تاريخ النشر - 11-07-2023 09:44 AM عدد المشاهدات 146 | عدد التعليقات 0
الشهيد
الهاشمية نيوز - سعيد يعقوب
نحنُ مَوْتى وأنتُمْ الأحْياءُ *** فانْدُبونا يا أيُّها الشُّهداءُ
نحنُ ليلٌ وأنتمْ الفجْرُ بسَّامًا *** وهل يسْتوي الدُّجى والضِّياءُ
نحنُ ألفاظٌ فارقتْها المَعاني *** وحُروفٌ طنَّانةٌ جوْفاءُ
نحنُ آلاتٌ دونَ رُوح ٍ وحسٍّ *** صرَّفتْها الأكُفُّ كيفَ تَشاءُ
فمِنَ الجهْلِ أنْ نقولَ رثاءً *** فلَنا أوْلى أنْ يكونَ الرِّثاءُ
كَتبَتْ بالدِّماءِ أجْسادُكمْ شِعْرًا *** وأحْلاهُ ما تَخُطُّ الدِّماءُ
فاصْمتُوا إجلالًا لهُ وخُشوعًا *** حينَ يُتلَى يا أيُّها الشُّعراءُ
كُلُّ قوْلٍ إنْ لمْ يُتَوَجْ بفعلٍ *** فهْوَ في مَسْمَع ِ الوجودِ هَباءُ
فاسْمَعوا مِن فَم ِالشَّهيدِ قَصيدًا *** نَظمَتْهُ أْفْعالُهُ الغَرَّاءُ
كُلَّ يَوْمٍ يُعْطي الأنَامَ دُروسًا *** في فُنون ِ الفِداءِ كيفَ الفِداءُ
فإذا إكْبارًا حَنيْتُ جَبيني *** لِشهيدٍ سَما بِيَ الإنْحِناءُ
وإذا قلْتُ فيهِ شِعْرًا فحَسْبي *** أنُّنِي قلـتُهُ وكُلِّي حَياءُ
***
شاهَدَ الظلْمَ كيفَ ينْزِلُ بالأرض ِ*** فتَشْقى بنارِهِ الضُّعفاءُ
شاهَدَ البطْشَ كيفَ يعْصِفُ *** بالنَّاس فتفْنَى في جوْفِهِ الأشْلاءُ
ورأى الموْتَ كيفَ يفْتِكُ *** بالشَّعبِ فتلْقَى حُتوفَها الأبْرِياءُ
فأبَى أنْ يعيشَ في حمْأةِ الذُّلِ *** وثارتْ في نفْسِهِ الكِبْرياءُ
ورأى الدَّرْبَ مِلْؤُها الشَّوْكُ والهَوْلُ *** وظلْماءُ فوْقَها ظلْماءُ
فمشَاها كأنَّهُ الرِّيحُ تجْري *** وطَواها كأنَّها البيْداءُ
بيْنَ جنْبَيْهِ هِمَّةٌ حِينَ ثارَتْ *** لمْ تَرُعْها العوَاصِفُ الهَوْجاءُ
سَلَّ عزْمًا على جَوَادٍ مِنَ الصَّبْرِ *** فذَلَّتْ أمَامَهُ الأعْداءُ
وأذاقَ العَدُوُّ كأسًا مَرِيرًا *** منْ هَوانٍ حتَّى رَماهُ القَضَاءُ
فهَوَى رَاضِيَ الفُؤَادِ سَعيدًا *** رافِعَ الرأسِ مِلْؤُهُ الخُيَلاءُ
زَفَّتِ الحُورُ لِلجِنَانِ شَهيدًا *** حوْلَهُ الصِّدِّيقُونَ والأنْبياءُ
***
يا شهيدًا عليْهِ مِنْ حُلَلِ المَجْدِ *** رِدَاءٌ بهِ يَتيهُ الرِّدَاءُ
وعَلى وجْهِهِ يَلُوحُ ابْتِسامٌ *** فيهِ يبْدُو السَّنَا ويبْدو السَّناءُ
لكَ في الدَّهْرِ طَيِّبُ الذِّكْرِ والفَخْرُ *** وفي جنَّةِ الخلودِ الجَزاءُ
لكَ في قَلْب ِكُلِّ حُرٍّ مكانٌ *** يُدْرِكُ النَّجْمَ كي يَراهُ العَيَاءُ
لكَ في كُلِّ مسْجِدٍ صَلواتٌ *** وُدُعاءٌ يَتْلوهُ فيهِ دُعاءُ
باذلُ الرُّوحِ مِنْ سخاءٍ كريمٌ *** عَلَّمَ النَّاسَ كلَّهمْ مَا السَّخاءُ
فإذا اثْنَيْنا عَليْهِ قليلًا *** كانَ مِنَّا لِمَا أْتاهُ الثَّناءُ
فانْظمُوا في مَديحِهِ الشِّعرَ لكِنْ *** بحُروفٍ هِيَ النُّجومُ الوِضَاءُ
وانْظُمُوا هذهِ الكواكبَ شِعرًا *** فيهِ حتّى تَغارَ مِنْهُ السَّماءُ
أو فلُوذُوا بالصَّمْتِ والصَّمْتُ أوْلى *** إنْ عَجِزْتُمْ يَا أيُّها الشُّعراءُ