-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 17-11-2022 09:17 AM     عدد المشاهدات 251    | عدد التعليقات 0

عمالة الاطفال .. عندما يعلو الموروث العائلي على الفقر

الهاشمية نيوز - في يده اليسرى يحمل كيسا مصنوعا من الخيش مملوءا بقطع “الخردة” التي كان قد جمعها بعد رحلة بحث ليست قصيرة في شوارع منطقة الرجيب جنوب شرق العاصمة عمان.
ذاك الكيس يبدو وكأنه ثقيل بالنسبة لهاشم ابن الأعوام السبعة لاسيما وأنه يحمله في يده اليسرى (الضعيفة) بعد تعرض يده اليمنى التي يعتمد عليها في العادة، لجرح عميق سببته قطعة حديد حادة كان يريد أن يضعها قبل أيام في كيس خيش آخر.
بعدما انتهى هاشم من جمع “الخردة”، بدأ ينتظر دوره أمام إحدى الورش التي تشتري الخردة ليزن الكيس ثم يحصل لقاء ما في داخله على مبلغ مالي.
ويقول هاشم “أحصل على 40 قرشا مقابل كل كيلوغرام من الخردة وأجمع حوالي 30 إلى 40 كيلوغراما في اليوم”.
ويضيف هاشم (أسم مستعار) “أنا وإخوتي الخمسة نعمل بالمنطقة لكن لسنا كلنا نجمع الخردة”.
هاشم الذي لم يبد عبر حديثه لـ”الغد” أن الفقر والعوز هما السببان اللذان دفعاه للعمل في جمع الخردة، إنما يؤكد أن هذا العمل متوارث في عائلته عبر الأجيال، يبدأ منذ سن الخامسة وينتهي عند الشيخوخة.
ويبين هاشم أن إخوته الأكبر سنا لديهم مركبة نقل صغيرة (بيك اب)، يعملون على جمع الحديد فيها من مواقع البناء والسيارات السكراب ومن ثم يقومون بثنيه وبيعه للمحلات.
في حين أن أخوه الصغير ذو الخمسة أعوام يرافق والده كل صباح في السيارة الثانية التي تمتلكها العائلة للوصل إلى “الورشة” الخاصة بجده، ويقوم بجمع أسلاك النحاس المستعملة والمبعثرة على الأرض ويضعها في كيس ليتم بيعها فيما بعد.
وبينما تتضمن المادة رقم 33 من قانون الأحداث الأردني أنه يعتبر الحدث محتاجا إلى الحماية أو الرعاية إذا كان بائعاً متجولاً أو عابثاً بالنفايات، يؤكد هاشم أن والده لم يجبره على العمل وإنما جرت العادة على ذلك في العائلة المكونة من ثمانية أفراد، والذين لايوجد بينهم شخص متعلم أو حتى ارتاد المدرسة.
ويقول هاشم “لا أحب الدراسة أو الذهاب للمدرسة أنا مرتاح ومبسوط مع إخوتي وأولاد عمي وأصحابي في هذا العمل واشتري من مالي الخاص كل شيء أريده”.
ويشير هاشم إلى أن صديقه الكبير يساعده في شراء الدخان من صاحب الدكان، كون أن الأخير يرفض بيعه لأنه ما يزال صغيرا، ويقول “رغم أني أخبرت صاحب الدكان أن الدخان لوالدي الا أنه لم يصدقني فقد رآني أدخن ذات مرة”.
في حين تنص المادة رقم 35 على أنه إذا وجد الحدث في أي من الحالات المنصوص عليها في المادة (33) من هذا القانون فالمحكمة تتخذ تدابير الحماية التي تتناسب مع وضع الحدث وذلك بناء على شكوى الحدث أو أحد والديه أو وليه أو وصيه أو الشخص الموكل برعايته أو الضابطة العدلية.
وفي دراسة حول الأطفال العاملين في جمع “الخردة” تؤكد ضرورة إيجاد نص قانوني، يتعامل مع هذه الفئة، ويحدد الجهة المسؤولة عنهم، فضلا عن إيجاد تعريف واضح لهم، كونهم “يحتاجون للحماية مع توفير آليات واضحة لتقديم الخدمات لهم”.
وبحسب الدراسة، التي صدرت عام 2014 عن منظمة إنقاذ الطفل، ومركز المعلومات والبحوث التابع لمؤسسة الملك حسين، فإن “جمع الخردة تعد واحدة من أسوأ أشكال عمل الأطفال”.
وتعرف منظمة العمل الدولية “أسوأ أشكال عمل الأطفال” بأنه “العمل الذي من المرجح أن يضر بصحة أو سلامة أو أخلاق الأطفال بفعل طبيعته أو بفعل الظروف التي يزاول بها”.
رئيسة قسم تفتيش الحد من عمل الأطفال في وزارة العمل م.هيفاء درويش تقول “هؤلاء الأطفال يعملون لحسابهم الخاص ولا نستطيع تطبيق القانون عليهم”
وتضيف درويش أن “الأطفال الذين يعملون كباعة متجولين تابعين لقانون الأحداث في وزارة التنمية الاجتماعية وأما نحن نفتش على المحلات التي توظف أطفالا”.
من جهته، يقول الناطق الإعلامي في وزارة التنمية الاجتماعية أشرف خريس إن “مكاتب الخدمة الاجتماعية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية داخل إدارة حماية الأسرة والأحداث في الأمن العام تجري دراسات اجتماعية للحدث وأسرته وتعمل على التوصيات المناسبة لقاضي الأحداث لاتخاذ مايلزم”.
لكن، يبدو أن هاشم وإخوته وأقرباءه وأصدقاءه هم ضحية للجهل والموروثات الثقافية لدى بعض العائلات في المملكة كما يؤكد مدير مشروع الحد من عمل الأطفال في مؤسسة إنقاذ الطفل- الأردن محمد السعيد.
ويقول السعيد إن “ظاهرة عمل الأطفال موجودة في الأردن كما الحال في جميع دول العالم”، لافتا إلى أن أسباب هذه المشكلة متداخلة بين الجانب الاقتصادي المتعلق بفقر الأسر والجوانب الاجتماعية والموروثات الثقافية لدى بعض العائلات.
ويلفت السعيد إلى أنه لا يوجد أي مسح محدث حول ظاهرة عمل الأطفال منذ العام 2016 لكن المؤشرات والمشاهدات تدلل على تزايد حجم المشكلة تحديدا بعد أزمة كوفيد 19 وتبعاتها الاجتماعية والاقتصادية.
يشار إلى أن نتائج المسح الوطني لعمل الأطفال في الأردن للعام 2016 أظهرت أن 1.89 % من الأطفال للفئة العمرية (5 – 17) عاما يعملون، فيما بلغت نسبة الأطفال الذكور 3.24 % والإناث 0.45 % فقط، لتماثل النسبة العامة للأطفال العاملين نتائج الدراسة التي اجريت العام 2007.
وحول عمل مؤسسة إنقاذ الطفل- الأردن في هذا المجال يبين أن المؤسسة تقدم مجموعة من البرامج والتدخلات من خلال الوصول إلى الأطفال وأسرهم وتقديم برامج التوعية فضلا عن توفير خدمات الإحالة ضمن نظام تحويل متكامل يقدم للطفل والأسرة.
ويشير كذلك إلى برامج التمكين الاقتصادي عبر التدريب والتأهيل والمقدمة للأهالي، إذ تهدف تلك البرامج لتوفير فرص عمل للبالغين في الأسرة وبالتالي سحب الطفل من سوق العمل.
ويلفت السعيد الى تخصيص مؤسسة إنقاذ الطفل لجان مجتمعية محلية او ما يعرف بلجان الحماية في المناطق التي تعمل بها المؤسسة وتهدف هذه اللجان الى رفع الوعي بين الأهالي والأطفال، وتنبيه الأهالي الى التبعات السلبية لعمل الاطفال على كافة مناحي حياة الطفل.
ويلفت إلى أن تبعات عمل الأطفال تشمل نواحي عدة تؤثر على صحته الجسدية ونمائه وزيادة احتمالات تعرضه لشتى أشكال العنف والاستغلال فضلا عن حرمانه من حقه الأساسي في التعليم.
بدورها، تقول رئيسة مركز الجندر للاستشارات الاجتماعية والنفسية د.عصمت حوسو “هذه الحالات تندرج تحت بند استغلال الاطفال باعتبارهم رأسمال بشري”.
وتبين حوسو أنه في هذه الحالات قد يكون الفقر ليس هو السبب ولكن السبب هو الطبع في العمالة والتسول والهدف ليس إنشاء أسرة، وينم على انانية الوالدين، وعقوق الاباء تجاه الابناء.
وتشير إلى أن الطبيعي في الأسرة هو توفير الحقوق الأساسية للأطفال من مأكل وملبس وحماية وتعليم وصحة، ولكن “ينجبون الاولاد للعمل دون ادراك المخاطر الصحية أو النفسية”.
وتؤكد حوسو أن الأطفال في هذه الحالات قد يتعرضون للتحرش، وللإصابات الخطيرة وللأمراض ضمن “بزنس” عائلي بدون تعليم.
وقالت ” الحذر من جيل فاشل رغم أنهم أذكياء جدا”.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :