-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 11-04-2023 10:50 AM     عدد المشاهدات 147    | عدد التعليقات 0

الابتلاء بـ (حافظ مش فاهم)!

الهاشمية نيوز -
بشار جرار

عزاؤنا أن «المؤمنين أشدّ بلوة». كل مؤمن يتعرض من حين إلى آخر إلى ابتلاءات، بعضها محن كالموت والمرض وآلام الفقد بأنواعها، وبعضها فتن وأكثرها استحواذا وإيلاما إن تحكّمت، المال و(النفوذ والسلطة) والملذات الحسية وجميعها آنية عابرة، خدّاعة قاتلة كالسموم المسماة المخدرات.

بطبيعة الحال، كل ما تقدم يشغل بال الناس سواء أكان ذلك في المجالس الخاصة أم عبر وسائل الاتصال والتواصل القديم والجديد. والطامة الكبرى هي الابتلاء بمن يسمون في مصر الحبيبة: «حافظ مش فاهم» والتي أتبعوها في برنامج ميداني ساخر واسع الانتشار منذ سنوات بعنوان: أرجوك ما تفتيش. بمعنى الرجاء ممن يتم استطلاع آرائهم من عامة الناس بعدم الفتوى من غير علم.

اضطرّتني ظروف مهنية إلى الاستماع وأحيانا الاشتباك مع جماعة «حافظ مش فاهم» في حوارات ومناظرات. لا مشكلة مع من يكون اسمه ولقبه حقيقيا فالحجة كفيلة بدحض ما سواها. لكن الإشكالية هي فيمن يختبئون تحت مسميات مضللة ومنها من يدّعون الاستقلالية أو الحياد في مسألة لا تحتمل إلا أن تكون مع أو ضد ما هو مطروح. والمعضلة تتفاقم عندما يكون مدير الحوار طرفا فيه في لعبة باتت مكشوفة كتوزيع الوقت وحفظ السؤال الأخير لمن تتبناه القناة المضيفة واجتزاء الحقائق والانتقائية في عرض ما يسمونه إحصاءات أو معلومات من مصادر لا يستطيعون الكشف عنها.

يزيد الضرر الناجم عن هذا التزييف والتضليل، مع «العنعنة»! أو ما تعرف بسلسلة مصادر الخبر. فلان عن «علنتان». ولا يكون الأمر إلا هيلمان! كما هو ال «هولوغرام» في تقنيات الذكاء الاصطناعي هكذا يكون هيلمان بعض من يخوضون في أخص خصوصياتنا زاعمين أنهم أصحاب حق وقضية لأنهم يتحدثون في شأن عام، عبر منبر عام. ومن شاء يسمع ويتبع ومن شاء يعارض أو لا يحرك ساكنا..

وهذه الفئة الأخيرة بيدها «مربط الفرس». قبل عقدين رفع الرئيس جورج بوش الإبن شعارين متلازمين بصرف النظر عن الاتفاق معهما أو مع صاحبهما. الأول هو «من ليس معنا هو ضدنا» والثاني هو «كسب القلوب والعقول». وهذه الأخيرة هي معركة الإعلام على اختلاف مسمياته ومدارسه وأدواته.

من الخطر، لا بل من الانتحار، الانخداع ب «هولوغرام» ما يشاع من كليشيهات حول المعركة الإعلامية في سلاح لا يقل أهمية عن جميع صنوف الدفاع والهجوم وأهمها الاستطلاع والاستخبارات. التعامل مع المعلوم والحقائق هو الغاية والوسيلة فيما يخص عالم القناعات والآراء والعواطف والمشاعر والتي تشكل في مجملها أي عقيدة عسكرية لأي دولة في العالم.

من الخطر ترك الساحة للعدو والخصم والمنافس في اختيار السلاح الذي يريد وفي الميدان الذي يقرر وفي التوقيت الذي يروق له ويناسب أجندته وظروفه. وعليه فإن من حق من يريد أن يسجل كلمته ويعلن موقفه ويحشد مناصريه ومؤازريه، من حقه اختيار لا بل واستحداث ما يراه مناسبا من أدوات لخوض معركتي الدفاع والهجوم إن اقتضى الأمر.

ولنا عبرة فيما يراه الناس أقوى وسائل الإعلام والدعاية والترفيه. حتى في عالم الأخبار الذي من المفترض أن يكون الأكثر حيادية ودقة، اختلط الخبر بالتعليق والرأي بالتعبئة. الناظر المتفحص لعناصر الخبر من كلمة وصوت ومؤثرات (غرافيكس وغيرها) وقد أدخلوا حتى هولوغرام إليها كشفت ضرورة التخلص ممن تصدق فيهم المقولتان أعلاه: «أرجوك ما تفتيش» إن كانوا من جماعة «حافظ مش فاهم»!

هذا زمن لا ترف فيه لألاعيب الرأي والرأي الآخر ما لم يكن المنتج والمحاور والضيف قادرا على تقديم هذا الرأي وتوضيح إن كان الرأي الآخر في حقيقة الأمر رأيا حرا للضيف الخبير أم لا يعدو عن كونه بوقا لممول يرعى أيضا دعايات البرنامج أو برامج الطبخ والنفخ وأزياء عالم الأحياء في القناة إياها، لا لانت لنا قناة بعون الله أبدا..






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :