-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 15-06-2020 10:21 AM     عدد المشاهدات 326    | عدد التعليقات 0

كورونا الأردن .. تغيرات اجتماعية إجبارية .. لكنها (إيجابية)

الهاشمية نيوز - نمط حياة جديد بل حياة جديدة فرضتها جائحة كورونا التي لم تستثن دولة او جنسا بشريا عن غيره، فكان التأثير شاملا عاما طال مناحي الحياة بلا استثناء .

حياتنا قبل كورونا .. اصبحت تفصلنا عنها مسافات زمنية قد تخضع لترقيم شهري فنقول انها كانت اشهر ثلاث ..ولكن حياتنا بعد كورونا لم ولن تخضع لسلسة رقمية تنطوي تحتها فترة نعود فيها الى لقاء وسلام وقبلة اشتياق .. كالذي اعتدناه سابقا.

طاولة بحث وضعنا عليها مصطلحات بخط عريض:

حجر

حظر

تباعد اجتماعي

كمامات

قفازات

عزل احياء ..

ترى هل لنا ان نذهب الى تأثير هذه الكلمات على نفسية الناس، وعلى حياتهم وقرارتهم فيما يسمى بعد تخفيف الحظر والسماح بفتح قطاعات حيوية وعودة الحياة نوعا ما، بالدمج المجتمعي ما بعد كورونا .

ترى هل هو الفتور ام الحذر، العنوان الابرز لتعامل الناس اليوم؟.

علي الشطرات- مدير دائرة التّدقيق والتّصحيح اللّغوي السّابق في جريدة الدّستور قال : منذ بداية إعلان الجهات الرّسميّة وجود فايروس كورونا في الأردن، ازداد اهتمام النّاس المعرفيّ بماهية ذاك الفايروس، وأصبحوا يسألون بعضهم عن طبيعته وأعراضه وآثاره ونتائجه على مَن تنتقل إليه عدواه، لا سيّما أنّهم كانوا يقرؤون ويشاهدون ويسمعون عن تفشّيه بداية في دول بعيدة عنّا آلاف الأميال، ثمّ تحوّل (كورونا) محليّاً، إلى مسمّى «وباء»؛ فازداد قلق النّاس وتخوّفهم وحرصهم.

ذاك الاهتمام، صنع إيجابيّة اجتماعيّة، وشيئاً من التندُّر وروح النّكتة بين النّاس، مواطنين ووافدين وضيوفاً. عندما بدأت الحكومة تطبيق إجراءات الحجْر المنزليّ علينا جميعاً، وحظر التَّجوال الشّامل، ابتداء من صباح السّبت الحادي والعشرين من آذار، ظهرت إيجابيّات كثيرة في الفترة تلك، تمثّلت في التّكافُل والتّعاضُد والتّعاون بين الجيران في البناية الواحدة، وبينهم وبين جيرانهم في البنايات المجاورة، من حيث سؤال الجار لجاره عن شيء يحتاجه، بخصوص غذاء أسرته، وحتّى حاجته لوقود لمدفأته، أو لنقود تُؤخذ دَيناً لحين ميسرة، وأُشير إلى ذلك، لأنّني أعيش في وسط ريفيّ، تعوّد أُناسه على السّؤال عن بعضهم والتّزاور واللقاء شبه اليوميّ.

بقي الحال جيّداً جدّاً، لكنْ ما لبث أنْ أصابه بعض الفتور، لأسباب عدّة خارجة عن إرادة الفرد والجماعة، منها صعوبة وصول المواطن لمتجر للتّزوُّد بضروريّاته، أو انتظاره في طوابير طويلة للحصول على بضعة أرغفة، ومنها أيضاً ضيق ذات يد كثيرين، بسبب إغلاق مصادر رزقهم اليوميّة والشّهريّة، وعدم تسلّمهم رواتبهم، ومنها الخوف مقروناً باليأس لدى البعض (حالة نفسيّة فرضت نفسها فرضاً عليهم)، لم يعتادوا -أي النّاس- مثلها قسوة طوال سنين حياتهم، ومنها كذلك طول ساعات حظر التَّجوال، الذي تنوّع بين شامل وجزئي، الذي لربّما، أوجد مساحة تنافُر بين أهل البيت الواحد.

آثار وباء كورونا، ليست صحّيّة فقط، إنما اجتماعيّة، زادت التّباعُد بين النّاس، وأُسمّيها ها هُنا «قطيعة إجباريّة»، وكذلك اقتصاديّة الأثر، لأنّها لأسباب، أخذ بها النّاس، فضحّوا في مصادر أرزاقهم، في سبيل كسب صحّتهم، وكذلك نفسيّة، كانت لها آثارها السّلبيّة، بخاصّة عمّن هم في سنّ الطّفولة وبداية الشّباب وطلبة المدارس، الذين وجدوا أنفسهم فجأة داخل حدود بيوتهم، بعيداً عن الشّارع والمدرسة اللذين اعتادوا عليهما.

الآن - نفسيّاً واجتماعيّاً- بات من الضّروريّ، انخراط متخصّصي عِلميّ النّفس والاجتماع وأكاديمييهما، وأولياء الأمور كذلك، والصّحافة والإعلام أيضاً، وكلّ مَن يمتلك الحكمة، لأداء دورهم، لإخراج النّاس من الحالة هذه، لاستمرار البناء، لكن برأي سديد وعقل يقظ وعين حريصة.

ختاماً، برأيي الشّخصيّ، فتور العلاقات بين النّاس، معظمه ليس بأيديهم، إنّما يأتي تحسُّباً للقادم المجهول، الذي رسمه ذاك الوباء وآثاره السّلبيّة المتعدّدة.

(كورونا) أعطانا درساً قاسياً جدّاً، لكنّ ذلك، يجب أنْ لا يحول دوننا والنّاس من تلاقٍ، في انتظار عودة علاقاتنا الاجتماعيّة إلى طبيعتها ما قبل الوباء، رويداً.. رويداً، بإعادة التّفكير عميقاً، لنعود إلى بساطتنا وعلاقاتنا، التي عزّ نظيرها في بلدنا المعطاء.

الدكتور حسين الخزاعي اخصائي علم الاجتماع قال : هذه المصطلحات التي رافقت جائحة كورونا صنعت (حذرا) عند الناس، بسبب خطورة المرض وانتشاره السريع وعدم وجود لقاح وعلاج حتى اللحظة. نعترف ان تعامل الناس اصبح اكثر رسمية من علاقات كان مبالغا فيها وغير منظمة. اليوم اعادت كورونا تمسكنا بالعادات والتقاليد والقيم السليمة التي كانت تمارس بشكل خاطىء.

مثلا المصافحة في المآتم والافراح والتقبيل والتجمعات الكبيرة جدا والولائم التي كان مبالغا فيها تكاد تكون ماضيا اليوم لا نرغب بعودته طوعا وايضا حذرا وتصويبا.

أصنف (خوف) الناس اليوم، على انه حميدي، قد يفسر لدى البعض بأنه فتور، لكنه خوف مشروع اولا حتى يحمي الفرد نفسه وثانيا حتى لا يتسبب بإصابة غيره، لاسيما ان الاجراءات التي تتبع الاعلان عن اصابة تكاد تكون مخيفة لدى البعض كالحجر وعزل الاحياء . الناس اليوم حذرة وليست (فاترة) وهذا الخوف مشروع.

اليوم نحن ايضا امام مصطلح غاية في الأهمية وهو «التكافل الصحي» ، هذا المصطلح يعني ان على كل فرد الحرص ان يكون سليما والا يسبب لغيره المرض. الكاتبة مجد عدنان وهي متابعة نهمة للشأن المجتمعي قالت :

بعد مرور فترة ليست بالقليلة على تواجدنا الدائم بين جدران منازلنا محظورين بأمر حكومي جراء المخاوف الكبيرة من فايروس كورونا المستجد، عدنا من جديد لنمارس أنشطتنا المختلفة في الحياة و لكن هذه المرة كانت العودة ضمن شروط ! شروط قد يراها البعض مزعجة، والبعض الآخر ضرورة للتعايش مع هذا الوباء.

عن تجربة شخصية و بعد أن عدت لحياتي الطبيعية، لاحظت وجود تغيرات نفسية عند عدد لا بأس به من بعض الأشخاص من حولي، أو بالأصح قد تكون هي الأثر الرجعي أو ضريبة المكوث في المنزل، والتي جاءت الاسقاطات النفسية فيها منعكسة بوضوح على التعاملات بين الناس، فما بين برود في التعامل و الرغبة في الوحدة كانت هي اغلب النماذج التي أشاهدها من أمامي، وكأن البعض اعتاد فعليا على نمط الحياة بمعزل عن الآخرين واكتفى بنفسه و بالمقربين فقط، واقتنع بأن الآخرين هم مجرد كومبارس في حياته ولا داعي لأن تربطه بهم سوى ظروف المصلحة أو العمل.

قد يكون بشكل ابلغ عنوان هذه المرحلة هو « حياة مع وقف الألفة» ، فالحذر والتوخي فيما بيننا لم يقتصر فقط على إجراءات السلامة التي ينبغي ان نتبعها، بل إن الموضوع أخذ ابعادا أعمق اتجهت نحو الاكتفاء و التعامل مع الآخر بحسب ما تقتضي الحاجة ليس اكثر.

لكن بالنهاية لا داعي لأن نستغرب؛ فمن البديهي أن تترك تلك الأيام التي عشناها بعضا من الآثار النفسية على علاقاتنا الاجتماعية، علها تختفي شيئا فشيئا بمرور الوقت.

الدكتورة ناريمان عطية قسمت ردة فعل الناس بعد تخفيف الحجر معتمدة على سلوكيات انتهجها الناس الى قسمين ..

قسم اصابه الشوق الشديد وهو ذاته الذي اصيب بردة فعل عكسية نتيجة منع الاختلاط والتجمعات، ومن منطلق (كل ممنوع مرغوب) انطلق هؤلاء لعناق الاحبة ولقائهم دون تحفظ، والبعض دون تباعد، فزادت التجمعات والخروج من المنزل بل وقضاء وقت اطول خارج جدرانه، في الجهة المقابلة البعض اصيب بردة فعل عكسية، هؤلاء الذين اعتادوا عدم التواصل، بل زادوا التواصل الالكتروني، منتجين بذلك نظاما جديدا لطرق التعامل واساليب التواصل للتعبير عن العاطفة والمحبة.

ماذا عن العلاقات الزوجية ؟

هذه كغيرها تعرضت لرياح التغيير بسبب كورونا، فمن جهة افرزت علاقات زوجية زادت لقاء وتشاركية ومعرفة حقيقية للآخر، فيما سبب الازمة ذاتها، ازمات وعنف ومشاكل انجبت وحدة وتباعدا وفتورا تحت السقف الواحد.

كيف حدث ذلك، ببساطة الأمر كان رهين قبول الفرد لفكرة الحظر بل الوباء عموما وتغيراته التي فرضت نفسها على حياته.

21 يوما لاكتساب عادة و 33 يوما لتثبيتها

تزيد الدكتورة ناريمان عطية ان اي سلوك مكتسب او عادة يحتاج الانسان معها 21 يوما فكان من الطبيعي ان يغير الحظر عادات الناس، ومرور 33 يوما كفيل بتثبيت هذه العادة ومن ذلك امور النظافة والتعقيم والبقاء في المنزل وعدم الخروج مساء والتعامل مع الآخر بل التعامل مع حياة جديدة .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :