المدرسة بين (عروسة) الزعتر و(اللانش بوكس)

الهاشمية نيوز - مع بداية ايلول في كل عام، تبدأ المدرسة، كنا صغارا ومع أنشودة «نحن إن أشرق صبح نهجر النوم ونصحو» ، فعلاً نهجر النوم لنذهب للمدرسة نحمل حقيبة الكتب و»مطرة» بلاستيكية نعبئها بالماء ومحرمة قماشية كروهات مكوية وسندويشات «عروسة « زيت وزعتر قد يطبع زيتها على الدفاتر أو عروسة تطلي ولبنة مدحبرة، وقتها لم نكن نعرف «اللانش بوكس»، بل كنا نسمع بكلمة «صفرطاس» ولم نسمع قبل عن وجبات لطلاب المدارس قبل الافتتاح ولا «دوشة» إعلامية ولا تعب نفسي.

كانت الأمور سهلة تمتلك فرح بداية العام الدراسي، فصباح يوم بداية المدرسة صباح جميل مع فيروز «وطيري يا طيارة طيري» و»رجعلي كتبي ومدرستي والحب إلي كان» فصوت فيروز يختزل طفولةً نفتقدها كلّما غافلتنا السنين بالتقدّم. من منّا لم يرتبط أيام المدرسة بصوتها الصباحي وانت ذاهب للمدرسة من الإذاعة الأردنية، من منّا لم يختلط صوت فيروز في ذاكرته برائحة سندويشة الزعتر وكوب الشاي قبل الذهاب إلى المدرسة صباحاً، كيف يمكن أن نبدأ يوماً جديداً في هذا العالم البائس من دون تلك الجرعة الصباحية الكفيلة بدفعنا عنوةً في «طريق النحل».. في طريق الحياة.

و»كتبنا وما كتبنا» و»البنت الشلبية» و»ريما الحندقة» فصوت فيروز يعطي مؤشّراً إلى أنّ بعض الحياة مازالت تنبض في قلب هذا العالم المجنون المليء بالسواد والوباء والموت المجّاني، إن تغنّي السيّدة فيروز يعني أن تنتشلنا من سوق الابتذال السمعي والفظائع التي تُرتكب يوميّاً بحقّ آذاننا بحجّة «رِتم» الزمن الحالي اللاهث وراء اللاشيء.

وراء عدم البساطة بكل شيء وراء المدرسة والتي لا تكلف إلا القليل على الأهل، كانت المدرسة تبدأ بسهولة وتنتهي بسهولة لا تعقيدات ولا محللين نفسيين ولا اعلام يعقد الأمور ولا وجبات ننتظرها من مطبخ وطبخة تلفزيونية تثقل جيب المواطن، بل عروسة زعتر أو تطلي أو حتى سمنة بلدية مرشوش عليها قليل من السكر بخبزة بيتية من طحين قمح حوراني ونهوض صباحي يحمل نشاطا تغذيه فيروز بصوتها الصبوحي «أردن أرض العزم أغنية الضبا» وبكلمات من سعيد عقل «أنا صوتي منك يا بردى»، و»بحبك يا لبنان يا وطني بحبك» وشط اسكندرية» و»البنت دي قامت تعجن بالفجرية» هكذا كانت طفولة مدرسة عروسة لبنة وزيت وزعتر ومطرة وراديو كبير تشدو من خلاله فيروز.