-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 22-12-2022 11:03 AM     عدد المشاهدات 184    | عدد التعليقات 0

مخيم إربد .. طوابق فوق أبنية متهالكة هروبا من (أزمة السكن)

الهاشمية نيوز - تعيش مئات الأسر في مخيم اللاجئين الفلسطينيين “مخيم العودة”، ما يمكن تسميته بـ “أزمة سكن”، بعد ان ضاقت المنازل على أصحابها في تزايد طبيعي للسكان، فيما خيار المغادرة خارج المخيم يبدو غير متاح لأفراد أسر ورثوا قلة الحيلة وضيق الحال وسوء الظروف الاقتصادية.
في هذا المخيم، تجد العديد من المنازل الضيقة التي تعيش فيها أكثر من أسرة، هم بالنهاية ينتمون لنفس الأب، غير أن ما يبقيهم تحت رحمة هذا الزحام السكني ليس علاقات الترابط الأخوي، إنما صعوبة إيجاد سكن خارج المخيم والذي يتطلب إما استئجار شقة لا يقدر على ايجارها أفراد تلك الأسر، أو شراء قطعة أرض والبناء عليها وهو أصعب من خيار الإيجار إن لم يكن مستحيلا.
وفي وقت انعدم فيه خيار التوسع العمراني الأفقي على ارض المخيم، بعد ان حاصرت الأبنية محيطه واصبحت متلاصقة مع منازله اضافة الى ان الاراضي المجاورة له تعود ملكيتها لمواطنين فضلا عن منع التوسع بحدود المخيمات وفق القوانين، يبقى التطلع الى الأعلى متاحا، ويطرح بقوة خيار التوسع العامودي كحل وحيد رغم انه مخالف.
أزمة السكن في مخيم إربد التي تخطت حدود الحلول، ليست نتاج السنوات الاخيرة، بل هي بفعل عقود متتالية، غابت خلالها النظرة المستقبلية للتزايد الطبيعي لسكان “العودة”، في وقت يبدو إيجاد مناطق جديدة مؤقتة تواكب هذا التزايد امر مستبعد، وفق ما توضحه، وكالة الغوث الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) التي قالت، “إنه في مناطق عمل “الأونروا”، يتم تحديد منطقة المخيم من قبل الحكومة المضيفة ولا يمكن توسيعها، كما هو الحال مع كافة مخيمات لاجئي فلسطين في الأردن، تم اختيار منطقة مخيم اربد وتحديد مساحته من قبل الحكومة الأردنية”.
وأكدت في بيان لها ردا على استفسارات “الغد” حول دورها بحل ازمة اكتظاظ المساكن بالمخيم، “أن دائرة الشؤون الفلسطينية من خلال لجنة خدمات مخيم اربد هي الجهة المخولة لمنح تصاريح البناء لسكان المخيم لبناء طوابق إضافية، وذلك تبعاّ لتقييم فني متخصص يجريه مهندسو دائرة الشؤون الفلسطينية”.
وقالت “الاونروا” في بيانها “إن مخيم اربد يحتل المرتبة السادسة من حيث الاكتظاظ السكاني مقارنة مع بقية المخيمات والبالغ عددها 10 مخيمات رسمية”.
وأشارت “أنه في عام 2007، قامت “الأونروا” باستحداث برنامج البنية التحتية وتحسين المخيمات في الأردن لمعالجة الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها لاجئو فلسطين، ومنذ ذلك الوقت، عملت “الأونروا” على مدار السنوات الماضية على إعادة ترميم وبناء عدد من المساكن المتهالكة داخل مخيم اربد”.
وأكدت في البيان “أنه في حال توفر التمويل الكافي وتبعاً لتقييم متخصص يشارك فيه كل من برنامج البنية التحتية وتحسين المخيمات وبرنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية والذي يؤكد الحاجة لترميم أو إعادة بناء هذه المساكن التي قد تهدد حياة لاجئي فلسطين”.
وحسب “الاونروا “فإنها غير مخولة لاستئجار قطع أراض جديدة لاستخدامها من قبل أبناء المخيم، مبينة أنه وحسب آخر التقارير فإن هناك حوالي 30.860 لاجئ من فلسطين يعيشون في مخيم اربد، فوق مساحة من الأرض تبلغ 224 ألف متر مربع.
وعودة الى مغامرة البناء العمودي المخالف على أبنية متهالكة، فإن عمليات بناء طابقي (طابق او طابقين) ينفذها ابناء المخيم في خيار وحيد للحد من ضيق المسكن، من دون موافقات رسمية من جهات السلامة العامة والرقابة التي تمتع مثل هذا البناء استنادا إلى تشريعات ونظم وتعليمات تحدد طبيعة ونوعية أبنية مخيمات اللاجئين والتي من المفترض أنها مؤقتة استنادا للقوانين الدولية.
وكان المخيم قد أقيم عام 1951 على قطعة أرض تبلغ مساحتها 244 ألف متر مربع، فيما بلغت عدد الوحدات السكنية 1660 وحدة سكنية، حيث سعت الحكومة الأردنية من خلالها إلى توفير السكن باعتباره حقا إنسانيا للآلاف ممن تم تهجيرهم قصرا من وطنهم ولتطلق عليهم من ذلك الحين صفة اللاجئين.
وأفضى النمو السكاني الناجم عن ظروف طبيعية وموضوعية كزيادة أعداد المواليد على مدار سبعين عاما إلى وجود ما يقارب 35 ألف نسمة في المخيم، مما تسبب بوجود مشكلة ضيق في الأبنية السكنية على قاطنيها وغياب إمكانية التوسع الأفقي، في وقت يعتبر المرصد الوطني لحقوق الانسان “أن عدم كفاية المساكن ووجود العديد من الأفراد داخل المنزل الواحد يعد انتهاكا لحقوق الإنسان”.
وأمام التوجه المخالف للبناء الطابقي على منازل متهالكة، سعت دائرة الشؤون الفلسطينية الى بناء 6 منازل سنويا بديل منازل آيلة للسقوط بمساحة 35 مترا.
وتتوافق الإجراءات الأردنية بإيجاد مخيمات اللاجئين مع الحد الأدنى للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 والمادة 11.1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966، حيث بذل الأردن ضمن إمكانياته جهودا أوجدت مثل هذه المخيمات التي يبلغ عددها في الأردن 10 مخيمات، وفق احصائية الانوروا.
ويدفع الفقر وضيق الحال وعدم توافر فرص عمله دائمة ومجدية المئات من أبناء المخيم على البقاء داخل حدوده في ظل عدم توافر أي إمكانية تحسن أحوالهم المعيشية والاقتصادية يمكن من خلال أن ينطلقوا خارج حدوده باعتبارهم مواطنين حاملين للجنسية الأردنية.
وحسب مواطنين في المخيم فإن ضيق الحال وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المخيم دفعت بالعديد من أبناء المخيم إلى عدم مغادرته وشراء منازل وأراض خارج المخيم، الأمر الذي تسبب بارتفاع أعداد السكان ودفعتهم إلى التوسع في بناء المنازل بشكل عمودي من خلال بناء طابق ثان وثالث على بنية تحتية متهالكة.
وأشاروا إلى أن هناك أكثر من أسرة تسكن في منزل واحد، لا تتعدى مساحته 80 مترا مربعا، في أحسن الأحوال، لعدم قدرتهم على استئجار منزل في منطقة خارج المخيم بسبب ارتفاع الأجور وعدم وجود دخل إضافي، فيما آخرون اضطروا إلى بناء طابق ثان حتى يتمكن من إيجاد سكن له ولأسرته. ولفتوا إلى انه عادة لا يتوفر منازل للإيجار في المخيم بسبب شغلها بوقت قياسي من المواطنين الباحثين عن مسكن في ظل تدني الأجور، وحتى وان ارتفعت في الآونة الأخيرة، إلا إنها تبقى متدنية مقارنة بالإيجارات خارج المخيم.
يقول محمد المغربي إنه اضطر إلى بناء طابق ثان فوق منزل والده منذ سنوات رغم ان الطابق الأراضي بني منذ أكثر من 30 سنة حتى يتمكن من الزواج والعيش بمنزل مستقل، مؤكدا أن ارتفاع أسعار الإيجارات أو شراء الشقة خارج المخيم دفعه إلى بناء طابق ثان.
وأشار إلى أن بناء طابق إضافي على منزل بنيته التحتية متهالكة فيه نوع من الخطورة والمجازفة وخصوصا وان البناء قديم، إلا أن الحاجة اجبرته على المغامرة بعد أن تم تدعيم الطابق الأرضي بأعمدة إضافية داعمة لمنع انهيار الطابقين.
وقال علي الحسن إنه اضطر إلى بناء طابق ثالث رغم علمه انه مخالف في المخيم، إلا أن ضيق الحال دفعه إلى البناء، وخاصة وان أسرته كبيرة تتكون من 8 أفراد والظروف المادية حالت دون شراء شقة أو استأجر منزل خارج المخيم بسبب ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى انه قام ببناء الطابق من خلال احد المتعهدين مع اعتماد آلية التقسيط، اذ يدفع للمتعهد مبلغا شهريا، مؤكدا أن معظم منازل المخيم بنيت قبل أكثر من 40 سنة ومعظمها متهالك لا يصلح للبناء عليها، مشيرا إلى انه تم ترميم الطابق الأرضي والثاني من اجل القدرة على بناء طابق ثالث إضافي.
وأكد أن أبناء المخيم لا يملكون أراضي تملكوها عن آبائهم وبات من المستحيل في الوقت الحالي شراء أراض في مدينة اربد نظرا للأسعار المرتفعة، فأصبح المواطن في المخيم مجبرا على البناء فوق منزل ذويه من اجل تكوين أسرة خاصة به.
وحسب الحسن، فإن معظم أبناء المخيم يعملون في اعمال المياومة في قطاع الإنشاءات والحرف والتي تراجع الطلب عليها بنسبة كبيرة بسبب حالة الركود التي تشهدها جميع القطاعات الإنشائية، حيث أصبح المواطن بلا مصدر دخل ويعتمد على ما تقدمه الجمعيات الخيرية من مساعدات.
من جانبه، يصف نائب رئيس لجنة زكاة وصدقات مخيم اربد أكرم عرفات الوضع في المخيم بـ “المزري” للغاية، ومنازل المواطنين آيلة للسقوط، لافتا إلى أن اللجنة تبنت قبل سنوات مشروعا أطلق عليه “بنيان” لإعادة ترميم المنازل في المخيم، حيث تم ترميم ما يقارب 20 منزلا كانت آيلة للسقوط بمبلغ 100 ألف دينار. وأشار إلى أن المشروع توقف بسبب نقص التمويل من قبل المحسنين وفاعلي الخير وهناك ما يقارب 50 طلبا تلقتها اللجنة من قبل المواطنين منازلهم آيلة للسقوط وبحاجة إلى ترميم وإزالة أو إضافة غرف لتوسعتها.
وأكد عرفات أن معدلات الفقر في المخيم في تزايد مستمر، لافتا إلى أن اللجنة تقوم بصرف رواتب شهرية رمزية لـ 1200 أسرة في المخيم وضعها المادي وعلى حد تعبيره “تحت الصفر”، فيما الرقم الحقيقي لحالات الفقر في المخيم يتجاوز 15 ألف شخص، بيد أن الإمكانيات تحول دون رفع نسبة المستفيدين.
ولفت إلى ارتفاع نسبة البطالة في المخيم وفي حال وجد العمل فإن أجوره رمزية لا تتعدى 250 دينارا شهريا، فيما مساكن المخيم تغص بقاطنيها لعدم قدرة السكان على البناء او استئجار شقة خارج المخيم، مستذكراً حالة تم مساعدتها مؤخرا في المخيم لأسرة عدد أفرادها 7 بمن فيهم الابن وزوجته والأب والأم يسكنون في غرفة واحدة.
بدوره، قال أمين السر في المرصد الوطني لحقوق الإنسان المحامي معتصم الدراوشة إن السكن حق من الحقوق التي كفلها الدستور من جهة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بجانب الحق في التعليم والصحة.
وأشار إلى أن اكتظاظ المخيم بالمواطنين واضطرار أكثر من أسرة للسكن في منزل واحد هو مخالف لجميع الاتفاقيات، إضافة إلى أن أزمة السكن في المخيم دفعت بالعديد من المواطنين إلى بناء منازل طابقية بطريقة تشكل خطورة على حياتهم في ظل قدم البناء الذي تجاوز عمر بعضه السبعين عاما.
وأوضح الدراوشة أن صعوبة امتلاك المواطن لشقة خارج المخيم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان المخيم بشكل عام دفعتهم الى البقاء في المخيم في منزل الأسرة، مؤكدا أن الحل في مواجهة الاكتظاظ داخل المخيم إعادة تنظيمه من جديد من خلال مشروع تتبناه الحكومة بإطار أممي.
وأكد الدراوشة أن الوقت الراهن ولمواجهة المشكلة يجب على الجهات المعنية والمتمثلة بدائرة الشؤون الفلسطينية الكشف على جميع الأبنية في المخيم والبدء بحصر الأبنية الآيلة للسقوط وبناء منازل جديدة طابقية، مؤكدا أن الوضع سيتفاقم خلال السنوات المقبلة في ظل ازدياد عدد السكان وعدم وجود مساحات إضافية داخل المخيم.
وقال رئيس لجنة تحسين خدمات مخيم إربد، محمود أبو حميد، إن دائرة الشؤون الفلسطينية تقوم سنويا ببناء 6 منازل جديدة في المخيم بدل المنازل الآيلة للسقوط بعد قيام لجنة من الدائرة من خلال مهندسيها بالكشف على الموقع وإعطاء الأولوية للأكثر خطورة.
وأكد ايو حميد أن الدائرة قامت هذا العام ببناء 10 منازل جديدة بدل المتهالكة في المخيم نظرا لخطورتها على السكان، مؤكدا أن مساحة المخيم باتت مكتظة بالمنازل ولا يوجد هناك أي مساحات شاغرة لأي عمليات بناء جديدة داخل المخيم، فيما الأراضي المحيطة بالمخيم هي مملوكة للمواطنين.
وأشار إلى انه ومن وباب التسهيل على المواطنين في المخيم وبعد انهيار عمارة اللوبيدة وما يمكن أن يشكله بناء الطابق الثاني من خطورة الحصول على تقرير من مكتب هندسي بسلامة بناء الطابق الأرضي حتى يتحمل المكتب المسؤولية في حال حدوث انهيار لا سمح الله.
وأوضح أبو حميد أن هناك مخالفات في المخيم ببناء طابق ثالث وهو غير مسموح تعمل الدائرة على تصويبها حسب الأصول، مؤكدا أن العديد من أبناء المخيم يبقون في المخيم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة لعدم قدرتهم على شراء أو استئجار منازل خارج المخيم.
ولفت إلى أن هناك منازل مساحتها ضيقة جدا يسكنها أكثر من 15 فردا، مؤكدا انه وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة في المخيم كما هي في جميع مناطق المملكة تبذل دائرة الشؤون الفلسطينية واللجنة جهودا لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في المخيم.
وقال مصدر في دائرة الشؤون الفلسطينية، إن نسب البطالة في المخيم، لا تختلف كثيراً عن التجمعات السكنية الواقعة في المحافظة وان نسبة البطالة حسب الإحصاءات الرسمية وصلت إلى 20 %، فيما يؤكد مصدر في صندوق المعونة الوطنية في اربد أن عدد المستفيدين من الصندوق في المخيم حوالي 700 أسرة تتراوح المبالغ المصروفة لهم من 50 إلى 200 دينار حسب عدد أفراد الأسرة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :