-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 17-11-2022 09:17 AM     عدد المشاهدات 147    | عدد التعليقات 0

مرارة (سكري الأطفال) في حلوق الأهل .. كيف تستوعب الصدمة الأولى؟

الهاشمية نيوز - لم تقو أم ريتال على استيعاب صدمة إصابة طفلتها ذات السبعة أعوام بداء السكري من النوع الأول، إذ كانت تلك اللحظات التي سمعتها من الطبيب من أصعب أيام حياتها، لكن مع مرور الوقت تجاوزت الصدمة وتعايشت مع تفاصيل مرض مزمن سيلازم ابنتها مدى العمر.
ودفعت التغيرات المفاجئة لسلوك ريتال والدتها إلى إجراء فحوص مخبرية لطفلتها التي باتت تشرب كميات كبيرة من المياة وتتبول كثيرا، وفقدت وزنها، لتكشف النتائج عن ارتفاع نسبة السكر في الدم ولتصل إلى 600 ملغ/ديسيلتر، فيما تقدر النسب الطبيعية للأطفال بأقل من 100 ملغ/ديسيلتر، بحسب معلومات المركز الوطني للسكري والغدد الصم والوراثة.
بعدها، توجهت أم ريتال إلى طبيب مختص لعله يشرح لها أرقام ورموز نتائج الفحوص المخبرية، لتتفاجأ بإصابة طفلتها بمرض السكري وكان عمرها آنذاك لا يتجاوز 5 سنوات.
بيد أن طبيب السكري والغدد الصماء طمأن والدتها بعد أن هدأ من روعها، وشرح لها بالتفصيل كيفية التعايش مع مرض سيلازم طفلتها مدى الحياة، موضحا لها حقيقة علمية قوامها أن “اتباع السلوكيات الغذائية السليمة ومتابعة العلاج سيمكن ابنتها من عيش حياة طبيعية كبقية الأطفال”.
ولا تختلف صدمة أم ريتال عن الثلاثينية آفاق المومني التي بكت بحرقة شديدة على طفلتها ذات الثمانية أعوام عندما أبلغها الطبيب بإصابة ابنتها بالسكري، حيث تقول: “ما كنت متخيلة أن ابنتي مصابة بالسكري.. كنت رايحه أفحصلها كورونا وأروّح، يا ربي من وين أجاها هالمرض؟”.
لحظات انتظار مرة عاشتها المومني كأنها الدهر كله، حيث واصلت بكاءها عند قدمي طفلتها وهي ترقد على سرير الشفاء في غرفة العناية المركزة، في أحد المستشفيات الخاصة، تغفو تارة وتبكي تارة أخرى كلما تذكرت أن ابنتها أضيفت إلى قائمة “الأطفال السكريين”.
وكانت هناك مشاعر مختلطة بين الألم والأمل تساور المومني التي قالت لـ”الغد” إن “الصدفة وحدها كشفت إصابة ابنتها لين بمرض السكري من النوع الأول، عندما قام الطبيب بإعطائها محلولا غذائيا يحتوي على نسبة من الجلوكوز بسبب شعورها بهزال بالجسم، وفور إعطائها المحلول شعرت الطفلة بتسارع في دقات قلبها وصعوبة في التنفس”.
والأعراض التي شعرت بها الطفلة لين بعد المحلول، أثارت شكوك الطبيب بإصابتها بالسكري، مما دفعه إلى إجراء فحص نسبة السكر في دمها؛ حيث أظهرت النتائج أن النسبة مرتفعة جدا إذ بلغت 484 ملغ/ديسيلتر، مقارنة مع المعدل الطبيعي البالغ 100ملغ/ديسيلتر، ما أكد إصابتها.
وتتعايش لين حاليا مع المرض، وبدأت عائلتها تتأقلم معه، حيث أطلقوا عليها لقب “سكرتي” تشجيعا لها، بحسب والدتها.
أما حالة أم محمد فتختلف قليلا عن أم ريتال من حيث المدة الزمنية التي احتاجتها حتى تقبلت فكرة ان ابنها مصاب بالسكري، فقد استغرقت 4 سنوات، لكنها تعايشت معه وتقول: “مجبورين نتأقلم ونتعايش..هي حياة كاملة”.
وبالصدفة، اكتشفت أم محمد اصابة ابنها (9 أعوام) بعد إجرائه تحاليل روتينية عندما أحس بالتعب والإرهاق والهزال، فقد ظنت الام بأنه مصاب بإنفلونزا الخنازير، لتتفاجأ ان فنية المختبر تسألها: “هل يوجد مصابون سكر في عائلتكم؟”.
وتبين أن معدل الفحص”التراكمي” للطفل محمد تبلغ نسبته 13 %، وهو معدل مرتفع جدا مقارنة مع النسبة الطبيعية التي تقدر بـ5.5 %، بينما قراءة جهاز السكر كانت 480 ملغ/ديسيلتر.
وهذه النسب المرتفعة، أدخلت محمد الى العناية المركزة في أحد المستشفيات الخاصة لمدة أسبوعين لتخفيض نسبة الحموضة في الدم.
واسترجع محمد عافيته، وشرح الطبيب حالته لوالدته وطمأنها أنه باتباع الطرق السليمة للعناية يمكن أن يعيش حياة طبيعية كباقي الأطفال الطبيعيين، وبعدها بدأ في رحلة العلاج بحقن الأنسولين.
“في بداية إصابة محمد كان يواجه صعوبات في التعايش مع المرض، لكنه تأقلم الآن، وصار يحقن الأنسولين لنفسه في المدرسة، ولمدة 3 مرات يوميا”، وفق والدته.
وتخفض حقن الأنسولين مستوى السكر عن طريق دخول الغلوكوز إلى خلايا الجسم، الذي ينظم البروتين ويزيد إمكانية تخزين الدهون، حسبما يرد عن المركز الوطني للغدد الصم والوراثة.
ويدخل ذوو المصابين بسكري الأطفال بالصدمة بعد تلقيهم خبر الإصابة، خاصة إذا كان بشكل مفاجئ، وطفلهم بحاجة ماسة إلى دعمهم له، فكيف يتعايش الأهل مع المرض؟
من الطبيعي أن يشعر الأهل بالحزن والخوف بعد إصابة طفلهم بالسكري، لكن يجب التعامل مع الصدمة من قبل أهل المصاب بشكل تدريجي، من خلال منحهم وقتا كافيا، بحسب الاختصاصيين عبدالله بني ياسين وفتون عبيدات.
وركز الاختصاصيان على أهمية مساندة طفلهم المصاب بسكر الدم من خلال مشاركته باتخاذ القرار حول المكان الأنسب لحقنة الأنسولين، ومساعدته بممارسة جميع الأنشطة التي كان يمارسها قبل إصابته.
كما أن تعايش الطفل مع إصابته بالسكري يعتمد على عائلته بشكل كبير؛ وذلك من خلال التحلي بالقوة والمرونة والصبر قدر الإمكان، وفق ما ذكرته عبيدات.
وتتمثل أعراض مرض السكري عند الأطفال، كما يوضحها اﺳﺘﺸﺎري اﻟﻐدد اﻟﺼم واﻟﺴﻜﺮي ﻓوزات اﻟﺸﻨﺎق، بـ”فقدان الوزن بشكل مفاجئ، وجفاف الفم، وزيادة التبول، والتعب، وهزال الجسم”.
وفسر عضو الجمعية الأوروبية للغدد الصم اﻟدﻛﺘﻮر الشناق أنه “يتم تشخيص سكري الأطفال من خلال إعطاء المشتبه بإصابته مادة الغلوكوز، وانتظار ساعتين، فإذا ارتفع السكر في الدم 200 ملغ/ديسيلتر فأكثر، يتم تشخيصه بسكري الدم”.
ونتيجة لتطور جودة وأنواع أدوية الأنسولين والأجهزة والطب والتغذية، يمكن لمريض السكري أن يعيش حياته بشكل طبيعي كأنه غير مصاب، وفق الشناق.
الى ذلك. بدد الشناق مخاوف الناس من هبوط معدلات السكر ليلا، بقوله “توجد هرمونات مضادة لهبوط السكر وترفع نسبته في الصباح، وقد ترفعه إلى غير نسبته الطبيعية”.
ويحتاج علاج الطفل المصاب بالسكري إلى فريق متكامل لا يقتصر على الطبيب فقط، فدور التمريض مهم جدا في شرح كيفية أخذ جرعة الأنسولين، بالإضافة إلى دور الجمعيات المختصة لزيادة وعي عائلات المصابين، حسب الشناق.
وتحتضن الجمعية الاردنية للعناية بالسكري أفضل الطرق والوسائل والبرامج في التثقيف لتوعية الأهل بسكري الأطفال وكيفية التعامل مع الصدمة والتعايش معها.
يشار إلى أن الجمعية ما تزال تجري دراسة لحصر أعداد الأطفال المصابين بالسكري من النوع الأول في المملكة.
وفي اليوم العالمي للسكري الذي يصادف 14 من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام، توجه لذوي الأطفال المصابين نصائح بعدم الخوف، وبإمكانية التصدي للمرض والتعايش معه؛ باتباع نصائح وإرشادات الطبيب، والالتزام بنظام غذائي صحي للمصاب، ليعيش حياته الطبيعية من دون داع لتخويفه وإشعاره بأنه مختلف وأنه مريض، ولا يمكنه العيش والاستمرار.
ونجح كل من أهل ريتال، وأهل محمد، والمومني بتجاوز صدمة إصابة أطفالهم بسكري الدم، وهم الآن يعيشون حياتهم الطبيعية مع أطفالهم المصابين، متبعين نظاما غذائيا صحيا سليما، ومع أدوية الأنسولين وفق وصفات الطبيب، ولتستمر حياتهم على نحو طبيعي.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :