-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 08-11-2022 09:19 AM     عدد المشاهدات 201    | عدد التعليقات 0

الإيجابية السامة .. عندما تفسد حياة الفرد بالنكران وكتم مشاعر الحزن

الهاشمية نيوز - يمر الفرد بمشاعر وتجارب مؤلمة في حياته، هنالك من يعبر عنها ويعيشها وآخرون ينكرونها ويكتفون برفضها ودفنها خلف قناع التفاؤل والإيجابية، رغم صعوبة ذلك على المدى البعيد.
هناك العديد من الفوائد لامتلاك نظرة إيجابية، إلا أن الحياة ليست دائما كذلك، وتعطي الإنسان ما يريده، لذا جاء مصطلح ما يسمى بالإيجابية السامة؛ حيث إن هنالك مشاعر من المهم على كل شخص أن يعبر عنها بطريقته وليس أن يكتمها فقط ليظهر أنه شخص إيجابي.
وتعترف سندس (27 عاما)، أنها أصبحت تختنق من نصائح صديقتها الدائمة لها التي تدفعها لتفكر بإيجابية وتنسى حزنها ولا تعطيه هذا الحجم الكبير.
تقتنع سندس أن إنكارها لن يذهب هذا الحزن، بل سيخفيه في داخلها ولن يحل المشكلة. تقول “من حقي أن أعيش كل هذه المشاعر وأخرجها من داخلي، وكتماني لها سيجعلها تنفجر في النهاية”.
وما يزيد حزنها أنه في الوقت الذي يجب أن تقف صديقتها بجانبها وتساندها، تبدأ بلوم حزنها وتمطر عليها بوابل من النصائح بألا تفكر به وتتجاهله وأن تبتسم وتكون إيجابية.
وتقول سندس “لا أعلم سبب إيجابيتها المفرطة، ولكن أقتنع بأن الوسطية هي الحل لكل شيء حتى في المشاعر”.
ويمر سمير (33 عاما) بالحال نفسها مع أخيه اللامبالي للمشاكل التي يقع بها، قائلا “في قمة المشكلة تراه يبتسم ويضحك رغم التخبطات التي يمر بها بحياته فقط ليخفي توتره وقلقه”، ولهذا يخشى عليه من الكتمان.
ويضيف سمير، أن أخاه يحاول نكران مشاعره بابتسامة عريضة على وجهه بالرغم من المشاكل الكبيرة في عمله حتى بعد أن خسره، لم تفارق الابتسامة وجهه.
“إيجابيته الزائدة لا تسمح له بعيش حزنه”، يقول سمير، مؤكدا أنه مؤمن بالتفاؤل، ولكن “كل شيء يزيد على حده ينقلب ضده”، فكان يحاول دعمه هو ومن حوله ليخففوا عنه ألمه ومصيبته التي يمر بها.
ويعرف موقع “فيري ويل مايند” (VeryWellMind)، الإيجابية السامة، بأنها الاعتقاد بأنه بغض النظر عن مدى صعوبة أو شدة الموقف الذي تمر به يجب عليك الحفاظ على عقلية إيجابية ورفض المشاعر السلبية، وهو نهج “المشاعر الإيجابية فقط” في الحياة.
وتعريف آخر لها بأنها التعميم الشامل والمفرط لمفهوم السعادة والتفاؤل، مما يؤدي إلى حالة من النكران والتقليل من شأن المشاعر البشرية الفطرية الأخرى، كالحزن والألم والخيبة.
بريت فورد الأستاذ المساعد بعلم النفس، خلص إلى هذه النتائج بناءً على دراسة أجريت بمساعدة باحثين آخرين، ونشرت نتائج هذه الدراسة بمجلة Journal of Personality and Social” Psychology” العلمية العام 2018؛ حيث تبين أن الإيجابية المفرطة تقلل قيمة التجربة البشرية وتجعل الشخص يحكم على نفسه بشكل خاطئ عند مروره بمشاعر غير سارة مثل الحزن والألم والخوف، إذ سيشعر عند عدم قدرته على التفكير بشكل إيجابي بموقف ما أنه يفعل شيئاً خاطئاً، ما يشعره بالخجل والذنب.
وهذا غير واقعي، فالإنسان خليط معقد من المشاعر والعواطف التي يجب عدم تحييدها، ومن ناحية أخرى، فإن الإيجابية المفرطة تحرم من القدرة على مواجهة المشاعر الصعبة.
ووجدت الدراسات أن إخفاء مشاعرنا يمكن أن يسبب ضغوطاً نفسية كبيرة، وإضفاء السعادة على الأشياء يمكن أن يكون له تأثير أعمق على نفسيتنا، مما يعبث بقدرتنا على تنظيم عواطفنا.
ومن الجانب النفسي، تبين الاختصاصية عصمت حوسو، أن هنالك من يفسر التفكير الإيجابي والإيجابية بطريقة خاطئة بسبب بعض الدخلاء على مهنة الطب النفسي.
وتصف حوسو الإنسان الذي يعاني من “الإيجابية السامة” كمن يضع شرشفا على الغبار ويقنع نفسه أن الطاولة نظيفة، بينما الإيجابية الحقيقية هي أن نرى المشكلة وننظر لها بعين الحل وأن تكون العدسة المكبرة بأيدينا هي عدسة التركيز على الحلول وأن يقر الفرد بوجود المشكلة ومشاعره السلبية التي صاحبتها لكن يعلم متى وكيف يخرج منها.
وأوضحت حوسو أن الإيجابية السامة تجعل الإنسان ينكر وجود المشكلة والمشاعر السلبية المصاحبة لها، مؤكدة أننا بشر ولدينا ردات فعل إنسانية والمشاعر السلبية مقبولة بهامش معين.
وتشير حوسو إلى أن الإيجابية الحقيقة أن نرى المشكلة وأن نسمح لأنفسنا كبشر بمساحة معينة من المشاعر تجاه هذه المشكلة من الحزن والضيق، ولكن أن نعلم متى نقف ونبدأ بالتركيز على الحلول، هذا هو التفكير الإيجابي، بمعنى أن نرى المشكلة بعقل الحل وأن يكون الفرد متفائلا ولديه يقين بذاته وبالله أنه سيصل للحل، وإذ لم يجده، على الأقل قد نال شرف المحاولة.
وشددت حوسو على أن الإيجابية السامة خطرة، لأنها تعلم الفرد بدل أن يعبر عن مشاعره من حزن وضيق بشكل صارخ أن يكتمها داخله ويترك المشكلة تتفاقم دون حلول.
ومن جهة أخرى، يصبح لا يعلم متى يلجأ لشبكة الدعم المحيطة ومتى يعود إلى المختصين، وهنا المشكلة الكبرى، فهي تحرم الأشخاص في بعض الأحيان من حل المشكلة في بدايتها سواء مشكلة نفسية شخصية أو مشكلة اجتماعية مع الآخرين، وفق حوسو.
وتعلل “لذلك، عندما يتعلم الأشخاص الإيجابية بطريقة سامة تزيد تسممهم، تجعل المشكلة تكبر إذا كانت صغيرة دون أن يعلم المرء كيف يحلها”.
وترى أن هنالك دورات سريعة يقدمها من يطلقون على أنفسهم مدربين ويعتبرون أنفسهم محللين ومعالجين ويروجون لهذا الفكر الخاطئ.
وتؤكد حوسو، أن الدعم من المحيط أحيانا يكون له دور في المساعدة على حل المشكلة إذا كانت بسيطة أو الدعم من مختص؛ إذ تفاقمت المشكلة، لكن الإيجابية بالطريقة التي تعرض هي تضر ولا تنفع وهي تعادل التفكير السلبي تماما الذي يبقى يصف المشكلة ويندب عليها ويكتفي بذلك دون التركيز على الحلول. ويبقى النظر بإيجابية بأن تكون عدسة الفرد هي العدسة المكبرة للحلول.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :