-

كتابنا

تاريخ النشر - 26-01-2021 11:16 AM     عدد المشاهدات 336    | عدد التعليقات 0

مدن البهجة

الهاشمية نيوز - ماجد شاهين

في الشوارع، مكتنزات وموروثات وصور وأوراق ذاكرة، تنفع دائما للتأمّل وللكتابة وللروي وللقول وللمشاهدة وللبحث وللبهجة وللحزن حين يكون لازما أو يكون أمرا لا مفرّ منه إلا إليه!

الحزن ملاذ وضرورة؟

ربّما، ولكن لنهرب منه الآن إلى ما يمكن أن نجده ونراه ونتحرك معه ونسترجعه ونكتبه في الشوارع، الشوارع التي بوصفها دروب استرجاع ودروب آلام ودروب استنارة لمن يريد ذلك وفي الشوارع يمكن أن تُصنَع «الفكاهة الطازجة» أو الضحكة المرتجاة!

يمكنك أن تستعيد ما فاتك هنا وهناك وترى، في مأدبا وعلى سبيل الحبّ، من زمن ستينيات القرن الفارط وسبعينيّاته: السمكريّ الذي كانت غاية غاياته أن يجمع ويطعم العدد الأكبر من القطط وربما كان اسمه اسماعيل، منذ زمن سحيق.

ويمكنك أن ترى وجه أبي حاتم في وسط المدينة القادم من عمّان إلى دكانة البسكليتات التي أسّسها ويعمل فيها ثم قبيل المغرب يغلق الدكانة ويلتحق بآخر باص يسافر إلى العاصمة.

ويمكنك أن تتذوّق «الماء المصبوغ/ المُثَلّج/ الملوّن المحلّى» وكانوا يسمّونه «برّادا» ويصنعه ويبيعه أبو نزار وكان كذلك من الذين يسعون إلى طلب الرزق ويسافر بين العاصمة ومادبا وكانت أغلب وقفاته في مربعة «الحبش» أو طلعة السلايطة أو آخر نزول العجّة.

كلها أسماء لمكان يفيض حبّا وبهجة في قلب المدينة ويشكل جزءا من نبضها الذي يضخّه مسجد الحسين (مسجد السوق الكبير العتيق) وكنيستا اللاتين والروم القريبتين.

ويمكنك أن ترى وبوضوح «الإسكافيّ الختيار» أبا ميزر في سوق الذهب أو المعلم الإسكافي أبا ميشيل الأرمنيّ في مربعة السوق جوار أبي بكر أصلان.

ويمكنك أن ترى استدارة وجه وجسد الحلاّق أحمد العباسيّ، في وسط السوق، القادم هو الآخر من العاصمة.

ويمكنك أن تسترجع وترى باعة ومهنيين وعابرين وعناوين عديدة تنفع للكتابة وللتأريخ غير ما نحاول أن نعصره ونتحايل عليه أحيانا.

في المدن العتيقة ثمّة ما لا ينقطع من الذكريات ومن الصور ومن ألوان البهجة والدهشة والشبابيك المفتوحة على اتجاهات القلب.

المدن الجميلة جاذبة ولا تطرد عاشقيها.

وفي المدينة ما يكفي من الوجوه العتيقة التي صنعت الذاكرة ولا تزال تنقش حروفها.

للمدن أصواتها وحارسوها وباعتها ومغنّوها وصانعو أوقاتها.

وللمدن عاشقوها، فابحثوا عنهم وخذوا البهجة من عيونهم وذاكراتهم وهناك تصعد الحكايات المحلّقة.

وللقرى والمطارح كلّها: تراب ناصع وحبّ وأباريق حياة وورد كثير.

في المدن حبّ يكفي للكتابة ستين ألف سنة.




وسوم: #مدن


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :