تمضي الأيام على غزة كأنها خارج الزمن الإنساني

الهاشمية نيوز -

د. ماجد الخواجا


تدخل حرب الإبادة التي يقوم بها جيش الاحتلال الصهيوني النازي شهرها السادس بعد أن مرّت 150 يوماً ثقيلاً مفجعاً محملاً بالدماء والجرحى والشهداء، مكتظاً بالدمار والخراب وإفساد الحرث والنسل، مليئاً بالجوع والقهر والمرض والتشرّد وقتل الأطفال والنساء وكبار السّن.
لقد انتهى الأمر وظهرت عديد من الحقائق الفاجعة المؤلمة الموجعة، فهذه أبداً ليست حرباً غايتها تحقيق أي هدف من أهداف الصهاينة المعلنة منذ السابع من أكتوبر المجيد، لا تحرير للأسرى ولا تدمير لحركة المقاومة ولا لحماية المستوطنات، بل هي حرب إبادة كاملة التوصيف غايتها التخلّص من الوجود الفلسطيني في قطاع غزّة وتفريغه من أهله وإعادة بنائه بطريقة السيطرة التامة على الأرض والحجر والبشر، وإيجاد ممرات آمنة تصل مستوطنات الاحتلال بالبحر، واستغلال الكميات الكبيرة من الغاز المتواجد تحت سطح بحر غزة، والتقليل من الكثافة السكانية في غزة. هذه هي الأهداف النازية للكيان الغاصب من العدوان على غزة.
بعد 150 يوما من العدوان كانت الحصيلة الموثّقة بالأرقام كما يأتي: 2400 مجزرة نفذتها قطعان جيش الاحتلال في غزة، أوقعت 35 ألف بين شهيد ومفقود، أكثر من 70 ألف جريح، 28 ألف شهيد ممن وصلوا للمستشفيات، 13 ألف شهيد من الأطفال، 8600 شهيدة من النساء، 340 شهيد من طواقم الأطباء، 50 شهيد من الدفاع المدني، 125 شهيد من الصحفيين، 7 آلاف من المفقودين، 11 ألف جريح بحاجة للعلاج خارج غزة يواجهون خطر الموت.
هذه غزّة المحاصرة منذ 17 عاماً، المعابر الحدودية مغلقة باستثناء معبرين عليهما مراقبة شديدة طيلة الوقت ولا يمر منهما أي شيء إلا بعد موافقة الاحتلال عليه، هناك ستة معابر هي معبر بيت حانون والشجاعية وكارني وصوفا وكرم أبو سالم ورفح، أما البحر ففي الشمال كان يسمح للصيادين بالدخول مسافة 3 أميال، ووسط غزة 6 أميال، وجنوب غزة 12 ميل، وكلها تحت المراقبة الدائمة، هناك 4 جدران عازلة متعاقبة تحيط بغلاف غزة وعليها أبراج مراقبة مع مناطق عازلة تصل إلى 300 متر من أرض غزة، مع جدار خرساني يمتد لأمتار تحت الأرض بطول الحدود البرّية مع غزة.
قام جيش الاحتلال والكيان الصهيوني النازي الخاضع للمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، باختبار العديد من أصناف الأسلحة والذخائر الجديدة والفتاكة للمرة الأولى على الفلسطينيين خلال المجازر المستمرة في غزة.
قام الكيان المجرم بتدمير التعليم الجامعي، فمن أصل 6 جامعات تم تدمير 5 منها بشكل كامل أو جزئي، 3 رؤساء جامعات استشهدوا، 95 من عمداء واساتذة الجامعات تم استهدافهم بالقتل، حرمان 90 ألف طالب من مواصلة دراستهم الجامعية.
وصولاً ألى الموت جوعاً ومن شدة البرد، هناك 90% من الأطفال دون سن الثانية مهددون بالموت جوعاً والفقر الغذائي الشديد. هناك تفشسّي لعديد من الأمراض بين الأطفال بشكل خاص، لا توجد مياه صالحة للشرب لا كهرباء لا غاز لا مكان للعلاج للدراسة للحياة، غزّة الآن مقبرة للأحياء والأموات معاً.
أما الحديث عن الحرمان والخذلان وجور الأهل فهذا له مقام.