-

كتابنا

تاريخ النشر - 24-11-2023 09:32 AM     عدد المشاهدات 113    | عدد التعليقات 0

ذكـــريـــات شتائيــــة

الهاشمية نيوز - نبيل عماري

نسترجع ذكرى شتاء مضى مع هبات الريح الباردة شرقية كانت او شمالية، وزخات المطر الذي بلل الأسطح والجدران، بينما بدأت ألحان المزاريب تعزف، ولكن قبل الشتاء تشعر ان الموسم قادم عندما تشعر بنسمات غربية قليلة البرودة، وعندما يبدأ الناس الذين يملكون بيوت الطين بعمل جبلات مخمرة من الطين الممزوج بالتبن، ليتم تطيين السقوف منعا للدلف، وتلك الجبلة تصدر رائحة زكية تعلن اقتراب الشتاء، ومن الأشياء التي تعلن بداية الشتاء انجاز كنزات الصوف والبيجمات القطنية الشتوية والتي تخاط في البيت بواسطة ماكنات السنجر والامبريال، وكذلك دخول موسم الحمضيات للأسواق ومواسم النباتات الورقية من علت وخبيزة وحويرنة ونعنع وكزبرة برية، بينما تبدأ مواسم المونة من زيت زيتون ورصيع زيتون ومكدوس الباذنجان ومخلل اللفت وغيرها، لتدخل البيوت، وذلك ما يسمى التغير الشتوي او كما يقال شتينا اي خروج الملابس الشتوية من مكامنها، وكذلك فرش السجاجيد والجولات والبسط حتى الجواعد فتشتم رائحة الشتاء، ويتم إخراج صوبات البواري وتركيبها وعمل صيانة لها، وكذلك صوبات علاء الدين والفوجيكا، وتزييتها وإخراج جركنات الكاز او السولار، لتعلن الشتوية وجودها الرسمي. ومع اقتراب المنخفضات والشتاء يغني لنا صوت بائع الكاز وبغله وصياحه كاز كاز وجرسه الذب ينبه اهل الحارة انه موجود. الشتاء يحمل معه تغيرات من ضمنها تلك بضاعة البائعين المتجولون فتخرج الهريسة والعوامة والدحدح والفول النابت وحمص البليلة، وكذلك السحلب والحلوى الساخنة، وكذلك طبخات البيوت لتبدأ بمرقة او شوربة العدس لتنتهي بالملفوف والملوخية وشوربات الفريكة. يبدأ المطر بالنزول بينما وهج الصوبة ورائحة الشاي بالميرمية تعبق، واعواد القرفة بالجوز تختلط بأبخرة العدس، ننتظر النشرة الجوية وعلي عبندة بخرائطه هو وجمال الموسى، وكذلك الأستاذ هيثم الشاعر، ونستمتع لصوت حبات المطر وصفير الرياح؛ نغمة تعني لنا الالتحاف بملابس وحرامات دافئة والالتفاف حول الصوبة وتحميص بزر البطيخ الناشف، من موسم صيفي سابق نستنشق عبقها عند قصف الرعد او لمع البرق، وكذلك ننتظر استواء حبات البليلة المنقوعة الجالسة بطنجرة على الصوبة او وضع حبات من الكستنا والبلوط على الصوبة، وكذلك قشور البرتقال بينما جداتنا المدقدقات يخرجن من جيوبهن حبات من البطم والقلية والجوز تعطيها لنا بحنو وتسترسل لنا بحكايات جميلة وبعضها تخيفنا.

كبرنا وبقيت الذكريات، وذهب صناع السواليف والحكايا، فلم نعد نجتمع حول الصوبة، ولم نعد نشتم رائحة قالب الكيك بخط الكاكاو، بقالبه الألمنيوم والتراب الذي يوضع تحته حتى لا يحترق، ولم نعد نسمع صوت جرس بياع الكاز؛ فقد تغيرت الدنيا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :