الوعظ

الهاشمية نيوز -
كامل الشريف

تحدث واعظنا عن إتقان العبادة، وإخلاص النية في الصدقات، وربما أسرف في الدقائق والتفاصيل.

في غمرة الحماس نسى أن الإسراف في «الحنبلة» ووضع المقاييس الحادة قد يؤدي للعكس.

وفعلاً، أحد الأصدقاء تبرم بهذا الأسلوب، لكن المبالغة دفعته -هو الآخر- نحو السفح الثاني من الجبل.

قال -فيما قال- نحن في زمن تقلص فيه الخبر واتسع الشر، ولم يعد هناك مجال للحنبلة واشتراط الدقة.

وقال صديقنا يكفي أنني أصلي وأصوم، وأدفع زكاتي، وأبتعد عن المحرمات، بينما غيري لا يفعل خيراً، ولا يستنكف عن شر.

والأمر كما قال البوصيري في بردته:

ولم أصل سوى فرض ولم أصم! فيما تزودت عند الموت نافلة

قلت لصديقي لقد فتحت لنفسك باباً آخر للشيطان، وأشعلت ناراً يمكن أن تأكد كل حسناتك.

كثيراً ما ينتصر الشر من خلال الخير، على حد تعبير القديس سانت بول في رسالته لأهل روميه «لا تكونوا حكماء عند أنفسكم».

والقرآن الكريم يعالج هذه الحالات: « قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ».

لا تقل أنا خير من فلان أو فلان، ولا تقارن عملك بعمل الآخرين.

ولكن أفعل الواجب في حدود الطاقة، وأترك الأحكام لله.

بورسعيد، فبراير 1986