-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 13-09-2022 09:24 AM     عدد المشاهدات 389    | عدد التعليقات 0

برامج الرعاية اللاحقة .. هل تحد من العودة لتكرار الجرائم في قضايا الأحداث؟

الهاشمية نيوز - ينتظر الحدث خالد (16 عاما)، حكم قاضي محكمة الأحداث عليه في قضية مرفوعة بحقه، لارتكابه جريمة إيذاء ابن جيرانه، باستخدام أداة حادة مست وجهه.
سيناريو حكم المحكمة على خالد ليس غامضاً أو يصعب تخمينه، فالمادة (1) من قانون العقوبات الأردني الذي يرتكز عليه قانون الأحداث، تنص على أن “عقوبة جريمة إيذاء الأشخاص بالضرب على الوجه أو العنق باستخدام “الأمواس”، هي السجن من ثلاث سنوات حتى سبع سنوات، وفي حال نتج عن الضرب بالموسى عاهة دائمة، أو لها مظهر الدائمة، أو تشويه جسيم، تكون عقوبة الجريمة السجن من ثلاث سنوات وحتى عشر سنوات”.
اللافت في قضية خالد، أنها لا توحي بأنه سيواجه حكماً يحرمه من عيش حياته الطبيعية مثل أي حدث في عمره؛ مكانه المنزل والمدرسة ولاحقاً الجامعة، بدلاً من مراكز إصلاح الأحداث، بل ما يميز قصته، أنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها السجن، اذ سبق له وأن قضى 3 أشهر أواخر العام الماضي في مركز الأحداث، لارتكابه جنحة المشاركة بسرقة محل موبايلات في إحدى مناطق عمّان الشرقية التي يقطنها مع أهله.
تكرار خالد لارتكاب جريمة أكبر من الجنحة التي أوقف عليها سابقاً، أي ذهابه إلى فكرة “العودة والتكرار”، مؤشر يطرح تساؤلات حول فعالية برامج الرعاية اللاحقة التي نص عليها القانون، وهل فعلاً تحد من عودة الحدث الذي تنتهي محكوميته في مركز الأحداث من ارتكاب جنح؟
ينص قانون الأحداث في مادتيه (3) و(9) على “مساندة الحدث المفرج عنه، لمواجهة الصعوبات التي تعيق تكيفه واندماجه في المجتمع، وتحصينه من العودة إلى الجنوح، إضافة إلى إجراء الزيارات الميدانية للتأكد من التزامه بتنفيذ البرامج، وبخاصة المتعلقة منها بالتعليم او بالتدريب”.
في العام الماضي ارتكب أحداث 1707 جنايات، بينها 667 جناية و1038 قضايا جنحوية، وشكلت جريمة الإيذاء البليغ، أعلى نسبة في جرائم الجنايات والجنح إذ بلغت 60.44 %، تلتها جرائم الشروع في القتل بنسبة 26.68 %.
المحامية إلهام أبو لبدة، وتتوكل قضايا أحداث، بينت أن المشكلة في التكرار والعودة التي يمر بها أحداث يخرجون ويعودون لمراكز الأحداث، هي برامج الرعاية اللاحقة التي لا يجوز أن تشمل الحدث بل أيضاً أسرته، فالأسرة، الركيزة الأولى التي يجري التقييم عبرها لسلوك الحدث الذي يرتكب جنحة أو جريمة.
والمشكلة؛ كما تضيف أبو لبدة، حتى لو كانت برامج الرعاية اللاحقة فعالة، لكن أسرة الحدث وسلوكها لم يتغيرا، ما يعيد الحدث المتخرج من المركز للمربع الأول، اذ تشجعه بيئته الأسرية غير السوية على العودة للأفعال المخالفة، مضيفة “أعرف أمهات يداومن في المحاكم، لأن جميع أبنائهن أحداث موقوفون”، تتساءل أبو لبدة: هل برامج الرعاية اللاحقة كافية؟ لا أعتقد ذلك!
وهناك خطورة أخرى نوهت إليها في هذا الجانب، إذ غالباً ما يتوقف الحدث في أول مرة على جنحة بسيطة، وعندما يخرج من مركز الأحداث، وتكون بيئته غير مستعدة لاحتضان برامج الرعاية اللاحقة التي خضع إليها، يعود ويكرر الجنحة، لكن بشكل أوسع، بحيث يتطور عنده الحس الجرمي.
مثل هذه القصص، واجهتها أبو لبدة في محاكم الأحداث، بخاصة لمن توقفوا في أول مرة على جرائم صغيرة كالسرقة، وعندما عادوا لمراكز الأحداث، عادوا بقضايا أكبر، كتعاطي المخدرات وارتكاب جرائم جنسية.
“الأصل أن نجنب الأحداث الذين هم في نهاية المطاف أطفال من الوصول للمحاكم”، وتدعو لتفعيل الوساطة في قضايا الأحداث، بحيث تنتهي المشكلة قبل وصول الحدث للمحكمة، وتوسيع العقوبات غير السالبة للحرية، والتي هي محددة في القانون حتى يتجنب الحدث الاحتكاك بمن لديهم خبرة جرمية في مراكز الأحداث”.
ومن العقوبات غير السالبة للحرية وفق المادة (24) من قانون الأحداث: تسليم الحدث لأحد أبويه أو إلى من له الولاية أو الوصاية عليه، وإذا لم يتوافر أحدهم، فلمن له ولاية أو وصاية وصلاحية بالقيام بتربيته، أو يسلم لمن يكون أهلاً لذلك من أفراد أسرته، فإن لم يتوافر ذلك، يسلم إلى شخص مؤتمن يتعهد بتربيته، أو لأسرة موثوق بها، يتعهد عائلها بذلك بعد موافقتهم، ويكون الحكم بتسليمه لغير الملزم بالإنفاق عليه لمدة لا تزيد على سنة.
وكذلك الإلزام بالخدمة للمنفعة العامة في مرفق نفع عام، أو في مؤسسة مجتمع مدني تطوعيا لمدة لا تزيد على سنة، أو بإلحاقه في التدريب المهني بمركز مختص، يعتمده الوزير لذلك لمدة لا تزيد على سنة، أو القيام بواجبات معينة، أو الامتناع عن القيام بعمل معين بما لا يزيد على سنة، أو بإلحاقه في برامج تأهيلية تنظمها الوزارة، أو في أي من مؤسسات المجتمع المدني، أو في أي جهة أخرى يعتمدها الوزير.
وكذلك الإشراف القضائي، ويكون بوضع الحدث في بيئته الطبيعة تحت التوجيه والإشراف، مع مراعاة ما تحدده المحكمة من واجبات، ولا يجوز أن تزيد مدة الإشراف على سنة.
في تقريره السنوي الأخير حول حالة حقوق الإنسان في الأردن للمركز الوطني لحقوق الإنسان، دعا للالتزام بنهج العدالة الإصلاحية في قضايا الأحداث، والابتعاد عن العقوبات التقليدية السالبة للحرية، لما تسببه من أضرار في الصحة النفسية للحدث، وتؤدي إلى تبعات اجتماعية كانتقال العدوى الجرمية.
وتشمل الرعاية اللاحقة، وفق الأخصائي في مواجهة العنف الدكتور هاني الجهشان، مجموعات مختلفة من الخدمات، كالسكن الانتقالي، والتدريب على العمل، والعودة الى المدرسة، والتوجيه، وتوفير الارشاد في الأزمات والمواقف الصعبة، والمراقبة السلوكية، وبرامج الوقاية من تعاطي المخدرات والكحول، وتوفير الارشاد لتجنب السلوكيات السلبية والانحراف والانخراط بالجنوح.
وتهدف هذه الخدمات، لتسهيل إعادة الاندماج في المجتمع، مع توفير قدر من المراقبة والسيطرة حسب طبيعة الجريمة التي ارتكبها الحدث، ومنع التكرار، وبناء جسور تعاون مع أسرة الحدث والمدارس والفاعلين الاجتماعيين في المجتمع المحلي.
وبحسب الرئيسة السابقة لديوان الرأي والتشريع القاضي فداء الحمود، فالأردن ومنذ العام 2014، انتهج نهج العقوبات البديلة للأحداث، لأن العدوى الجرمية عند الأطفال أكبر مما هي عليه عند الكبار، وهو ما ترجم في المادة (24) من قانون الأحداث، والتي بدأ تطبيقها على أرض الواقع في العام 2018.
وأشارت الحمود الى أنه لا توجد أرقام حتى الآن حول إذ ما إذا أدت العقوبات البديلة للأحداث إلى الحدث بالعودة والتكرار، ما يحتاج لمراجعة شاملة تبحث في ذلك، مع البحث عن برامج الرعاية اللاحقة ومدى فعاليتها في عدم عودة الحدث لمراكز الأحداث.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :