-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 01-09-2020 09:14 AM     عدد المشاهدات 353    | عدد التعليقات 0

قُرع الجرسُ

الهاشمية نيوز -
رمزي الغزوي

قد تنسى صوت فيروز العابق في صحن كافيتريا الجامعة، أو تنسى صخب فناجين القهوة المشرعة لقراءة البخت بأصابع الزملاء والزميلات. أو تنسى غرقك بين رفوف المكتبة، تصارع ما تيسر من فلول لمعادلات مجنونة، وأشعار وروايات وقصص، لكنك لن تقدر أن تنسى أيها الطفل الكبير يومك الأول في المدرسة.
فأهلا بالمدارس. أهلا بجرس يوقظ الحياة من سباتها، ويعطر الصباحات، ويبلل الشوارع بضحكات الصغار وأبواق الباصات. فكيف تنسى رائحة كتبك التي لن تشابهها رائحة أبداً؟ وهل تنسى حقيبتك على ظهرك تتمايل فيها كمحارب تعبان، لكنك ستستقيم كفارس حيت تقترب من سياج البيت، وتنادي أمك بصوت عال؛ كي تعرف بنت الجيران، أنك عدت وقد صرت طالباً مدرسة، وليس مثلها ما زالت قطةً صغيرة تعشعش في دفء الأحضان.
قد تنسى قبح التوجيهي ووجعه الكريه، وليالي السهر الناعسة على سطح الدار، وقد تغيب عن جعبة الذهن توبيخات أبيك الحامية؛ كي تستقيم، لكنك لن تنسى ما حييت جوقة التصفيق الطويلة، إذ أمرت المعلمة الأولاد المتحمسين أن يصفقوا لك، بعد أن كتبت اسمك بخط كبير على السبورة، كما كنت تعلمت الخربشة بالفحم على حيطان الجيران.
لن تجرؤ أن تنسى صورتك في الطابور بعد الجرس الأول، وأنت تتأكد كل حين من انتظام شاليشك الجميل اللامع (مفرق الشعر)، فتأمرك المعلمة أن تقف مستقيما كحرف الألف، في هذا الخط المبعوج كبطن الصاد، فلا يعجبك كلامها؛ فتنال فركة أذن عابرة.
قد تنسى اليوم الأول في العمل أو في الكتابة، ولن يغيب من بالك بكاؤك المفتعل، حين تركت أمك يدك؛ فبكيت أو تباكيت ولم تسكت، إلا حين ضاعفت لك المصروف؟. وهل تنسى ضحك الأولاد الذي يشبه قوقأة الدجاج، إذ الولد السمين يبول في بنطاله، عندما خوفته المعلمة من غرفة الفئران؟.
وقد تنسى لون حذائك الذي اشتريته قبل يومين، لكنك لن تنسى كيف نمت بحذائك الضيق الجديد؛ كي يطلع نهار المدرسة باكراً كصباح العيد. فلو أنك تحيا عمرين اثنين معاً، لن تنسى يومك الأول.
كل أمنيات الفرح والهناء لأطفالنا الذين يماشون أحلامهم البكر في يومهم هذا. المدرسة حياة.




وسوم: #قُرع


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :