-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 11-10-2022 09:28 AM     عدد المشاهدات 181    | عدد التعليقات 0

هل يفهم الصغار طبيعة مشاعرهم حينما يعبرون عنها؟ الكراهية نموذجا

الهاشمية نيوز - “ماما أنا بكره ابن الجيران من كل قلبي.. وما بدي ألعب معه مرة ثانية” توقفت سلمى (32 عاما) أمام تلك العبارة التي قالها ابنها (9 أعوام)، حيث كان يشعر بالضيق وعلامات الحزن ظاهرة على وجهه. ولأن سلمى تعتقد أن على الطفل ألا يتفوه بعبارات قد يكون فيها تعبير عن مشاعر سلبية، فإن ما فعلته هو تنبيهه بعدم التلفظ بمثل هذه الكلمات وألا يتكلم بها مجددا مرة اخرى.
حينما تحدثت عن هذا الموقف لصديقتها، وانزعاجها من مصطلحات كبيرة نوعا ما عن عمر صغيرها، خالفتها بالرأي وبأن “الطفل من حقه أن يعبر عن كل ما يختزله من مشاعر ودور الأهل التنبه لها ومحاولة علاجها”، خصوصا وأنه لا يكون مدركا لحقيقة مشاعره ومعاني الكراهية.
بعد ذلك، سألت سلمى طفلها عمار عن سبب هذه المشاعر لتكون إجابته أنه لا يشاركه اللعب، وسألته: “يعني انت زعلان لأنه ما بيلعب معك”؟ حيث أوضحت له ضرورة أن يتحدث مع صديقه ويخبره أنه يشعر بالحزن بسبب هذا التصرف فهم أصدقاء في النهاية، لتغمر الابتسامة وجهه من بعدها ويتوجه لصديقه ليخبره بحقيقة مشاعره.
حرمان الاطفال من فرصة التعبير عن مشاعرهم فعل خاطئ قد يرتكبه أهال دون علم منهم، إذ إنهم بذلك لا يدركون مشاعر الطفل الحقيقية والحالة التي يمر بها في الوقت الذي يفترض بهم مساعدته على فهم مشاعره، إن كانت كراهية أو غضب او حب فهي مشاعر بالنهاية، ومهارة التعبير عنها من المهارات الحياتية الأساسية التي يجدر التدرب عليه ليطور الانسان من نفسه ويحقق السلام الداخلي وكل ذلك يبدأ من الطفولة.
اختصاصي طب نفس الاطفال الدكتور رأفت أبو رمان يبين أن كثيرا من الأهالي لا يشجعون الاطفال على التعبير عن مشاعرهم مهما كانت، تماما كما كان هؤلاء الأهل وهم بأعمارهم، حيث تتوارث تلك الصفات. ويوضح أبو رمان أن عدم التعبير عن المشاعر يأتي بناء على معتقدات تقول إن التعبير هو ضعف للرجل وهو فقط للانسان الضعيف كما أن المشاعر تقتصر فقط على المرأة وهذه جميعها معتقدات خاطئة، بينما من الاهمية معرفة كيفية التعامل مع المشاعر التي تظهر ومحاولة “تصحيح الشعور” فأي حدث يمر به الطفل هو شعور منطقي ومقبول ومبرر، وهنا يجب التفريق ما بين جزئيتين الشعور والسلوك الذي يتبع الشعور.
ويشير أبو رمان إلى أن شعور الطفل بالخوف من أي شيء هو أمر طبيعي مبرر، ولكن هنالك أهالي لا يتقبلونه، وعندما يأتي الطفل ليخبر أهله بالخوف يقولون له “انت مش صغير ما تخاف ومافي شي بخوف”. وهنا يفقد الطفل الثقة في شعوره ولا يتحدث عنه لأن هنالك من ينكره، وتصبح الحاجة دائما للتأكيد من الآخرين، منوها أن تدريب الاطفال على الافصاح عن المشاعر وتصحيحها، يعني القدرة بعد ذلك بالتعبير عنها بالطريقة الصحيحة.
ويوضح أبو رمان أن شعور الكراهية هو كغيره من مشاعر الحب والحزن والغضب، ولكن طريقة تعاملنا مع هذا الشعور هي التي تصنع الفارق بسؤال “لماذا تكرهه؟ ماذا فعل لك؟” وهنا نحدد طبيعية هذا الشعور الذي قد لا يكون كراهية بقدر ما هو مشاعر مختلفة، لأن الطفل لا يملك القدرة احيانا على تسمية الشعور بمسماه الصحيح ولم يعلمه أحد ذلك.
ويشدد أبو رمان على اهمية التعاطي مع الشعور الذي يمر به الطفل وتصحيحه وتفسيره بالطريقة السليمة، بحيث يدرك كيف يتعامل معه فيما بعد بشكل صحي، وبذلك الطفل تكون مشاعره واضحة وعندما يكبر يستطيع أن يعبر عنه بإدراك ووعي، وتسمية الاشياء بمسمياتها الصحيحة.
من الجانب التربوي يبين الدكتور عايش نوايسة ضرورة ادراك التعامل السليم مع الطفل بالقضايا التي تتعلق بالنمو الجسدي أو العاطفي أو الاجتماعي وتلك التي ترتبط بمشاعر من الحب والكراهية والغضب والحزن وجميع اشكال المشاعر.
ويوضح نوايسة؛ على الاهل ألا يكونوا متطرفين في القضايا التي تتعلق بالحب أو الكراهية بل اعطاء الطفل الحرية بأن ينمو في بيئة طبيعية وسليمة وهذا ينعكس على سلوكياته والممارسات التي يقوم بها في بيئته.
ويفسر نوايسة أنه في حال اعداد طعام لا يحبه الطفل لا يجب اجباره عليه، كذلك في أي أمر سواء أكلا أو سلوكا أو فعلا معينا، بل تركه يختار الذي يتناسب مع طبيعية تفكيره ومع نفسيته، اذ إن الكثير من الاطفال اليوم يحبون أمورا ويرغبون بها في ذات الوقت يمنعها الاهالي. ويبين نوايسة “اذا اردنا أن نعلمه الممنوع والمسموح والمرغوب يجب أن نعلمه ضمن ضوابط تبدأ بـ”لماذا؟” إذ إن الطفل اليوم ذكي وقادر على فهم هذه الضوابط ولديه افكار يقوم بطرحها وتساؤلات موجوده لديه.
وعلى المستوى التربوي، فإن السلوك المتوازن يجب أن يمارس في المدرسة والبيت وفق نوايسة، والنظر للطفل ككيان متكامل، فلا يطغى جانب على آخر ويسبب له مشاكل نفسية أو اجتماعية.
ولذلك ينصح نوايسة الاهل في حال إخبار الطفل أحد الوالدين بمشاعر الكراهية، محاولة فهم السبب وراء هذا الشعور ومناقشته وطرح الاسئلة عليه لمعرفة السبب أو الفعل الذي قاده لهذا الشعور، وتعليمه طريقة النقاش المنطقي بالحجه والبرهان والمنطق، فإذا كان سببه مقنعا نوجهه بالطريق الصحيح ونراعي شعوره، منوها بألا نكون الحكم القاضي في هذه المشاعر بل نعلمه طريقة التفكير المنطقي وأن يفكر ويطرح على نفسه تساؤلات “لماذا ؟ وما هو السبب؟ إذ ان دائما التفسيرات المنطقية هي التي تجد الحلول وهذه تنعكس على شخصيته المستقبلية.
ويؤكد نوايسة ان عقل الطفل قادر على استيعاب اشياء كثيرة، إذ إن التشكيل السلوكي للانسان يبدأ من الطفولة وكذلك طريقة التفكير ليكون قادرا على إدراك حقيقة مشاعره وتحقيق السلام النفسي الداخلي.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :