-

كتابنا

تاريخ النشر - 03-11-2020 11:05 AM     عدد المشاهدات 613    | عدد التعليقات 0

التعليم بين الكمي والنوعي

الهاشمية نيوز -
د. أميرة يوسف مصطفى

يشكل التعليم ركنا أساسيا في بناء المجتمعات ونموها ونهضتها، لما له من قوة تأثير ودور فعال في تشكيل مستقبل الأمة، فهو القادر على التغيير والتجديد في المنظومات، والقادر على تحقيق الرؤى والطموحات؛ كونه محور التنمية - الذي تدور في فلكه كافة قطاعات الدولة – التي تنمو وتزدهر بالجودة النوعية لا بالكم المفرغ، وهو المسؤول عن تطوير وتقدم المجتمعات لتأثيره على إنماء رأس المال البشري النوعي والكمي في آن معا، ولقدرته التمكينية من المعارف والمهارات والاتجاهات اللازمة لإعداد أجيال فاعلة قادرة على التغيير، والإنتاج، والقيادة، وحل المشكلات واتخاذ القرارات اللازمة بخطى مسؤولة ورؤى واضحة.

ويتحقق ذلك بتوفير فرص حقيقية للتعلم الديناميكي الحيوي الذي ينمي القدرات الذهنية والكفايات المكتسبة بالممارسة التعلمية والتواصل التعليمي الواقعي في المدارس وفي الغرف الصفية، لتكوين المدخل البشري الرئيسي لكافة قطاعات المجتمع؛ وهو الطالب الذي يشكل محور المستقبل وعماد الدخل القومي والطاقة اللازمة لدفع مسيرة التنمية، وإحداث التغيير برفد سوق العمل بنخب متقنة، فطالب اليوم هو قائد وموظف ومهندس وطبيب وقاض ومحامي وعامل و... في الغد، وترتبط جودة التعليم ارتباطا وثيقا بقدرة التعليم المدرسي المدمج الذي يمازج ما بين التعلم الوجاهي والرقمي لتكوين بنية الأفراد الشمولية وفق إجراءات معاصرة اجتماعية وسياسية وفكرية واضحة ومعلنة للجميع، يرضى عنها أو يتفق عليها المجتمع بفئاته ومؤسساته المختلفة، إذ يجب أن يجتمع عدد من راسمي السياسات التربوية والقادة التربويين من المستويات المتوسطة والتنفيذية والمعلمين وأولياء الأمور ونخبة من الطلاب لوضع خطة استدراكية ناجعة تعوض ما فقد من التعلم وتحافظ على نوع التعلم ومستواه، وتستدرك ما أضاعته كورونا منذ آذار الماضي، بعيدا عن تجميع أكبر كم من الطلاب والمعلمين على منصة أو محرك يقدم الكفاف من التعلم.

فالتعليم المدرسي الواقعي هو الوسيلة الرئيسية التي يلجأ إليها لحماية المجتمع من أية ويلات ينذر بها استشراف المستقبل، لذا يجب حماية كيان مجتمعات التعلم في حين تعرض المجتمع لتحديات خطيرة وأزمات مستعصية أحدثت تغيرا كميا أو نوعيا، وفرضت متطلبات تفوق إمكانيات المجتمع، ويجب مواجهتها باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية استمرارية التعليم الجيد.

ويمر العالم أجمع بحالة من التغير الذي يمس جميع مجتمعاته غنيا وفقيرا، متقدما أو ناميا... ومع هذا يجب العمل للحفاظ على الحيوية التعليمية الفاعلة، رغم ما اجترته كورونا وتبعاتها، وما فرضته على المجتمع التعليمي من تغيرات تنعكس على المجتمع وأفراده، فدور المدرسة لا يقتصر على عملية التعليم ونقل المعرفة، بل يهدف إلى تربية شاملة لشخصية المتعلم، وتشجيع روح الإبداع والمبادرة، الذين مفادهما تقدم المجتمعات الإنسانية.

ويشير الواقع إلى قصور السياسات التربوية المتبعة في التعليم في ظل كورونا إذ لا تؤهل المجتمع ليكون مجتمعا معرفيا، فالتربية والتعليم عاجزة إلى حد ما عن دعم وتوفير المعرفة والثقافة للجميع على حد سواء، وهي لا ترقى إلى المستوى المطلوب بسبب ضعف كفايات التعليم والتمويل وضعف التخطيط في المؤسسات التربوية.

وكل ما يقدم بشكل عام هو تجميع الطلاب الكمي واستيعاب أكبر عدد من التلاميذ في مجتمعات التعلم الافتراضية عن بعد على حساب التعلم النوعي الذي انخفض مستواه كثيرا وبدأ بالتردي. فطغى الكم على النوع، وأصبح التعلم في تراجع واضح وجلي.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :