-

كتابنا

تاريخ النشر - 23-08-2022 10:55 AM     عدد المشاهدات 218    | عدد التعليقات 0

العودة إلى الأرض

الهاشمية نيوز -
عامر طهبوب


إذا تمكن القطاع الزراعي من توفير 8819 فرصة عمل، وتدريب 1250 من خلال استثمار القطاع الخاص في المشاريع المنجزة، بموجب الخطة الوطنية للزراعة المستدامة خلال النصف الأول من العام الحالي، والتي بدأت هذا العام، وحتى عام 2025، فلماذا لا تبادر الحكومة في زيادة الاستثمار في هذا المجال، لتوفير فرص عمل إلى آلاف العاطلين أو المتعطلين عن العمل.
وطالما أن المشاريع تتم على أرض الدولة، فلماذا لا يجري التوسع في المشاريع، وفي الإقراض، ليشمل عدداً أكبر من المقترضين، بل لماذا لا تستثمر الدولة في أراض مملوكة لها بإقامة مشاريع زراعية نوعية ضخمة، تستخدم فيها أعلى ما توصلت إليه التكنولوجيا من أساليب لزيادة الدخل الوطني، والعمل على تقليص نسب البطالة المتفشية بين فئة الشباب.
متابعة جلالة الملك، وحثه على تسريع تنفيذ محاور الخطة، دلالة على إيمان القيادة بالفكرة وجدواها الاقتصادية والتنموية، خطة تمنح أملاً. العودة إلى الأرض كفكرة، تبعث في النفس الأمل، والاستثمار في الأرض، خير استثمار، الزراعة عانت عبر العقود الماضية من ظلم وإهمال، والأراضي الزراعية بعامة، شهدت تعديات صارخة، ولا أظنها توقفت حتى الآن.
مساحة الأراضي المزروعة ما زالت متواضعة بالنسبة إلى المساحات التي يمكن استغلالها في الزراعة، ولا أتحدث عن مشاريع زراعة حرجية، وإنما عن تلك التي يمكن أن تدر لبناً وعسلاً على أبناء الأرض، ليس فقط في حوضي الحماد والسرحان، ولكن في مناطق مختلفة ومتعددة في المملكة.
فكرة إقامة المجمعات الزراعية، خطوة في اتجاه صحيح، يجب التوسع فيها، والتسريع بإقامة المزيد منها، وكذلك فكرة إنشاء بنك للبذور، وتطوير أساليب التعبئة والشحن، وتطوير حاضنة ابتكار زراعي، وما يحدث في الشمال يمكن أن يُسارَع إلى إقامته في الجنوب، فلو تواجد مشروع ضخم مماثل في مناطق الجنوب، فإنه بلا شك سيستوعب أولئك العاطلين عن العمل الذين يفترشون الأرض عند محافظة الطفيلة، باحثين عن فرص عمل، والحقيقة أنهم يبحثون عن وظيفة، وتلك هي المشكلة التي على الأردن العمل على تغييرها، ولا يمكن تغييرها إلا بالوعي والحوار والتشارك في الفهم، وفي القرار، بين الحكومة وأبناء الوطن من الشباب.
الدولة لم تعد قادرة على توظيف هذه الأعداد المهولة من الخريجين، وهم يزيدون عن حاجة القطاع العام، لا أقول عن حاجة السوق، ولذلك فإن شكل العلاقة بين الحكومة والمواطن يجب تغييره، على أن لا تكون الدولة ملزمة بتوظيف كل خريج، بل ملزمة من نوع جديد؛ توفير فرص أكبر للعمل، وقد راقت لي مقالة كتبها ابن عمي اليرموكي العتيد الدكتور كريم طهبوب، على صفحته في «فيسبوك» قبل فترة، قال فيها إن الجامعات العالمية المرموقة، لا تعمل على سد احتياجات سوق العمل، بل لإحداث تغيير في كل مجال يمكن تخيله، وأن خريجي هذه الجامعات، لا ينتظرون فرص العمل، بل يخلقونها لهم ولغيرهم، وليس بالضرورة في مجال تخصصهم فحسب، وإنما في مجالات مبتكرة قد تكون بعيدة عن ما تعلموه.
الشاهد في القول، أن التعليم العالي لم يأت من أجل التوظيف، ولا من أجل مواءمة احتياجات سوق العمل، ولا توافق المخرجات مع الاحتياجات، بل كسبيل للتنمية الاقتصادية، ولم يكن الهدف من التعليم يوماً إلا وسيلة لاكتساب المعرفة وتهذيب العلاقات الاجتماعية، وتعزيز الفكر النقدي، وتنمية القدرة على الإبداع، ويعزز احترام الإنسان لذاته، وقدرته على الاختيار واتخاذ القرار.
وقد يبدو هذا الكلام في جانب من جوانبه نظريا، أو تنظيريا، لأن من حق الإنسان أن يرتزق، وأن يرتزق في وطنه، وأن يجد في أرض وطنه قوة جاذبة، لا طاردة، ولكن ذلك ليس مستحيلاً في بلد كالأردن، إذا استطاعت الحكومات الحالية والقادمة، الخروج من عنق وصف المشكلات ورصدها، وتحليلها والتخطيط لإيجاد حلول لها، إلى تولي تنفيذ الحلول ضمن خطط ناجحة، وأظن أن حكومة الدكتور بشر الخصاونة تشهد بدايات هذا التوجه، وأول درجات التغيير في التعاطي مع الأزمات والمعضلات، فإذا ما نجحت، لا تتوقف، بل تبني عليها، وتسرع من عجلة الإنجاز، والأرض أفضل الحلول المتوفرة لتحقيق إنتاج يدر الخير، ويحقق التكامل، ويستنهض الهمم، ويخلق الفرص، ويستوعب الأبناء في مشاريع قد تدر عليهم دخلاً أكثر مما توفره الوظيفة الحكومية، وتنمي لديهم الابتكار، والقدرة على خلق الفرص، لهم، ولغيرهم.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :