-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 24-10-2021 09:17 AM     عدد المشاهدات 285    | عدد التعليقات 0

جدارية الكرك الإنسان والمكان .. والكتابة على صلصال الجسد

الهاشمية نيوز - ربما لأن المدينة تسير في دمي، مع كل خطوة وشهيق، لم أُهيئ لها رسماً يليق بمقامها البهي كما ينبغي، إذ كيف يجرؤ عاشق على الاقتراب من أرواح جميلة تنام وتصحو في مركز القلب، وتبث نبضها الدافئ إلى جسد يزدحم بأحمال عاشق يتمدد في ورد القرى، ويتغطى بأقحوان التلال شغفاً ولا يصيبه بَرد!

هل يجرؤ..أو ينسى عطره العتيق، المسفوح على مساحة الذاكرة والجسد!

ثم تجرأت..

كتبت لـ»كركا» مهجة القلب وخيمة النجاة، قصيدة من طين وصلصال وأزرق، لأنها فجر القصيدة في حكمة الكبار، وقمر الكلمات في أحاديث السهر، نقش حناءٍ على كتف الاحتفال حين تمر الذكريات على من خبرت سواعدهم موائد التعب القديم، وانتظار مواسم القمر، وكنس الألم مع أول المطر، و»الهجيني» يلهب الحواكير والتلال ومنابع السهر، كأنه معول وعصا في حقيبة الأمل!

يا للتعاليل العتيقة كم نسجت حكاية وموعد وخَطَت دروبا للساهرين!

وكما يليق بنجمة أن تضيء فوق سهوب مؤاب، وشمتُ بالقبلات جبينها، وأهلها وقلبي كي نمضي ونضيء أكثر في عشب الختام.

الأمكنة أرواح

كائنات تعيش بيننا، الحان تتراقص كالفَراش، شهيق وزفير في كل زاوية وسنبلة، ودرب، وبوابة وحقل وسياج من حجر، يحيط المدى فيستحيل إلى سراج ينير القلب والبصيرة والنظر.

في «شارع الخضر» ثمة ملحمة من الحكايات، خيل وصهيل، وقمح وأجراس وخرز يستدل على الجدات بوشوم من كَرَز، وأغنية تنداح على رأس طفل كي ينام، ثمة إشارة على تلال «الثنية» تدلنا على درب الرجولة وصهيل الفرسان المحوّطين بالتعب، في مدخل القلعة ثمة بكاء وأرواح تناكف ظلها، وأهازيج تعلو على عقارب الألم:

- والكرك يا ديرتي هي الأصل...

كيف لقرى الشمال أن لا تحشد فرسانها وهي التي ذاقت الألم ونفضت غبارها، وتفرش القصيد:

(يا سامي باشا مانطيع..) ثم أطاع لهيب الرجال

ألا تذكر الصهيل!

يا لهذه الدروب كم صقلتها الرماح ورائحة البارود والحَذَر

يا لهذا الليل كم قَصُر يوم انتبه الصباح!

يا لوجهك يا «عليا» كم كان ندياً كبابونج الصباح في حقول الشمال

كم كان وجهك يا «مشخص» شموساً في ليالي الظلام!

من قال أن مدينتي حجر، وطريق وجبل وبقايا ماء! من رآها من هناك فقد خذله المعنى، ولسعته الذاكرة كإبرة عابثة من غربة القصد! ونسي أن الحكاية نَقَشَت بهجة التلال في المدى، ورسمت عشب المنعطف في الطريق، وتألق «قمر الحصادين» في عباءات الحرير والزغاريد.

في كل شبر من «كركا» مدينة

وفي كل شهقة نهار جديد.

لكل باب حكاية

لكل درب ألف قصة ونَغَم، ولكل غروب فجر من ذكريات الراحلين، وللأيام أحلام ومطر وبكاء، وطبقاً من قصب .فراتاً وأُجاج.

ثم هيأتك لدرب مستحيل في التعب!

أنسيت...

لكم أنت تنسى بالغياب، وكل هذا وذاك حبر على ورق من دون عطرك، ريحك، صوتك، حتى ضجيجك يا ولدي طرب، لأنك مني، فأينك عني!

نار الأهل جنة ولا عطر الغريب.

الغربة ندبة في القلب، وجع لا يرحم في خاصرتي، وأنا أبحث عني فيك حين يجن الليل، فتجرحني حدوس العمر وأسأل أين فتاي، هل أنت حزين كالدفلى في واد مهجور!

ثم أناديك أنا «كركا» ألا تذكر بنت الندى والمدى والماضي التليد، لا أخونك يا فتى وفيك دمي ونبضك نبضي، وكل عرق فيّ يشتهيك، فتعال إلى مقلتيك التي تحب، إلى صدر الحقول في مؤاب، إلى الياسمين الخجول في صدور الحاصدات القصب بين التلال، ومراتب العشق البعيد في مآقي الشيوخ المعطرين بالعتب الخفيف .

تعال ايها المفارق لا لوماً عليك ولا عتب، قلب المُحب طبقاً من ذهب

تعال سأولم لك صدر النشيد، وبعض طيوبي وعطر المساء وذكرى الراحلين في دمي، ودم الشهيد في جلدي يكون النشيد، وإني لا أخونك يا وجعي وإن خان القريب!

أتخذل الحناجر وهج القصيد!

***

لـ»عين سارة» يطيب السهر

لمجد «الربة» يحتفل المطر

لكوكب «المزار»بهاءٌ في رداء الحصاد، وسوسنة تلم ُ جدائلها في خاصرة الجنوب، وعاشقات القرى يفرطن سنابل الذهب بأصابع تموز، وشجر الرجولة يترامى في السفوح.

***

أتذكُر ياولدي تاريخ الأيام... ميشع، والحمام الزاجل، وأعراس الأميرات، وشجرة الدر، وديك الجن، وابن القف الكركي، وابن قلاوون، والملك الناصر، والشهداء الذين عطروا التراب بالدم النقي كي تعلو هامة البلاد..

«لا تحزن فإن الدم حناء المدينة»

أنا المدينة وأم العيال، المملكة، الإمارة والأمير، حفاوة القدس والسلاطين، معشوقة الشمس، والحصن المنيع، منارة الشعراء، حقول الأقحوان، صدى الخليل، بروج الحمام وأسوار التضحيات

أنا «الكرك»

تعال يا ولدي عندي حنين

نعيد نشيد المدينة وألق السنين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :