-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 27-02-2024 10:36 AM     عدد المشاهدات 75    | عدد التعليقات 0

إدارة المستقبل

الهاشمية نيوز -
د.سمير صابر بينو


تم نسخ الرابط

بالرغم من كل الوسائل والأدوات التي توصل اليها العلم والتكنولوجيا لدعم عملية اتخاذ القرار، إلا أن الغموض الذي يكتنف المشهد العام من نواحيه المختلفة والمتغيرة بشكل سريع وباتجاهات مختلفة، يعمل على حجب الرؤية ويضع تحديات امام صانعي القرار، وذلك بسبب عدم القدرة على التأكد من الاتجاه الذي يجب اتباعه، خصوصاً إذا كان القرار سيؤثر على نطاق واسع وشامل.

والدول الحديثة تدرك تماماً أن مسؤوليتها في إدارة المجتمع، وتقديم ما يحتاجه من خدمات في الوقت الحاضر أو ما قد يحتاجه في المستقبل، يتطلب منها التركيز على مهمتين متوازيتين متداخلتين وهما مهمة إدارة الحاضر ومهمة «إدارة المستقبل». وقد يكون مصطلح إدارة المستقبل مبهماً وغير مألوفاً، لأنه لا يمكن التخطيط أو إدارة ما هو غير معروف وما هو غير واضح، ومع ذلك فإن التفكير بالمستقبل والتخطيط له يعتبر أحد أهم محاور اهتمام الحكومات والمنظمات والأفراد ايضاً، ووجود استراتيجية مدروسة جيداً للمستقبل يمكن أن يساهم في تحقيق مزيداً من النجاح في الوقت الحالي. ولأن المستقبل هو كل ما يأتي بعد هذه اللحظات مهما بعد، ولأن كل ما نقوم به في الوقت الحاضر سوف يحدد اتجاهنا في المستقبل القادم والمجهول، فإن ذلك يتطلب أن يتم استشراف المستقبل وأن نحدد المستقبل الذي نريد التخطيط له، لكي يتم اتخاذ قرارات تقودنا وتوصلنا نحو الوجهة المرغوبة.

قد يكون المدخل الأساسي لهذه الغاية هو عملية صنع السياسات العامة والنظر في كيفية تأثيرها في المستقبل، وضرورة أن تكون هذه السياسات مبنية على رؤى استراتيجية تحدد الأهداف التي يتطلب منها تحقيقها، وكيفية تحقيق تلك الأهداف، لكي تكون حصيلة هذه الجهود والتوجهات سياسات عامة جيدة. وبالتالي فإن هذا الموضوع يحتاج إلى نهج استراتيجي شمولي يدعم صنع القرار الرشيد، نهج يقوم على استخدام عدد من الأساليب الادارية في إطار متكامل لكي تساهم في تعزيز بعضها بعضا وتعظم فرص تحقيق النتائج المرجوة، فالتقدم باتجاه المستقبل المرغوب يتطلب بداية القيام باستشراف المستقبل لتوقع السيناريوهات المستقبلية المحتملة وفهم آثارها، كي تتمكن المؤسسات من الاستعداد لمجموعة من الاحتمالات وتحديد الفرص والتحديات التي قد تنشأ عنها، وبناءً على الرؤى المكتسبة من هذه العملية يتم تحديد الأهداف واتخاذ قرارات تعمل على تطوير استراتيجية يمكنها التكيف مع التغييرات التي ترافق تطور المستقبل، وصولا لصنع سياسات عامة تعالج قضايا عامة واسعة النطاق، وتتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للدولة ومؤسساتها.

يشكل الاستشراف الاستراتيجي عنصراً بالغ الأهمية في السياسة العامة الفعّالة لأنه يسمح لصنّاع السياسات بالنظر في الاتجاهات المستقبلية والاستعداد لها مسبقا، وبالتالي تمكينهم من إنشاء سياسات قابلة للتكييف وأكثر استدامة، فهو يوفر نهجاً منظماً لفهم التأثيرات المستقبلية المحتملة، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات أكثر استنارة في الوقت الحاضر، بالإضافة إلى أنه يساعد في إدارة المخاطر ومنع الأزمات من خلال تحديد التحديات والفرص المحتملة في وقت مبكر، كما يعزز الحوار والتعاون والالتزام الجماعي بتحقيق النتائج المرغوبة.

لا شك أن التفكير بالمستقبل له حضور في جلساتنا وطروحاتنا وفي خططنا، ولكن مجرد حضوره غير كافي، فلا بد أن يكون مفهوم المستقبل واستشرافه واضحاً بشكل جلي لكي ندرك كيف يمكننا الاستعداد له وكيف نتقدم نحوه، وأن يتم تقييم دوره في التخطيط المستقبلي بشكل مستمر، وأن تكون هذه الممارسات متأصلة في مؤسساتنا. كما ينبغي أن نحدد بدقة ما هو مدى المستقبل الذي نفكر به، وهل مفهومنا لاستشراف المستقبل ينحصر بالتخطيط لامتداد الأحداث الجارية حاليا، أو باستعراض ما يمكن حدوثه في المستقبل بشكل خطي، ام أنه شمولي بحيث يتم استعراض مختلف السيناريوهات الممكنة والمعقولة سواءً الأفضل أو الأسوأ بكل بجرأة وموضوعية؟






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :