالي لديهم إشكالية في البناء الداخلي وحالة من القلق والتوتر وعدم اليقين، موضحا أن الذي لا يمتلك يقين في شيء يحاول أن يبحث عن أي شيء ويشكُّ بطبعه ولا يثق بأحد وهؤلاء الأشخاص دائما يسببون إزعاجا للآخرين ويسمحون لاإفسهم بتجاوز الحدود، كما يثيرون في أي مكان يتواجدون به إشكاليات بحياة الآخرين.
ويشير إلى أن هؤلاء الاشخاص نتجوا في بيئة حرمان وبيئة تعتمد على المؤامرة ولا يوجد بها داوفع ذاتيه للثقافة والعلم إلى جانب أن ثقتهم في أنفسهم مهزوزة وليس لديهم مهارات واهتمامات وجميعها تدفعهم لمحاولة الوصول لأسرار الآخرين والتعرف عليها ومحاولة "النبش" في الأمور السرية حتى هم يتكلمون بها وليعتبروا أنفسهم يعرفون كل شيء ويثرثر بها.
ويشير الى أن الأثر النفسي لهذا الفضول على الإنسان كبير، إذ تبتعد عنه الناس ويصبح منبوذا في المجتمع، وتفاعله الاجتماعي يصبح ضعيفا والبعض لا يحب أن تتعامل معه، وبالتالي يجد نفسه في عزلة وبمفرده، وهذا يزيد من هوسه في محاولات التجسس على الآخرين والفضول يدفعه إلى أمور قد توقعه في مشكلات كثيرة.
ويؤكد مطارنة أنه للوصول إلى التوازن النفسي هنالك عاملان مهمان وهما اليقين و الرضا إلى جانب اكتساب مهارات الحياة كاملة، وبالتالي إذ اكتسبها وكان لديه اليقين والرضا والقدرة على تجاوز جميع المشكلات في الحياة والتعامل معها بالتفكير المنطقي في حل المشكلات .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :