-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 13-12-2023 11:22 AM     عدد المشاهدات 95    | عدد التعليقات 0

عندما قال أنا السبب !!

الهاشمية نيوز -
امان السائح

لا يا أيها الصحفي الشاب الصغير الرجل الكبير، صاحب الارادة والتحدي «أنس الشريف» لست انت السبب باستشهاد والدك رحمه الله، عندما قصف الاحتلال الغاشم بيت اسرتك..
لا لم تكن انت السبب رغم انك تلقيت تهديدا من ضباط كبار بالاحتلال، بأن تتوقف عن نشر الحقيقة، وبث الأخبار الفعلية لما يحدث من تدمير ودمار، ومن قتل وتشريد، ومن تهجير وابادة جماعية..
لا يا أنس لا تقل انك السبب، فلا يبحث المحتل عن سبب أو مبرر، أو دافع للقتل والتدمير، ودفن الأطفال شهداء تحت قصف منازلهم، ومبانيهم، لا يبحث عن مبرر أو غطاء أو حتى ضوء أخضر ليعتقل مئات الاطفال والنساء والاساتذة وأئمة المساجد والعلماء والمدنيين، ويتركهم بالشوارع، بلا ثياب وتحت وطأة البرد والقهر، ويخرج مدّعيا أنهم جنود، وتجرّيدهم من ملابسهم للكشف عن احتمالية وجود أحزمة مفخخه حول أجسادهم..
لا يا أنس ومثلك كثيرون، قد يرون انهم سبب باستشهاد اهلهم وأسرهم، وعائلاتهم، لا تقل ذلك وإن كنت مقهورا وحزينا على فراق هذا الشيخ الجليل، الذي لم تره منذ اكثر من خمسة وستين يوما، ورأيته الآن مكفنا بالعزة والكرامة..
لا تقلها يا أنس، فمثلك ليس سببا، بل أنتم جميعا سبب للحقيقة، والكرامة والنصر، وعزة النفس والفكر والعقل، أنت وأنتم السبب بشعورنا بالعجز لأننا بعيدون لا نمتلك سوى الروح والقلم والايمان لندعو لكم بالصبر والثبات، أنتم سبب قوتنا وشعورنا بقلة حيلتنا..
لا تقلها يا أنس، فمثلك، لا يهِن ولا يحزن، مثلكم تحنى له الهامات، مثلك مئات، ليس أنت ولا أنتم، فمثلكم لا يمكن ان يحتمل مثل هذا القهر بأن غياب ذويكم أنتم جزء من صياغة جثمانهم !!
لا يا أنس غزة، أيها المغوار الثابت الصامد، دموعك أوجعتنا، وثباتك وصبرك علمنا دروسا بالايمان، وتصميمك على مواصلة عملك وبث رسائلك، جعلنا نزهد بالدنيا، ونرى العالم من خلالك أنت وأمثالك من أبطال العالم الذي أصبح الآن فقط بين أحضان غزة..
لا تقلها يا أنس، لست سبباً بل أنت وغيرك، أسباب ايماننا، وقوتنا، وثبات موقفنا، وطاقتنا التي لا تلبث أن تنفد حتى ننظر إلى محيّاك أنت، ووائل، ومعتز، وصالح، ومؤمن، وغازي، وباسل، وجميعكم تيجان على رؤوس الأمم، فلا تغيبوا، ونسند بكم ظهورنا ونرفع معكم هاماتنا، لا ننسى أنكم بشر، لكن إيمانكم وصبركم وعزيمتكم، وتسليم امركم لله سبحانه، هو تلك المدرسة التي لا تمنح شهاداتها كل تجمعات العلم وجامعات العالم، لكنكم اختصرتم الدنيا بما قدمتموه..
لا تهْن ولا تحزن يا أنس فلست سببا، باستشهاد والدك الجليل، بل أنت سبب في جعله يستشهد وهو فخور بك وبرسالتك، وبعنفوانك وصبرك، استشهد وهو يحمل في قلبه شوقا لك يضاهي الدنيا، لكنك قبّلت روحه ورأسه وجبينه، وتمكنت ان تحتضن ذكرياتك وتربيتك الحقّة التي اُنشئت عليها، فلا تقل أنك سبب على الإطلاق..
انتم مستهدفون، والاحتلال البغيض الشرس، يستهدف روحكم المعنوية، يريد أن يزرع فيكم القهر والدموع، ووجع الفقدان، يريدكم أن تيأسوا بغياب من تحبون، وأن تخافوا مما يهدد وتتقاعسوا عن أداء رسالتكم المعجونة بالإيمان والضمير الحي، يريدكم أن تكونوا أرقاما، وأنتم تثبتون كل لحظة أنكم من تكتبون الرقم والخبر والمشهد، وتصلون صلاة الجنازة على ذويكم، وتلملمون جراحكم بكبرياء وتمسكون الميكرفون ولا تبالون الاّ بالله والوطن..
لست سبباً يا أنس، لست سبباً يا سيد نقل مشهد الدمار والإبادة، بقيت في الشمال صامدا تحمل نعشك بين كفيك، ودّعت والدك وحصان مارد ثابت يجر عربة نعشه الطاهر، ولا تبالي، ولم تخف، ولن تهُن يوما يا «ابني «..
احتضنت والدتك وأسرتك بعد غياب بين الموت والاستشهاد والحياة كل لحظة، واجتمعتم لوداع شيخكم الجليل،فما تراجعت ولا أي من زملائك قيد أنمله، كم أنتم عُظماء، وكم هو فخرنا نحن أمام جبروت إيمانكم وعزيمتكم..
لست سبباً يا أنس البطولة، ولا بكم تصنع الأسباب، فعدو الله والبشرية، لم يستثن أحداً، ولم تتوقف آلاته الحربية عن قتل الأرض الغزّية ومن عليها..
لست سبباً بل أنت وأنتِ وأنتم جميعاً أهل غزة، كل أسباب كرامتنا التي تُغتال كل يوم، أنتم أسباب ضميرنا وحياتنا التي أخذت شكلا مختلفاً، أنتم أسياد المشهد، وأنتم بلا استثناء ولآخر يوم أنتم أصل الحكاية..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :