-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 24-10-2022 09:16 AM     عدد المشاهدات 128    | عدد التعليقات 0

(السوشال ميديا) .. حينما تمنح الأمل بلقاء أحبة وأصدقاء فرقتهم السنون

الهاشمية نيوز - مع مرور السنين، يشتاق الإنسان لمحطات مضت في حياته، بشخوصها وأماكنها وذكرياتها، وحتى في عفويتها وبساطتها. ذلك لأن التقدم بالعمر وما يتضمنه من متاعب حياتية ومصاعب لا تنتهي، يجعل الاشتياق لما مضى، يتضاعف.
أولى محطات الاشتياق، لأشخاص كان لهم وجود أساسي في الحياة، سواء زملاء الدراسة أو الجيران وحتى أصدقاء قدامى، أبعدتهم مشاغل الحياة والغربة، ولم يعد هنالك أي وسيلة للتواصل معهم، فتكون أولى خطوات البحث عنهم عبر منصات التواصل الاجتماعي التي سهلت كثيرا ذلك الأمر.
قد يكون منشورا بسيطا وعفويا لكنه مليء بكلمات الحنين، يجدد الأمل نحو إيجاد أشخاص تشاركوا معا الذكريات، وعاشوا يوما الحلم بمستقبل جميل، وفرقتهم دروب الحياة ولكن لم يمح الأثر الساكن في النفس.
في الآونة الأخيرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات الاجتماعية التي تضم العديد من الأعضاء من مختلف المناطق، تظهر منشورات لأشخاص يبحثون عن صديق قديم شاركوه ذكريات الطفولة والدراسة، رغبة لمعرفة أحواله والالتقاء معه من جديد.
“السوشال ميديا” اختصرت المسافات وألغت الحواجز وصنعت الفرصة للقاء أصدقاء جمعتهم الأيام في الماضي، والوصول لبعضهم يكون بمساعدة أشخاص من خلال التعليق على المنشور للمساهمة في صنع هذا اللقاء. الكثير من القصص لأصدقاء تفرقوا وأعادت هذه المنشورات جمعهم من جديد، كما سهلت مكالمات الفيديو والزووم جمعهم مباشرة حتى وإن كان عبر شاشة صغيرة ولكن تلبي مشاعر الحنين.
محمد خالد (55 عاما) أحد هؤلاء الأشخاص الذين توجهوا لمنصات التواصل الاجتماعي للبحث عن صديق الطفولة الذي أبعدته انشغالات الحياة، وبعد تقطع السبل به، نشر منشورا يطلب فيه مساعدة رواد مواقع التواصل ممن يعرف أي معلومات عنه عله يوصله له.
وبين تعليقات كثيرة جاء الرد من ابنة هذا الصديق فكانت الفرحة أكبر، ليتواصل مع والدها وتغمرهما السعادة، ليتفقا على اللقاء وإعادة أجمل الذكريات.
ويصف محمد فرحته في ذلك اليوم؛ “حسيت إنه رجعت لـ 30 سنة ورا لأيام الشباب، حكينا لساعات ضحكنا عن أيامنا وشو غيرتنا الحياة وشو عملت فينا” ولليوم لا يمر أسبوع من دون أن يلتقيا، فتلك الصداقة تركت أثرا كبيرا في حياته ولا يريد أن يخسرها.
بينما أم خالد (50 عاما) بعد رؤيتها لأحد هذه المنشورات لمعت في ذاكرتها أيام لا تنسى عاشتها مع صديقتها التي افترقت بسبب الزواج والغربة وبقي الأمر يشغل بالها لأيام رغبة بالاطمئنان على رفيقتها، إذ بقيت الذكريات والماضي الجميل يتكرر في بالها.
تشجعت أم خالد وقررت أن تجرب حظها علها تجد ضالتها وطلبت من ابنتها مساعدتها في كتابة المنشور الذي ضم اسمها الكامل ومعلومات عامة عنها والمكان الذي اجتمعوا به وعاشوا ذكرياتهم. تقول أم خالد “بعد النشر بدأت التعليقات تملأ المنشور ومع كل إشعار تزداد اللهفة في انتظار الخبر اليقين الذي يجمعها مع صديقتها”.
وأخيرا استيقظت أم خالد في اليوم التالي على تعليق لصديقتها ذاتها على منشورها بعدما وصل المنشور لها من أحد الأقارب، وهنا كانت الفرحة لا توصف “ما صدقت بالأول قلت لازم أحكي معها”، وبعد التحدث معها بالهاتف تأكدت أنها نفسها وسارعت بطلب لقائها الذي استمر لساعات، “ضحكنا وحكينا لبعض شو عملت فينا الحياة بكل هاي السنين”.
من الجانب الاجتماعي يبين الدكتور محمد جريبيع أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بالكثير من الأمور الإيجابية، حيث قربت الناس من بعضها البعض، خاصة الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل مثل زملاء الدراسة من المدرسة والجامعة حتى زملاء العمل أو الأقارب والأصدقاء من خارج البلاد. وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، وفق جريبيع هي وسيلة تجمع الناس، ومعرفة أخبار الأصدقاء والمعارف من خلال البحث عنهم والاتفاق على اللقاء وجاهيا لاستعادة الذكريات وتبادل أطراف الحديث.
ويؤكد جريبيع أن السوشال ميديا من أهم الأدوات التي تسمح بالتعرف على ثقافة وفكر الأشخاص من خلال الدخول على صفحته، وهذه جميعها ظواهر إيجابية، مضيفا، “كلما تقدمنا في العمر كلما أصبح لدينا حنين للماضي أكبر ويبقى في مخيلتنا العودة لأيام الدراسة التي هي الأجمل بعيدا عن الهموم والمشاكل”.
وهذا يسمى في العلم بحالة “النستولوجيا” ويعيشها الإنسان كل ما تقدم بالعمر وكل ما واجه ضغوطات كل ما كان الحنين أكبر.
ومن جهة أخرى يظهر الجانب السلبي عبر اقتحام حياة الفرد وفقد عنصر الخصوصية ومن وجهة نظر جريبيع، فـ “نحن أصحاب الصفحة نحددها باختيار ما يتم مشاركته فالقضية نسبية ومختلفة من شخص لآخر”.
ويؤكد جريبيع أن المجتمع الافتراضي جزء مهم من حياة الفرد وهو “عالم مختلف تماما عن الواقع الذي نعيشه وظروفه ولكن الأهم في النهاية كيف يتعامل الفرد مع هذا المنتج والتعاطى معه والاستفادة”.
من الجانب النفسي يبين الدكتور موسى مطارنة أن الحاجة النفسية التي تدفع الفرد للبحث عن صداقات الماضي هي الحنين، “ففي أعماقنا هنالك حنين للماضي وللأيام القديمة وللقرية والشارع وللأشخاص الذين عرفناهم قديما وأحببناهم”.
ويوضح مطارنة أنه دائما هنالك “شعور عميق يحركنا لاتجاهات الماضي ونقول عنه الزمن الجميل والذي نتمنى أن تعود أيامه برفقة ذات الأشخاص الذين عاشوا معنا الذكريات الجميلة سواء أصدقاء المدرسة أو الجامعة”، لافتا إلى أن الإنسان يشتاق مع مرور السنوات لاستذكار المشاعر لأناس لهم حضورهم.
ويشير مطارنة إلى أن هذا الحنين الداخلي الذي تحركه الطاقة الأثيرية اللاشعورية للإنسان، ووفقا لهذا فهو المحرك الرئيسي الذي يحرك الدماغ وتظهر المشاعر والأحاسيس للصور القديمة الموجودة في اللاشعور بشكل عميق ولها أثر نفسي عميق، لذا نجد أنفسنا دائما تواقين للماضي.
ويلفت إلى أن الإنسان عندما يجد الأصدقاء القدماء الذين كان يعرفهم يشعر بحالة كبيرة من السعادة ويغمره الفرح إذ أن هذه البهجة تعيده للماضي ببساطته وعفويته.
ووفق مطارنة، هذا اللقاء يطغي على النفس ويتسبب بحالة من الفرح ويفرز هرمون السعادة، ووفقا لهذا فإن الحالة اللاشعورية التي يمر به الإنسان في حنين دائم للطفولة والمكان والزمان الذي كان فيه ذكريات جميلة وحكايات ممتعة وبريئة والكثير من الأمور التي فقدها في الوقت الحالي، وبذلك يسترجع الذات الحقيقية والصافية التي لم تستنفذها الزمان وحاجاته ومعطياته والعمر والمصاعب التي مر بها.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :