تاريخ النشر - 27-12-2021 09:50 AM عدد المشاهدات 189 | عدد التعليقات 0
قَبْضُ رِيحٍ

الهاشمية - سعيد يعقوب
قَدْ خَانَكَ الأَقْرَبَانِ السَّمْعُ وَالبَصَرُ *** فَكَيْفَ تَأْسَى عَلَى مَا يَفْعَلُ البَشَرُ
وَكَانَ أَوْلَى بِمَنْ صَاحَبْتَ مِنْ صِغَرٍ *** أَلَّا يَخُونَ وَيُرْعَى حَقُّهُ الصِّغَرُ
فَهَلْ تُعَاتِبُ مَنْ صَاحَبْتَ فِيْ كِبَرٍ *** أَوْهَى حِبَالِكَ مَا يَرْمِيْ لَكَ الكِبَرُ
هِيَ النِّهَايَةُ قَدْ لَاحَتْ مَلَامِحُهَا *** فَلَا تُمَارِ وَجَاءَتْ قَبْلَهَا النُّذُرُ
وَابْيَضَّ مَا اسْوَدَّ فَوْقَ الرَّأْسِ مِنْ شَعَرٍ *** وَمَا اتَّعَظْتَ بِمَا قَدْ أَوْعَظَ الشَّعَرُ
وَسَافَرَ الصَّحْبُ لِلْأَجْدَاثِ مِنْ زَمَنٍ *** وَلَيْسَ يُرْجِعُ مَنْ قَدْ سَافَرَ السَّفَرُ
مَضَوْا وَمَا تَرَكُوا غَيْرَ المُصَابِ بِهِمْ *** وَجَمْرَةً تَتَلَظَّى كُلَّمَا ذُكِرُوا
فِيْ كُلِّ يَوْمٍ لَنَا خِلٌّ نُفَارِقُهُ *** وَنَحْنُ يَسْعَى بِنَا مِنْ خَلْفِهِ الأَثَرُ
لَوْ كُنْتَ تُصْغِيْ لِمَا قَدْ قَالَتِ الحُفَرُ *** كُنْتَ اتَّعَظْتَ بِمَا قَدْ قَالَتِ الحُفَرُ
كَأَنَّ سَمْعَكَ قَدْ أَوْدَى بِهِ صَمَمٌ *** أَوْ أَنَّ قَلْبَكَ فِيْ إِحْسَاسِهِ حَجَرُ
وَكَمْ أَتَتْكَ مِنَ الأَيَّامِ مَوْعِظَةٌ *** وَلَا أَرَاكَ بِهَا تَصْحُو وَتَعْتَبِرُ
وَكَمْ يَزِيدُ بِدُنْيَانَا تَمَسُّكُنَا *** وَكَمْ نُرْجِّيْ مِنَ الدُّنْيَا وَنَنْتَظِرُ
وَنَحْنُ نَزْرَعُ فِيْ جُهْدٍ وَفِيْ دَأَبٍ *** وَإِنَّمَا لِسِوَانَا يُقْطَفُ الثَّمَرُ
كَمْ آمِلٍ وَرُؤَى الآمَالِ تَخْدَعُهُ *** وَمِنْهُ يَسْخَرُ فِيْ مَا أَمَّلَ القَدَرُ
وَإِنَّمَا عُمُرُ الإِنْسَانِ ثَرْوَتُهُ *** وَسَوْفَ يُفْلِسُ يَوْمًا إِنْ مَضَى العُمُرُ
وَلَيْسَ يَنْفَعُهُ جَاهٌ وَلَا ذَهَبٌ *** وَهَلْ هُمَا نَفِعَا فِيْ القَبْرِ مَنْ قُبِرُوا
وَهَبْكَ نِلْتَ مِنَ الأَمْجَادِ مَرْتَبَةً *** فَوْقَ التِيْ نَالَتِ الجَوْزَاءُ وَالقَمَرُ
فَمَا تُفِيدُكَ إِنْ سَهْمُ الحِمَامِ رَمَى *** وَشُدَّ نَحْوَك مِمَّنْ رَاشَهُ الوَتَرُ
فَكُلُّهَا قَبْضُ رِيحٍ لَا وُجُودَ لَهُ *** كَمْ مِنْ سَرَابِ الفَيَافِيْ يُخْدَعُ البَصَرُ
فَلَيْسَ يُجْدِيكَ غَيْرُ الخَيْرِ تَفْعَلُهُ *** إِنَّ الذُّنُوبَ بِهِ تُمْحَى وَتُغْتَفَرُ